أكدت مصادر سياسية يمنية وجود خلافات حادّة بين المكونات السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة وتوزيع الحقائب الوزارية، وذلك في وقت يبدو فيه تنفيذ ما عرف باتفاق “السلم والشراكة” والذي فرضته جماعة الحوثي الشيعية بعد احتلالها عاصمة البلاد وسيطرتها على مقاليد الدولة، أمرا بعيد المنال لا في شقّه السياسي الذي قضى بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولا في شقّه الميداني والقاضي بإنهاء جماعة أنصار الله الحوثية احتلالها لصنعاء.
وأوضحت المصادر لوكالة الأناضول أن “أحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض لنظام الرئيس السابق على عبدالله صالح، الستة تتمسك بخيار منح المكونات السياسية الـ13 التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني حقيبتين وزاريتين، على أن يحتفظ الرئيس عبدربه منصور هادي بأربع حقائب سيادية هي الداخلية والدفاع والمالية والخارجية، في الوقت الذي يرفض ذلك حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وجماعة أنصار الله.
وأضافت المصادر أن هذه الخلافات أخّرت الإعلان عن تشكيل الحكومة اليمنية المقبلة.
وهدد تكتل أحزاب اللقاء المشترك المكون من ستة أحزاب إسلامية ويسارية وقومية بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة في حال الإخلال بمستوى تمثيل الأحزاب والمكونات السياسية الموقعة على اتفاق السلم والشراكة.
وأشار اللقاء المشترك في رسالة بعث بها إلى الرئيس هادي إلى أن تجاهل الشراكة الوطنية بالإصرار على التفاضل بين الأحزاب الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية يؤذن بفشلها سلفا.
تشكيل الحكومة هو المهمة الأصعب في ظل مطالبة الحوثيين بالوزارات السيادية
وكان الرئيس اليمني قد كلف في 7 أكتوبر الجاري، مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك بتولي منصب رئيس الحكومة، إلا أن جماعة الحوثي سارعت إلى رفضه. ويوم 12 من ذات الشهر كلف الرئيس هادي، وزير النفط الأسبق ومندوب اليمن لدى الأمم المتحدة خالد محفوظ بحاح، بتشكيل الحكومة. وأعلنت جماعة الحوثي موافقتها على ذلك.
وفي يوم سيطرتها على صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، وقّعت جماعة الحوثي اتفاق “السلم والشراكة” مع قوى يمنية أخرى، ومع الرئيس عبدربه منصور هادي، من أبرز بنوده تشكيل حكومة كفاءات خلال شهر، وتعيين مستشار لرئيس الجمهورية من الحوثيين وآخر من الحراك الجنوبي السلمي، وخفض سعر المشتقات النفطية. وتسيطر جماعة الحوثي الشيعية على المؤسسات الرئيسية في صنعاء، ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية إيران بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة. ورغم إزالتها خيام اعتصام في صنعاء، ما تزال الجماعة تنشر مقاتليها في العاصمة بعد توقيعها على الملحق الأمني لاتفاقية السلم، والذي ينص على سحب المظاهر المسلحة من صنعاء.
وتواصل الجماعة تمددها بقوة السلاح في مناطق جنوب اليمن، بعد استيلائها على صنعاء، وقبلها محافظة عمران، شمالي البلاد، ثم ميناء الحُديدة، المطل على البحر الأحمر، وبذلك أصبح بإمكان الحركة الحصول على إمدادات بالسلاح عن طريق البحر.
وتتصاعد المخاوف من اندلاع حرب طائفية بين تنظيم القاعدة والحوثيين، لاسيما مع تكرار هجمات القاعدة على الجماعة الشيعية.
وقد انقضى شهر كامل منذ التوقيع على اتفاق “السلم والشراكة” بين مختلف الأطراف السياسية اليمنية دون إحراز تقدم حقيقي على الأرض.
ووصف مراقبون الاتفاق بأنه حبر على ورق في ظل تمدد جماعة الحوثي عسكريا في عدد من المحافظات أبرزها الحديدة وحجة (غرب)، وإب وذمار (وسط)، في الوقت الذي مايزال مسلحوها منتشرين في شوارع العاصمة صنعاء، بعد شهر من توقيعهم على الاتفاق الذي يقضي بانسحابهم من صنعاء، ورفع مخيمات الاعتصام المسلحة داخلها وخارجها.
وعلى الجانب السياسي، تم بداية تسمية مستشارين للرئيس اليمني أحدهما من الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال وآخر من الحوثيين، كما تم تكليف خالد بحاح بتشكيل الحكومة الجديدة، وهي المهمة التي قد تكون الأصعب، في ظل رفع جماعة الحوثي لسقف مطالبها، ومطالبتها بوزارات سيادية.