- عرفات الرميمة:
يمكن القول إن الهوية صنو الوجود ورأسماله ، فلا يمكن أن يعيش الفرد - او المجتمع - دون أن يتعرف على هويته التي تمايزه وتميزه عن غيره . والهوية باختصار هي الذاتية و هي الإجابة عن السؤال الذي يطمح لمعرفة كل ذات : من انت في الحياة ؟ وماذا تريد منها؟ وهي ميزة إنسانية ، فالحيوان لا هوية له ، لأنه باختصار حيوان ، يعيش ليأكل ويأكل ليعيش ولا يمكن أن يخرج عن إطار هذه الدائرة المغلقة ليعرف من هو وماذا يريد.
أما الإنسان - فلأنه كذلك - فهويته تتحدد بمعرفته لنفسه والدور المناط به - كإنسان عاقل ناطق ومفكر - في الحياة ويتميز بها ولها ومن أجلها عن غيره من الذوات . ويمكن القول بأن الهوية - ولو بالمعنى الظاهري البسيط - هي الوجه الذي يميز ملامح كل شخص عن غيره من الوجوه أو هي مجموعة المعلومات الشخصية الموجودة ضمن الهوية الشخصية ، وبما أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش دون وجه يتعرف عليه الاخرون من خلاله ويميزه عنهم ولا يستطيع الحركة من دون امتلاك هوية شخصية تعرَفَ به لأنه سوف يشكل خطرا على المجتمع ، كذلك المجتمعات لا تستطيع أن تعيش من دون هوية تميزها عن غيرها. و الهوية - أو الذات - ليست شيئا جاهز الصنع، بل هي شيء دائم التكون عبر اختيار الأفعال -كما قال الفيلسوف الامريكي جون ديوي - فأفعال الإنسان هي التي تكسبه هوية محددة يستطيع أن يعيش بها وسط من يشبهونه شكلا - ويختلفون عنه مضمونا - ويتميز بها عن غيره وهذه الميزة هي جوهر الذاتية الإنسانية، لأن الحيوانات تتشابه شكلا ومضمونا ولا يمكن أن تميز أحدها عن الآخر في نفس القطيع ، فالإنسان بلا هوية مجرد حيوان لا أكثر ولا أقل.
وإذا أردنا أن نطبق تلك المفاهيم المنطقية على مواقف حزب الاصلاح، نستطيع القول: أن الحية التي تخلع جلدها كل عام - لدواعي فسيولوجية خاصة لأنه ضاق عليها ولم يعد يناسبها مكانا وزمانا - تشبه حزب الإصلاح الذي يخلع جلد ثوابته ويغيِّر مواقفه ويتلون مثل الحرباء طبقا للمكان والزمان الذي يعيش فيه وهو يظن - وظنه كله إثم - أن في ذلك حكمة تناسب السياسية ووسيلة قذرة للوصول إلى غاية أقذر منها ، فعندما يحكم الإخوان المسلمون ويركبون موجة الجماهير - كما حدث في مصر محمد مرسي وحكومة حزب النهضة في تونس وحكومة أردوغان في تْرَكِيَا -يستميت الإصلاحيون في الانتساب للإخوان ويعتبرون ذلك نسبا شريفا يقربهم من السلطة زلفا ويسبون ويشتمون من يحاول أن يوجه إليهم النقد البناء ، فمن ينتقد الإخوان هو من قوم لوط - كما صرح النائب الإصلاحي شوقي القاضي لإحدى الصحف المحلية في عام 2013 - وعندما يتم إقصاء الإخوان عن السلطة في مصر وتونس وصنفت الجماعة باعتبارها جماعة ارهابية لدى دول الخليج - ما عدى دويلة قطر - تبرأ حزب الإصلاح من الانتساب للجماعة وحاول أن يغيِّر تأريخه وأيديولوجيته شكلا ومضمونا كي ترضى عنه دول الخليج وتستمر في دعمها له في حربه ضد شعبه ووطنه . وبالتالي ما هي الهوية التي تميز حزب الإصلاح عن غيره ؟ وهل يمكن أن نسألهم : من أنتم ؟ وماذا تريدون؟ ومشروعية السؤال تأتي بعد أن أسقط الإصلاح عن نفسه الهوية الوطنية من خلال انتمائه للإخوان أولا - لأن الإخوان لُا يَؤَمٌنَوَنَ بُّهوَيَةِ وَطِنَيَةِ تْقًوَمٌ علُى أسِاسِ الُانَتْمٌاء للوَطِنَ كبقعة جغرافية وَانَمٌا يؤمنون بهوية عقائدية تتأسس على الولاء للجماعة في اي مكان تْوَاجْدِتْ فَيَه ـ وبالتالي تحددت هوية حزب الإصلاح باعتباره حزبا ينتمي للإخوان المسلمين وهذا ما عرف عنه منذ ظهوره كحزب في شهر سبتمبر عامٌ 1990مٌ .
وسقطت عنهم الهوية الوطنية بشكل واضح للمرة الثانية من خلال وقوفهم مع العدوان السعودي على اليمن قولا وفعلا ومشاركتهم في العدوان كطرف يقاتل الشعب اليمني في مختلف الجبهات وكمرتزقة في صفوف العدوان السعودي ، وبالتالي لم تعد هناك هوية لحزب الإصلاح، هو الآن حزب بلا هوية وطنية او ايديولوجية وهو يشبه مخلوقا بلا وجه ولا ملامح ومسخا مشوها فقد كل ملامحه بعد أن أحرقت السياسية ملامح وجهه القبّيح.
وأخيرا يمكن القول : ( وشهد شاهد من أهلها ) إن اعتراف اليدومي أن حزب الإصلاح ليسوا من إخوان المسلمين ، هو اعتراف شجاع وهو صادق فيما قال، لأن من يرضى أن يكون قوادا على أرضه وعرضه هو من إخوان الشياطين، مع الاعتذار للشياطين لأنهم يمتلكون هوية بخلاف الإصلاح. الذي فقد كل ما يربطه بالهوية وبالوطن أيضا .