في واقعة ربما يكون من شأنها أن تكون إحدى كبريات قضايا التخابر في تاريخ مصر، خاصة أنها تتصل بمستوى «رئيس دولة سابق»، أحال النائب العام المصري الرئيس الأسبق محمد مرسي و10 آخرين، إلى محكمة الجنايات في قضية تسريب وثائق «تمس الأمن القومي المصري، صادرة من جهات سيادية مصرية إلى دولة قطر من خلال قناة (الجزيرة) القطرية، والتخابر معها إبان توليه منصب رئيس الجمهورية، على نحو من شأنه الإضرار بالأمن القومي للبلاد».
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن مرسي «استغل منصبه، واستغل أسرار الأمن القومي، بمساعدة مدير مكتبه أحمد عبد العاطي، وسكرتيره الخاص أمين الصيرفي، وسلموها إلى المخابرات القطرية ومسؤولي قناة (الجزيرة) القطرية، عن طريق 8 جواسيس، نظير مليون دولار أميركي، تنفيذا لتعليمات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية».
وكان النائب العام قد كلف فريقا من أعضاء نيابة أمن الدولة العليا بكشف ملابسات جريمة اختلاس بعض وثائق الرئاسة وأسرار الدفاع والأمن القومي والتخابر مع دولة قطر، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق مرسي، وأوضح بيان صادر عن النيابة العامة أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن التحقيقات كشفت «عن وقائع مخزية، تمثل أبعاد أكبر مؤامرة وخيانة ارتكبتها جماعة الإخوان في حق الوطن عن طريق شبكة من الجواسيس». وأشارت التحقيقات إلى أن مرسي استغل منصبه كرئيس للدولة، في تعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف حساسة بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص. مؤكدة أنه «بعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس الأسبق بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري ومسؤولي قناة (الجزيرة)، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية، وأماكن تمركزها، وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي».
وبحسب ما أوردته التحقيقات، فإن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي، التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي (منتج أفلام وثائقية) وعلاء سبلان (أردني الجنسية – مراسل لقناة «الجزيرة» بالقاهرة)، وذلك عن طريق المتهمة أسماء الخطيب التي تعمل بشبكة أخبار «رصد» الإخوانية، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط إلكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي (مدير إنتاج بقناة «مصر 25» الإخوانية) وأحمد إسماعيل (معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا). وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم سبلان سافر إلى قطر، والتقى بمنتسبين لقناة «الجزيرة» وأحد ضباط المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وجرى الاتفاق على تسليم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار. ثم تسلم سبلان جزءا منه عبر شركة شهيرة لتحويل الأموال بعد أن جرى تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني (مضيف جوي بشركة مصر للطيران) بمطار الدوحة.
وتمكن جهاز الأمن الوطني من تنفيذ إذن النيابة العامة، وضبط المتهمين محمد عادل وأحمد علي وخالد حمدي وأحمد إسماعيل وكريمة الصيرفي، وتفتيش مساكنهم وضبط أصول الوثائق التي جرى اختلاسها، وعدد من أجهزة الاتصالات والحواسب المحمولة، ووسائط التخزين التي تحوي نسخا منها، ومعلومات عن جماعة الإخوان والتنظيم الدولي للجماعة، حيث أكدت تحريات هيئة الأمن القومي تورط الرئيس الأسبق محمد مرسي ومدير مكتبه وسكرتيره الخاص وبقية المتهمين في ارتكاب تلك الوقائع المشينة.