استعجلت جماعة الحوثيين التي تشنّ عصيانا في العاصمة اليمنية بالتزامن مع حرب تخوضها في محافظة الجوف أمس الإعلان من طرف واحد عن فشل جهود حلّ الأزمة، رغم أن تلك الجهود كانت قد بدأت منذ فترة قصيرة بتأطير من الأمم المتحدة ممثلة بمبعوث أمينها العام جمال بن عمر.
وأعلن المتحدث باسم جماعة أنصار الله “الحوثية” محمد عبد السلام أمس فشل المفاوضات التي جرت خلال اليومين الماضيين والتي قادها أمين العاصمة صنعاء عبد القادر هلال ومستشار الرئيس اليمني عبد الكريم الإرياني بتوكيل من رئاسة الجمهورية.
واعتبر مراقبون أن موقف جماعة الحوثي ترجم مسعى لإفشال الحل الذي بدأ يتبلور في غير صالحها بعد أن أعلنت القوى الإقليمية والدولية رفضها الصريح للخطوات التصعيدية الخطرة التي أقدمت عليها، حيث أدان سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية في اليمن، في بيان الدعوة العلنية للحوثيين لإسقاط الحكومة، محمّلة الجماعة مسؤولية تدهور الوضع الأمني بصنعاء، وعدم انسحابها الكامل من محافظة عمران شمال العاصمة، إضافة إلى اشتراكها في مواجهات الجوف المسلحة.
وحث السفراء، الحوثيين على التفاوض مع الحكومة اليمنية بحسن نية لحل الخلافات السياسية، مع تنفيذها لجميع الاتفاقيات التي توصلت إليها مع الحكومة.
ومجموعة الدول العشر هي بلدان مجلس التعاون الخليجي الستّ، إضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.
وقال عبد السلام لوكالة الأنباء الألمانية إن سبب فشل المفاوضات هو تدخل سفراء الدول العشر في ذلك الاتفاق.وأضاف أن “التدخل المباشر على مسار النقاشات من قبل سفراء الدول العشر أعاد المسألة إلى نقطة الصفر بعد أن تم اجتياز ما نسبته 80 بالمئة من النجاح، وبذلك تكون قد تجاهلت مطالب الشعب لتهيمن هي على إرادة البلاد والتدخل في شؤونه.. هي لا تريد أن تنجح قضية الشراكة الوطنية”.
وأكد عبد السلام استمرار جماعته في الخطوات التصعيدية التي ستكون مزعجة، مضيفا أنه في حال لجأت السلطة لاستخدام العنف مع المتظاهرين فلن يقفوا مكتوفي الأيدي، وقال : “السلطة هي المسؤولة عن جر البلاد إلى دائرة العنف في حال وجهت النار على المتظاهرين”. وتابع : “لن يتراجع الشعب عن مطالبه وأهدافه المتمثلة في إسقاط الحكومة وإلغاء رفع الدعم عن المشتقات النفطية إلى أن يتم تحقيقها”.
وتمثل هذه النقاط المطالب الرئيسية التي ترفعها جماعة الحوثي من خلال عصيانها في صنعاء، غير أن مراقبين يقولون إن للحوثيين مآرب تتجاوز بكثير المسائل المطلبية وتتصل بحسابات إقليمية إذ تُتهم الجماعة بالولاء لإيران وتنفيذ سياساتها في المنطقة، ومن ضمنها الإبقاء على اليمن بؤرة للتوتر وعدم الاستقرار بجوار منطقة الخليج.
وتحرص قوى إقليمية ودولية على إعادة الاستقرار إلى اليمن. ونشطت جهود تلك القوى لحماية العملية السياسية التي أطلقت بمقتضى المبادرة الخليجية وقطعت شوطا بتجاوزها مرحلة الحوار الوطني والشروع في وضع مؤسسات الدولة الفيدرالية. وفي هذا السياق أشرف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر على جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة اليمنية والحوثيين من أجل إخراج البلاد من الأزمة التي وضعتها على حافة الحرب الأهلية.
أما خليجيا فقد استقبل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني أمس في مقر الأمانة العامة بالعاصمة السعودية الرياض بمبعوثه إلى اليمن صالح بن عبدالعزيز القنيعير عقب عودته من صنعاء، حيث عرض عليه تقريرا بشأن آخر التطورات على الساحة اليمنية ونتائج لقاءاته هناك مع المسؤولين وسفراء مجموعة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية.
وشدد الزياني إثر اللقاء على أهمية مواصلة الجهود لمساعدة اليمن على تخطي الأزمة الراهنة والمضي في المسار السياسي الذي رسمته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مؤكدا حرص مجلس التعاون على تقديم كل الدعم لليمنيين في هذا الشأن.