شكلت الحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية على تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف فرصة ذهبية لصانعي الأسلحة الأميركيين لتحقيق أرباح خيالية.
ومع تواتر تصريحات المسؤولين الأميركيين مبشرين بطول أمد الحرب على داعش حتى أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق ليون بانيتا تنبأ باستمرارها لعقود، تبقى شركات الأسلحة الأميركية المستفيد الأكبر من هذه الحرب واستمراريتها.
وإزاء ذلك بدأت عديد الأصوات تتعالى متهمة «لوبيات» التسليح بدفع البيت الأبيض إلى تبني خيار إطالة أمد المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية رغم الأخطار الكبيرة المحدقة بالمنطقة لا فقط في سوريا والعراق.
ويعتبر هؤلاء أن ضعف الضربات الجوية التي تستهدف تجمعات تنظيم الدولة الإسلامية تعكس رغبة الإدارة الأميركية في تمطيط هذه الحرب، مستشهدين بما يحصل في مدنية عين العرب السورية (كوباني بالكردية) التي ورغم ضربات التحالف الجوية إلا أن تنظيم داعش نجح في بسط سيطرته على أكثر من أربعين بالمائة من المدينة الواقعة على الحدود السورية التركية.
وعن الفوائد التي تدرها الشركات الأميركية من هذه الحرب “الطويلة” يقول ريتشارد أبو العافية نائب رئيس مجموعة تيل غروب للاستشارات “إنها الحرب المثالية للشركات التي تتعامل مع الجيش وكذلك للمطالبين بزيادة الأموال المخصصة للدفاع”.
ذلك أن حملة الضربات الجوية على تنظيم “الدولة الإسلامية” تعني في الحقيقة نفقات بملايين الدولارات لشراء قنابل وصواريخ وقطع غيار للطائرات، وتؤمن حججا إضافية من أجل تمويل تطوير طائرات فائقة التقدم من مقاتلات وطائرات مراقبة وطائرات تموين.
إن ثمار هذه الحرب التي بدأت الشركات الأميركية تقطفها ظهرت جليا منذ إرسال الرئيس باراك أوباما لمستشارين عسكريين إلى العراق، حيث سجلت البورصة الأميركية ارتفاعا في أسهم شركاء البينتاغون الرئيسيين، ليتعزز ارتفاع الأسهم مع دخول الحرب على داعش مرحلة جديدة بالتدخل لدحر التنظيم المتطرف في سوريا.
ولتسليط الضوء أكثر على المرابيح التي حققتها الشركات الأميركية خاصة تلك التي تتعامل مع وزارة الدفاع، نجد أنه وخلال الثلاثة أشهر الأخيرة ارتفع سعر سهم شركة لوكهيد مارتن إلى 3،9 بالمئة، فيما ارتفعت أسهم رايثيون ونورثروب غرامان 8،3 بالمئة وأسهم جنرال دايناميك 3 بالمئة وللمقارنة، فإن مؤشر ستاندارد آند بورز لأكبر 500 شركة مالية أميركية تراجع خلال الفترة ذاتها 2،2بالمئة.
وتصنع لوكهيد مارتن التي حققت أرقاما هائلة في سوق البورصة بصورة خاصة صواريخ هيلفاير التي تجهز الطائرات بدون طيار القتالية “ريبر” وطائرات الجيش العراقي.
9.3 بالمئة نسبة ارتفاع سعر سهم شركة لوكهيد مارتن في البورصة
فيما أن شركة رايثيون فازت بعقد بقيمة 251 مليون دولار لتسليم البحرية صواريخ كروز من طراز توماهوك، وذلك بعد أيام قليلة على توسيع الضربات لتشمل الشهر الماضي سوريا.
ويتوقع المحللون العسكريون أنه ومع قرار البيت الأبيض تكثيف طلعاته في سوريا، فإن ذلك سيضاعف من إقبال المستثمرين على توظيف أموال في شركات القطاع الدفاعي.
وفي هذا الإطار اعتبر لورين تومسون من معهد ليكسينغتون والذي يقيم علاقات كثيرة مع الصناعات الدفاعية أن الشركات المتعاقدة الكبرى “أحوالها كلها أفضل بكثير مما كان الخبراء يتوقعونه قبل ثلاث سنوات”.
يذكر أن هذا الازدهار التي تشهده الصناعة الحربية الأميركية لا يعود فقط إلى العقود التي توقعها مع الحكومة الأميركية، بل كذلك إلى العقود التي أبرمتها أيضا مع بلدان أوروبية وعربية مشاركة في التحالف ضد تنظيم “الدولة الاسلامية”.
وفي إطار الحديث عن “الغنائم” التي يحققها القطاع الدفاعي الأميركي جراء الحرب على داعش والمتوقع أن تمتد لسنوات، نجد أيضا أن للشركات الأمنية الخاصة التي ازدهرت في ظل الاحتلال الأميركي للعراق نصيب كبير منها إذ يتوقع أن يفضي النزاع الحالي إلى عقود جديدة لدعم القوات العراقية وعناصر المعارضة السورية.
وفي نهاية المطاف، إن كان البنتاغون يستعد قبل عام لتخفيضات كبيرة في ميزانيته في أعقاب انتهاء الالتزام العسكري الأميركي في العراق وأفغانستان، فإن الحملة الجوية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في كل من سوريا والعراق يدفع باتجاه تغير المعطيات في واشنطن وول ستريت، خاصة وأن جميع المؤشرات تؤكد أن الحرب على داعش ستطول.
في المقابل يبقى المدنيون في سوريا والعراق الخاسر الأكبر من هذه المواجهة التي تقودها الولايات المتحدة في هذين البلدين.