أقدم مسلحون على تعكير أجواء التعايش في محافظة الأحساء شرق السعودية التي تقطنها مجموعة سكانية كبرى من السنة والشيعة، حيث أقدموا على قتل ستة أشخاص وإصابة 12 آخرين أثناء إحيائهم ذكرى عاشوراء بالقرب من حسينية شيعية في قرية الدالوة.
ووقع الحادث في وقت مبكر من ليلة الثلاثاء حيث أقدم ثلاثة أشخاص يركبون سيارة على إطلاق النار من سلاح رشاش على مسيرة تضم العشرات في القرية، ولاذ الأشخاص الثلاثة بالهرب في اتجاه طريق قطر الدولي.
وأظهرت تسجيلات مصورة بثت في مواقع للتواصل الاجتماعي جثة على الأرض وسط بركة دماء خارج مبنى وأناسا يتحركون مسرعين ويطلبون المساعدة.
وأظهر أحد التسجيلات المصورة رجلا يمسك ظروف الخراطيش عند مدخل في ما يبدو أنه مسجد للشيعة عليه آثار دماء.
وقال شهود عيان إن معظم الضحايا شبان كانوا يقفون أمام حسينية شيعية وهو مبنى يتجمعون في داخله لإحياء ذكرى عاشوراء.
وعلى الفور أعلنت السلطات الأمنية السعودية في بيان لها عن وقوع الحادث الذي استنفر كافة الخدمات الإسعافية بالمنطقة.
وأكد المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية في المملكة أنه تم إلقاء القبض على ستة أشخاص على خلفية هذا الهجوم الذي وصفه بأنه "جريمة إرهابية".
وجاء اعتقال الأشخاص الستة في عمليات أمنية متزامنة على علاقة بحادثة الأحساء في ذات المحافظة، وكذلك بمدينة الخبر التي تبعد عنها قرابة 200 كم ومحافظة شقراء بمنطقة الرياض، حيث داهمت قوات الطوارئ الخاصة بعضا من المحرضين المطلوبين للجهات الأمنية.
واستنكرت هيئة كبار العلماء السعودية، وهي المؤسسة الدينية الرسمية الأولى في البلاد، حادث الأحساء واصفة إياه بـ”الإجرامي”.
وقالت الهيئة إن ما حدث جريمة بشعة يستحق مرتكبوها أقسى العقوبات الشرعية لما انطوت عليه من “هتك للحرمات المعلومة بالضرورة من هذا الدين، وهتك لحرمة النفس المعصومة، وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة المواطنين الآمنين المطمئنين”.
ودعا بيان الهيئة إلى “تفويت الفرصة على أعداء هذا الدين وهذا الوطن الذين يطمعون في النيل من وحدتنا واستقرارنا”.
ولم تتبن أي جهة إلى حد وقت متأخر من مساء أمس استهداف الاحتفال الديني بالأحساء، إلا أن متخصصين في شؤون المجموعات المتشددة رجحوا أن يقف تنظيم “القاعدة” وراء الهجوم كرد فعل على ما يجري في المعارك ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا.
وقال مراقبون إن استهداف احتفالات شيعية بمناسبة عاشوراء يأتي في ظل حالة من التوتر المذهبي في المنطقة بعد سيطرة تنظيم “داعش” السني المتشدد على أراض في سوريا والعراق، لافتين إلى أن أحد أسباب قوة التنظيم وتوفره على مقاتلين من دول عربية وإسلامية مختلفة كونه يعتبر ردة فعل على تغول إيراني في المنطقة.
وأضاف المراقبون أن تدخل حزب الله في سوريا للقتال إلى جانب نظام الأسد، والتحاق ميليشيات عراقية بالحرب بزعم الدفاع عن “المراقد المقدسة، فضلا عن وجود خبراء أمنيين إيرانيين يديرون المعركة، كل هذا حول المعركة في سوريا إلى ما يشبه الحرب المقدسة بخلفيات مذهبية، وهو ما شجع مئات الشبان على الالتحاق بسوريا لـ”الجهاد” ضد الشيعة.
ونحا المراقبون باللائمة على إيران التي عملت منذ “ثورة 1979” على تغذية الصراع المذهبي، خاصة بعد حربها على العراق في 1980، وتحالفها مع الولايات المتحدة الأميركية لغزوه في 2003، والتدخل في شؤون البحرين واليمن، وتشجيع مجموعات تابعة لها على افتكاك السلطة بقوة السلاح.
يشار إلى أن محافظة الأحساء التي تحتضن عدة فرق ومجموعات سنية وشيعية لم تعتد على مثل هذه الحادثة، حيث تتعايش مذاهب: الحنبلية، والحنفية، والشافعية، والمالكية، والصوفية، والإسماعيلية، والجعفرية في ذات البقعة الجغرافية.
وكانت مدينة المبرز الشيعية شهدت أواخر 2011 قيام متطرفين بتخريب وسرقة لأحد المساجد.
وحاول متطرفون سنة وشيعة استغلال الحادثة لإحداث شرخ طائفي خاصة في ضوء تزايد حدة الاستقطاب لأزمات الشيعة والسنة خارج السعودية، التي يغذيها بعض من القنوات الإعلامية وعدد من الشخصيات الاعتبارية في المجتمع السعودي.