ـ تبدو نبرة خوف شديد في خطاب أمير قطر وهو يوجه الثلاثاء دعوة علانية إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي لحضور قمة المجلس المقرر عقدها في الدوحة في ديسمبر/كانون الأول. ويتأكد هذا الخوف مع تواتر التأكيدات من أكثر من مصدر على احتمال نقل اشغال القمة إلى دولة خليجية ثانية قد تكون المملكة العربية السعودية أو تأجيلها في نهاية المطاف، بسبب رفض بعض الدول الخليجية القطعي لحضور اشغالها مادامت الدوحة لم ثبت حسن نيتها ولم تبذل الجهد اللازم لتحسين العلاقات مع جيرانها الغاضبين من دعمها اللامحدود للإخوان المسلمين ومن سياساتها الإقليمية المثيرة للريبة.
وال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمة القاها أمام مجلس الشورى إن "تعميق أواصر الأخوة" بين دول مجلس التعاون الخليجي يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية لقطر.
وقالت مصادر خليجية مطلعة إن أمير قطر يأخذ بجدية بالغة احتمال سحب تنظيم القمة من بلاده لأن ذلك سيزيد من عزلتها الإقليمية والدولية، كما أن سحب التنظيم قد يكون مؤشرا واضحا لطبيعة ردود الفعل الخليجية المستقبلية ضد سلوك الدوحة غير القويم في علاقتها بجيرانها وهي ردود لن يكون لها سقف في قوتها ونسق تصاعدها بشكل سوف يعجز القطريون على الصمود أمامه.
وأضاف الشيخ تميم "وفي هذا الإطار فإننا نرحب بأشقائنا قادة دول المجلس في قمتهم التي تستضيفها دولة قطر خلال الشهر القادم."
وذكرت وسائل اعلام عربية في تقارير لها أن القمة الخليجية قد تتأجل أو تنقل إلى مكان آخر وهو أمر يقول المحللون انه سيضر بمكانة دولة قطر.
وقال دبلوماسي عربي في الخليج إن "الإمارات والبحرين لا ترغبان في الذهاب إلى الدوحة حيث يرأس الأمير (الشيخ تميم) الاجتماع بسبب اعتقادهما بأنه لم يبذل ما يكفي من جهد لحل الخلافات معهما."
وقال جين مارك ريكلي الاستاذ المساعد بقسم دراسات الدفاع في جامعة كينغز كوليدج لندن وهو مقيم في الدوحة "قد تكون هذه اخطر ازمة داخلية تواجه مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه."
ويقول مراقبون إن تغيير مكان عقد القمة الخليجية المقبلة أو تأجيلها ظهرت بوادره في تأجيل اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون قبل يوم.
والاثنين اجلت دول الخليج اجتماعا لوزراء خارجيتها كان يفترض ان يعقد في الدوحة ضمن التحضيرات للقمة الخليجية التي من المقرر ان تستضيفها العاصمة القطرية في كانون الاول/ديسمبر.
وكشفت مصادر دبلوماسية خليجية أنه تم إرجاء الاجتماع الوزاري الخليجي ، بـ "توافق خليجي" لحسم توقيت إعادة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر.
في حين قالت مصادر اخرى في الرياض إن تأجيل الاجتماع جاء بسبب "عدم وفاء قطر بالتزاماتها خاصة فيما يتعلق بالتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول ومنها البحرين والإمارات".
وأوضحت المصادر "أن هناك اقتراحات بأن تستضيف العاصمة الرياض ـ دولة المقر ـ القمة الخليجية المقبلة، حلا للغيابات التي ستحدث إذا انعقدت القمة في الدوحة خاصة من قبل البحرين والإمارات العربية المتحدة".
ويقول دبلوماسيون إن الاستعدادات للتجمع السنوي لدول مجلس التعاون الخليجي، أصبحت تشير الى وجود شقاق غير مسبوق بين دول الخليج العربية بسبب دعم الدوحة للإسلاميين خلال انتفاضات الربيع العربي.
وفي خطوة لم يسبق له مثيل استدعت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة سفراءها لدى قطر في مارس/أذار ولم تعدهم حتى الآن. واتهمت الدول الثلاث الدوحة بعدم الالتزام باتفاق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهم البعض.
وفشلت حتى الآن جهود أعضاء مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ايضا سلطنة عمان والكويت لحلّ الخلاف.
وتتهم هذه الدول الثلاث قطر بدعم الاخوان المسلمين وبالتدخل في شؤونها الداخلية فضلا عن تجنيس مواطنين بحرينيين.
ويقول مسؤولون خليجيون إن الدول الثلاث تريد من قطر أن تبتعد عن علاقاتها المنفردة مع الولايات المتحدة وأوروبا وأن تقطع علاقاتها مع تركيا ومع تنظيم الإخوان المسلمين، التي تعتبرها السعودية جماعة إرهابية ووقف مساعيها للتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول الأعضاء في المجلس.
وأن تقوم بخطوات إعلامية وسياسية ومالية تؤكد هذا الخيار.
وتقول قطر انها تدعم كل العرب وليس اعضاء الاخوان فحسب.
وتعتبر الدوحة من كبار ممولي الاخوان المسلمين في مصر ومجموعات اخرى تدور في فلك هذه الجماعة في دول اخرى، في حين تدعم السعودية وبلدان خليجية ادارة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ومع أن الدوحة قبلت بضغوط أميركية وبريطانية قبل مدة، وعملت على إبعاد عدد من قادة الإخوان إلى تركيا، إلا أنها ترفض ما تسميه "الوصاية السعودية" على دول الخليج، وكذلك "تغيير سياساتها إزاء عدد من الدول، ولا سيما مصر وليبيا".
وكانتمعلومات اشارت في ايلول/سبتمبر الى ان بعض قيادات الاخوان المسلمين في مصر غادروا الدوحة الى وجهة اخرى في ما بدا تجاوبا قطريا مع مطالب الدول الخليجية.
ولا يعني ان قطر رفعت الراية البيضاء وقررت التسليم بشروط دول مجلس التعاون لاستعادة العلاقة معها، حيث تعمل الدوحة على توسيع امبراطوريتها الاعلامية الضخمة في الخارج، وتوظف من أجلها الملايين وقد يكون ذلك ضمن مخطط للتصعيد الإعلامي ما يجعل الايام المقبلة حافلة بالمفاجآت الاعلامية والسياسية.
وفي تصريحات من المرجح أن تثير استنكار دول اصطفت ضد تنظيم الدولة الإسلامية قال الشيخ تميم إن قصف المتشددين في العراق وسوريا ليس حلا. وأضاف أن المشكلة لا يمكن حلّها عسكريا فحسب وإنما ايضا من الناحيتين السياسية والاجتماعية.
ويتوقع المراقبون ان تزداد عزلة الدوحة داخل مجلس التعاون الخليجي في الاسابيع والاشهر المقبلة بسبب مثل هذه التصريحات وغيرها من السلوكات والمواقف التي لا تخدم الاستقرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط.