- أصبحت المبادرة الروسية الخاصة بسوريا محور الدرس في أكثر من عاصمة دولية وخاصة في واشنطن وبعض العواصم الإقليمية مثل طهران وأنقرة، فضلا عن دمشق، خاصة أن المبادرة جاءت في وضع غلب عليه اليأس في الوصول إلى حل سياسي لإنهاء أزمة مرشحة للمزيد من التعقيد.
وناقشت زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا الجمعة هذه المبادرة، والتفاعل التركي الأميركي معها، فضلا عن شروط أنقرة لإنجاحها من عدمه.
وأكد عضو تيار بناء الدولة السورية المعارض نائل حريري في حوار مع “العرب” أنه لا يوجد في الأفق أي حل سياسي بغياب الأسد، وما تصرح روسيا وإيران بقبوله منذ عامين يتلخص في مرحلة انتقالية تقلص صلاحيات النظام لصالح حكومة وحدة وطنية مشكلة من كتل ثلاث، بمعنى آخر أن يكون لسوريا رئيسان: رئيس دولة ورئيس حكومة معارض لا يستطيع أحدهما عزل الآخر.
وأضاف حريري أن روسيا تعيد اليوم طرح الحلول بالطريقة ذاتها، وتدعو إلى مؤتمر “موسكو واحد” لجس النبض لا أكثر، في حين أن النظام ليس راضيا عن هذا التوجه، وكان من المفترض أن تكون زيارة وليد المعلم القادمة إلى موسكو بغرض إقناع الروس بعدم المضي في مناقشة تقليص الصلاحيات، أما الآن فالأسد نفسه سيتوجه إلى روسيا مطلع الشهر القادم.
ومن الجهة المقابلة، قال القيادي السوري المعارض إن أميركا وتركيا لا تريدان مرحلة انتقالية، وإنما الإطاحة بالأسد، لكن لا توجد خطط واضحة، وواشنطن لن تنزلق في معارك عسكرية لحساب مصلحة تركية.
واعتبر أن على حكومة داوود أوغلو أن تنضوي تحت جناح التحالف، لا أن يصبح التحالف غطاء وأداة لتحقيق المصالح التركية. كما أن حل الملف الإيراني هو الأهم لدى أوباما، ولن يضحي به لاسترضاء الأتراك.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية أمس إن قوات تركية وأمريكية ستقوم بتدريب ألفين من مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين في قاعدة في مدينة كيرشهر وسط تركيا في إطار الحملة على "الدولة الإسلامية".
نائل حريري: النظام ليس راضيا عن مبادرة موسكو
وبالنسبة إلى الدور المصري السعودي لفت حريري إلى أن كلا من القطبين الروسي والأميركي يستخدم وسطاء إقليميين لتمرير الرسائل إلى بعضهما (وعلى رأس هؤلاء الوسطاء السعودية ومصر وإيران)، إذ أن العلاقات المباشرة معدومة بين روسيا وأميركا من جهة، وبين أميركا والنظام السوري من جهة أخرى.
وأشار إلى أن اللقاء الروسي السعودي الأخير ليس إلا جزءا من الحفاظ على هذه العلاقة الوسيطة، خصوصا مع قناعة موسكو بضرورة تقديم ما يمكن طرحه على الطاولة.
وفي ما يخص المعارضة السورية الداخلية والخارجية في الحسابات الإقليمية للملف السوري أوضح نائل حريري أن الولايات المتحدة لا تعول على الائتلاف، بقدر ما هو ورقة ضغط سياسية.
ونوه المعارض السوري إلى أن الطرف الروسي أكثر واقعية، وأكثر قبولا بطروحات بعض المعارضة الداخلية السياسية التي تتحدث عن حل سياسي انتقالي فعلي يتضمن حكومة وحدة وطنية “حقيقية” دون اشتراط رحيل الأسد الآن.
وتوقع أنه إذا تلاقت المسارات الدولية في نقطة مشتركة، فعلى الأغلب سيكون هذا الحل هو المنتصر. وبالتالي ستتقلص صلاحيات النظام في المرحلة الانتقالية، ويفقد سيطرته على كل صغيرة وكبيرة، ويبدأ بالتهاوي لاحقا. وستكون حظوظ المعارضة الخارجية “الممثلة في الائتلاف” أقل مقارنة “بالمعارضة الداخلية” أو “الشخصيات المستقلة”.
وفي سياق متصل، قلل مراقبون من قدرة المعارضة السورية على المناورة في ظل تركيز الولايات المتحدة وحلفاء إقليميين على الحرب ضد تنظيم داعش.
واعتبر المراقبون أن وضع المعارضة ككل ضعيف بسبب اهتمام الداعمين الإقليميين بموضوع داعش، ومن ثمة سيكون مهما لها دعم مبادرة روسيا أو ديمستورا.
وكان الائتلاف الوطني المعارض وضع عددا من الشروط من أجل الموافقة على المبادرة التي طرحها ديمستورا، بتجميد القتال في حلب للتمهيد لاستئناف عملية سياسية.
وقال الائتلاف في بيان له إن خارطة الطريق لتلك الإجراءات يجب أن “تشمل إقامة مناطق آمنة، شمال خط العرض 35، وجنوب خط العرض 33، وفي إقليم القلمون، على أن يحظر فيها وجود قوات النظام وميليشياته”.
وتتضمن الإجراءات أيضا “فرض حظر للقصف الجوي، وحظر الميليشيات الإرهابية التي استجلبها النظام الأسدي.. وضمان وصول المساعدات الإغاثية لكافة المناطق المحاصرة، وإلزام النظام بعدم استخدام المدنيين رهائن مقابل مكاسب سياسية”.
"العرب اللندنية"