دافع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن استراتيجية إدارته لمكافحة الإرهاب التي تستخدم الطائرات دون طيار في توجيه ضربات إلى أهداف تنظيم القاعدة في اليمن، وقال إن البديل سيكون نشر قوات أميركية وهو أمر وصفه بأنه غير ممكن.
وأضاف في مؤتمر صحفي في نيودلهي “ليست من البراعة في شيء وليست بسيطة لكنها أفضل خيار لدينا”.
وكان أوباما قد أثنى قبل أربعة أشهر على اليمن ووصفه بأنه نموذج للشراكات “الناجحة” في محاربة الإسلاميين المتشددين. لكن الحكومة اليمنية المدعومة من واشنطن انهارت الأسبوع الماضي وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مقاليد السلطة.
وقال بعض المسؤولين الأميركيين إن الولايات المتحدة أوقفت بعض عمليات مكافحة الإرهاب ضد متشددي القاعدة في اليمن بعد سيطرة الحوثيين. لكنّ مسؤولين آخرين قالوا إن الوضع على الأرض مائع ووصفوا الإيقاف بأنه إجراء مؤقت لتقييم الأوضاع الفوضوية على الأرض.
ويبدو أن التقييم الأميركي للأوضاع اليمنية تأخر كثيرا، فضلا عن الانتقادات التي بدأت تتصاعد داخل الولايات المتحدة تجاه سياسات إدارة أوباما في الشرق الأوسط.
ويقول بول بونشيلي، في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية “إذا نظرنا إلى الجزيرة العربية وما يحيط بها فسنلاحظ أن الولايات المتحدة تخسر الحرب ضد المتشددين سواء كانوا سنة أو شيعة”.
وأضاف “نحن نواجه واحدة من أصعب الأزمات في الشرق الأوسط لأن سياسات البيت الأبيض ساهمت في حصار وإضعاف كل حلفائنا في المنطقة، ومنحت في الوقت نفسه كل الفرص لأعادئنا”.
ويعتبر اليمن الركن الأساسي في الحرب التي تشنها واشنطن ضد تنظيم القاعدة بالنظر إلى خطورته المتزايدة بعد تبنيه الاعتداء الدامي في 7 يناير على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة في باريس كما ارتبط بعدة محاولات لتفجير طائرات متوجهة إلى الولايات المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة تعتمد حتى الآن على الحكومة اليمنية لتقاسم المعلومات الاستخباراتية حول الفرع اليمني للتنظيم خصوصا وأن الحكومة أجازت لواشنطن شن غارات بواسطة طائرات دون طيار ضد زعماء في التنظيم بالإضافة إلى نشر عناصر من الوحدات الخاصة.
لكن الحوثيين باتوا يتمتعون الآن باليد العليا في الحرب ضد تنظيم القاعدة بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي كانت تنظر إليه واشنطن كحليف مهم في حربها على التنظيم، وحكومته.
كما تصاعدت الدعوات في جنوب اليمن مرة أخرى في اتجاه المطالبة بالانفصال، في خطوة مفاجئة ينظر إليها محللون أميركيون باعتبارها خسارة لحليف مهم في البلاد لصالح انزلاقها إلى الفوضى.
ويرى المحللون أنفسهم أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بات بعيدا جدا عن الهزيمة، وأنه يتمتع في الوقت الحالي بقدرة على الفعل تفوق تلك التي كان يتحرك داخل إطارها.
لكن أوباما أصر على أن الولايات المتحدة لم تعلق عملياتها لمكافحة الإرهاب في اليمن.
وأضاف “نحن مستمرون في ملاحقة الأهداف المهمة للغاية داخل اليمن وسنستمر في ممارسة الضغط الذي نحتاج إليه حفاظا على أمن الشعب الأميركي”.
وأوضح “ما أظهرناه هو أنه يمكننا الإبقاء على هذا النوع من الضغط على الشبكات الإرهابية حتى في ظل هذا المناخ الصعب”.
وتراجع واشنطن يعكس ارتباكا في التعاطي مع الموقف اليمني المتسارع. ولجأ كثيرون إلى تفسير هذا التراجع باعتباره عدم رغبة في التصدي لتحركات lميليشيات الحوثيين حتى لا يؤثر هذا الموقف على المفاوضات مع إيران.
ويرى بونشيلي أن إيران تتطلع إلى إحراز فوز مزدوج في “الحرب التي قرر النظام هناك شنها ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة منذ أكثر من 25 عاما”.
وقال “إن لم يستطع الكونغرس إيقاف اندفاع أوباما، فمن المحتمل أن تكسب طهران جولة المفاوضات الأخيرة، وهو المكسب الذي ستقابله على الجانب الآخر خسارة الحرب ضد داعش والقاعدة في اليمن”.