أقر مجلس الوزراء العراقي أمس مشروع قانون لإنشاء حرس وطني في خطوة أثارت مخاوف لدى العراقيين من أن تكون المؤسسة الجديدة بوابة لإسباغ الشرعية السياسية والقانونية على الميليشيات المتنافسة على أساس طائفي ومذهبي.
وتزامن مشروع قانون الحرس الوطني الذي أقرته الحكومة أمس مع تعديلات بدت شكلية على قانون اجتثاث البعث ما دفع إلى انسحاب الوزراء السنة من الجلسة.
وأشاد رافد جبوري المتحدث باسم رئيس الوزراء حيدر العبادي بإحالة مشروع القانون الخاص بالحرس الوطني إلى البرلمان ووصفه بأنه وسيلة لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد.
وسيكون الحرس قوة محلية من أبناء كل محافظة وستخضع لإشراف الحكومة الإقليمية ومن ثم رئيس الوزراء.
ويمنع المشروع، الذي ينتظر أن يعرض على البرلمان لإقراره، دمج الميليشيات في قوات الحرس الوطني، لكن متابعين لفتوا إلى أن الهدف من إنشاء هذا الجهاز كان استيعاب الميليشيات التي تم تكوينها بعد سيطرة داعش على عدة محافظات وانهيار الجيش.
ولا تخفي الحكومة أنها فكرت في إنشاء الحرس لإيجاد مدخل قانوني لرصد ميزانية تسمح بتمويل ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية التي تم التركيز على نشاطها في مواجهة داعش للتغطية على انهيار مؤسسة الجيش حتى بدت وكأنها بديل له.
وفيما تخطط الأحزاب الدينية المسيطرة على الحكومة لاستيعاب منتسبيها وأنصارها في الحرس الوطني، تمني العشائر السنية النفس بأن يمثل الجهاز الجديد فرصة أمامها لإدماج مقاتليها في مؤسسة أمنية تحت سلطة الحكومة بعد أن فشلت في تحقيق ذلك سابقا مع تجربة الصحوات.
وحذّر مراقبون من أن استيعاب الميليشيات أيا كان لونها قد يشرّع لمعارك مذهبية وطائفية تحت غطاء مؤسسات حكومية، وأن هذا يهدد بتكرار ما جرى في مجزرة بروانة التابعة لقضاء المقدادية التي راح ضحيتها 79 عراقيا لاعتبارات طائفية.
من جهة ثانية، قاطع الوزراء السنة جلسة إقرار مسودة مشروع حول تعديل قانون اجتثاث البعث، قائلين إنها ليست كافية.
وتطالب شرائح واسعة من الشارع العراقي بإنهاء الحظر المفروض على الأعضاء السابقين لحزب البعث الذي حكم العراق قبل الغزو الأميركي عام 2003 ومنعهم من العمل السياسي.
وأعرب الأعضاء السنة في الحكومة عن خيبة أملهم إزاء مشروع القانون الثاني.
وقال مهند حسام وهو سياسي ومساعد مقرب لنائب رئيس الوزراء صالح المطلك إن الإجراء الخاص باجتثاث البعث يعد كارثة.
وأضاف حسام “سيخلق هذا ضغوطا جمة على الشخصيات السياسية السنية داخل المجتمع”، مضيفا “تلقينا تعهدات واكتشفنا الآن أنها ليست حقيقية”.
وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد أعلن نهاية أغسطس عن اتفاق على إنهاء ملف الاجتثاث خلال عام وإحالته إلى القضاء، ودعا خلال اجتماع مع وفد من هيئة المساءلة والعدالة إلى تعديل القانون.