كشفت مصادر إعلامية أن المملكة العربية السعودية التي تشارك في التحالف الدولي للحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” المتشدد تحاول زرع جواسيس لها بين صفوفه في العراق وسوريا.
وقالت المصادر إن الرياض حاولت اختراق التنظيم منذ أن قام بنقل مسرح عملياته من سوريا إلى العراق واجتياحه لشمال وغرب البلاد في شهر أغسطس الماضي.
وعزز تولي رجل الأمن القوي ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد في السعودية، من جهود أجهزة الاستخبارات في البلاد والعمل على مد أذرع لها داخل التنظيم ضمن تحركات تهدف إلى استقراء خطواته المقبلة.
ويرجّح أن يتم توظيف الاختراق السعودي للتنظيم المتشدد لخدمة الجهود الدولية التي تتواصل من خلال شن هجمات على تنظيم الدولة الإسلامية. ولن يكون التعاون السعودي جديدا على العلاقات الأمنية التي تجمع الدول المشاركة في التحالف، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حينما كشف عن تبادل استخباراتي بين بلاده والسعودية أدى إلى حماية أرواح البريطانيين ومنع وقوع هجمات إرهابية داخل بريطانيا.
وقال كاميرون، الذي كان يرد على انتقادات وسائل إعلام بريطانية حول إعلان الحداد على وفاة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، “علاقتنا مع السعودية تتعلق جزئيا بأمور مثل محاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط ولكنّ لها ارتباطا حاسما بمكافحة الإرهاب”.
وتأتي محاولات زرع جواسيس بين مقاتلي التنظيم كرد فعل على هجمات الحدود امتد إلى الخارج بعدما عزّزت الحكومة السعودية قواتها على الحدود الشمالية بأكثر من 30 ألف جندي.
ولا يبدو أن الرياض ستكتفي بالإجراءات العسكرية التي اتخذتها لتعزيز الأمن على الحدود الشمالية، وهو ما أوضحه منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية لصحيفة “تايمز” البريطانية حينما قال “هناك حاجة للوصول إلى حلول استخباراتية عاجلة لهذا التهديد. الحدود تم تأمينها لكن السعودية مازالت تتطلع إلى استباق أي تحركات مستقبلية لتنظيم داعش تجاه أراضيها”.
ومنذ اجتياح تنظيم “الدولة الإسلامية” لمساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية، لم تتمكن أجهزة الاستخبارات العربية أو الغربية من فرض سيطرتها الأمنية على أي من الأراضي الواقعة في قبضة التنظيم.
وتدفّقُ المقاتلين الأجانب على البلدين كان سيتيح المجال أمام الأجهزة الأمنية في الغرب لاختراقه، لكن يبدو أن التركيب الهيكلي المعقد لتنظيم داعش مازال يصعب من إتمام هذه المهمة.
ويقول التركي “قيادة داعش تتكتّم على شخوصها وحركاتها، وذلك يحد من قدرتنا على اختراقها. حتّى الآن لم يتمكن أحد من توقع ما سيقدمون على فعله”.
وغادر أكثر من 2500 جهادي السعودية من أجل الانضمام إلى داعش. وأثار ذلك حالة من القلق داخل الأجهزة الأمنية السعودية، التي لجأت إلى تبادل المعلومات مع نظيراتها في الغرب من أجل تعقب هؤلاء خشية عودتهم مرة أخرى إلى البلاد.
ويتسق ذلك مع رؤية الكاتب السعودي علي المزيد الذي قال لـ”العرب” إن السعودية لن تتوقف عند حد التنسيق الأمني وإنما تقوم بجهود ومقاربات متعددة لمناهضة الإرهاب عبر اتفاقيات ثنائية ومتعددة وتعمل بشكل معلن ووثيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على تبادل معلومات ضمن تنسيق عالي المستوى بين عشرات الدول.
وأضاف أن “الرياض عملت بشكل سريع مع عدد من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لتقاسم المعلومات الاستخباراتية والعمليات المشتركة، تمخض عن ذلك توقيع اتفاقية لمجموعة عمل مشتركة في عام 2003 مع أميركا لمكافحة تمويل الإرهاب”.
وتعتقد الأجهزة الأمنية السعودية أن المشاركين في الهجمات التي وقعت الشهر الماضي على الحدود كانوا يرغبون بعد اختراقها في التواصل مع الخلايا النائمة داخل الأراضي السعودية. وكان المهاجمون يحملون أربعة أحزمة ناسفة احتياطية لم يتم استخدامها وهو ما لفت انتباه التركي الذي قال “إذا كان لديهم صانع قنابل محلي فلماذا يحضرون أحزمتهم الناسفة من الخارج”.
والقلق السعودي من هجمات محتملة ظهر بوضوح ضمن التغيير الوزاري الذي شهدته السعودية الأسبوع الماضي، والذي أسهم في استحداث لجنة سياسية وأمنية تحت إشراف الأمير محمد بن نايف الذي اكتسب خبرة كبيرة خلال الحرب التي حدت من قدرات تنظيم القاعدة في البلاد خلال العقد الماضي.