موجة عارمة من الإدانات استتبعت عملية إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وهي إدانات صدرت من مؤسسات وشخصيات إسلامية سعت إلى دحض الصلة بين فعلة داعش، وبين تعاليم الدين الإسلامي الذي ينكر ويحرم قتل النفس البشرية.
أدان علماء دين، من هيئات ومنظمات إسلامية متعددة، ما أقدم عليه تنظيم الدولة الإسلامية من حرق للطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا، وقالوا إن مثل هذا التصرف يستنكره الإسلام.
وكان مقطع فيديو نشره تنظيم الدولة الإسلامية أول أمس الثلاثاء قد أظهر من قال إنه الطيار الأردني المحتجز لديه معاذ الكساسبة وهو يعدم حرقا داخل قفص. وهو ما اقتضى رد الأردن الليلة الماضية على ذلك بإعدام متهمين مدانين من تنظيم القاعدة كانا صدر عليهما حكم بالإعدام.
وفي سياق سيل الردود والإدانات التي صدرت تفاعلا مع الحدث غير المسبوق، أصدر الأزهر بيانا يستنكر فيه “العمل الإرهابي الخسيس الذي أقدم عليه تنظيم داعش الإرهابي الشيطاني” في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال شيخ الأزهر أحمد الطيب في البيان ذاته إن القتلة أنفسهم يستحقون أن تنفذ فيهم “العقوبة التي أوردها القرآن الكريم لهؤلاء البغاة المفسدين في الأرض الذين يحاربون الله ورسوله أن يقتلوا أن يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف”.
من جهته أدان مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حرق وإعدام الطيار الأردني.
وأكد المجلس في بيان صدر الأربعاء أن الإسلام حرَّم الاعتداء على النفس البشرية بأي صورة من الصور، قال تعالى “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمًا”، و”لأن تُهدَم الكعبةُ حجراً حجراً أهون عند الله من أن يُراق دم امرئ مسلم”.
وأعرب المجلس عن حزنه العميق من إقدام هؤلاء الإرهابيين المفسدين في الأرض على هذه الفعلة الشنيعة الشيطانية من التمثيل بنفس بريئة بالحرق مما يستوجب ملاحقتهـم وتطبيق شرع الله فيهم “ذَلِكَ لَهُمْ خِـزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَـذَابٌ عَظِيـمٌ”.
مكافحة الإرهاب حق وواجب على الحكومات العربية من أجل ضمان حق الشعوب العربية في العيش بسلام وأمن
وحثَّ مجلس حكماء المسلمين كافة المنظمات الدولية على ضرورة التصدي لهذه الفرقة الضالة الباغية التي تعيث في الأرض فسادًا تحت راية الإسلام، والإسلام منها براء، والتي تهدد بفعلتها النكراء السلام العالمي الذي تنشده الإنسانية جمعاء.
وتقدَّم مجلس حكماء المسلمين بخالص العزاء والمواساة للملك عبدالله الثاني عاهل المملكة الأردنية الهاشمية وللشعب الأردني في “استشهاد” الطيار الأردني، داعيا الله العلي القدير أن يتغمَّده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يُلهم أهله الصبر والسلوان.
يشار إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية كان قد نشر فتوى على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تحلل حرق الكافر.
وقال رئيس الهيئة الشرعية للإفتاء والإرشاد الجنوبية وأحد قادة الحراك الجنوبي في اليمن الشيخ حسين بن شعيب “الطريقة التي تم بها إعدام الطيار الأردني الملازم معاذ الكساسبة لا يقرها الشرع والدين الإسلامي لأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن إحراق الإنسان بالنار”.
ومن جانبه أوضح مدير مكتب وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية في محافظة عدن الشيخ فؤاد البريهي “أن واقعة إعدام الكساسبة متعارضة ومتناقضة مع الشريعة والدين الإسلامـي الذي هـو دين رحمـة وخيـر”.
وقال سند حسين الباحث في الشؤون الإسلامية بمحافظة لحج بجنوب اليمن “لاشك أن هذا العمل الإجرامي مثل صدمة عميقة للحياة الإنسانية برمتها.. وهو، طبعا، لا يمثل أي قيمة للإسلام والمسلمين كما أنه يتعارض مع كل القيم الإسلامية والإنسانية النقية”.
التنديد العارم لجريمة داعش الذي هيمن على وسائل الإعلام لم يقتصر على المؤسسات الدينية الإسلامية، بل امتد إلى هيئات دبلوماسية ومنظمات حقوقية عربية وإسلامية متعددة، حيث أكد مندوب الكويت الدائم لدى الجامعة العربية السفير عزيز الديحاني أن موضوع مكافحة الإرهاب وصيانة الأمن القومي سيكون مطروحا بقوة على أجندة القمة العربية المقبلة في مصر بنهاية شهر مارس القادم في ضوء الاجتماعات والمشاورات التي استضافتها الجامعة العربية في هذا الشأن.
على كافة المنظمات التصدي لهذه الفرقة الضالة التي تعيث في الأرض فسادا تحت راية الإسلام، والإسلام منها براء
وقال الديحاني، في تصريحات للصحفيين الأربعاء إن هناك جهودا عربية واسعة ودراسات متخصصة حول هذه الظاهرة تقوم بها جميع الأجهزة المختصة في مكافحة الإرهاب وفي المجالات الأمنية، سواء وزارات الخارجية أو الداخلية أو الجهات المعنية في موضوع الإرهاب وذلك لمكافحة هذه الظاهرة الخطرة التي تشكل مأساة هذا القرن وتم للأسف لصقها بالدين الإسلامي والدين الإسلامي منها براء.
وأكد أن هذه الجرائم هي أعمال إرهابية وتتصف بالتخلف والجهل خاصة وأنها تستهدف الأبرياء والمدنيين وغيرهم في الدول العربية ولا تمت لأي دين بصلة، مشددا على أهمية الاجتماع التشاوري لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين لبحث الهجمات الإرهابية الأخيرة في سيناء ومقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد تنظيم داعش الإرهابي، خاصة وأن ظاهرة الإرهاب تفاقمت بشكل كبير.
وأعربت لجنة حقوق الإنسان العربية عن بالغ حزنها إزاء الجريمة البشعة التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحرق الطيار الأردني، مؤكدة أن الإرهاب يشكل أشد انتهاكات حقوق الإنسان جسامة.
وقال هادي بن علي اليامي رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية، إن ما تعرض له الطيار الأردني معاذ الكساسبة هو انتهاك مروع لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي اعتبر قتل الأسير جريمة حرب، ويتنافى مع أحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان التي كفلت الحق في الحياة والكرامة الإنسانية.
وأضاف اليامي أن الوقت حان لاستئصال شأفة الإرهاب الذي لن يتم دون تعرية الفكر الضال الذي تتخذه الجماعات الإرهابية منهجاً لها، واعتبر أنه لا يجب التسامح أو المهادنة مع الإرهاب وجرائمه، مشيرا إلى أن مواجهة الإرهاب تحتاج رؤية وجهودا مشتركين من دول الإقليم لإضافة إلى التعاون الدولي. وأوضح أن مكافحة الإرهاب حق وواجب على الحكومات العربية من أجل ضمان حق الشعوب العربية في العيش بسلام وأمن».