أعلن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر أمس إلغاء قرار كان اتخذه منذ أسابيع ونصّ على تجميد نشاط ميليشيا سرايا السلام الجناح العسكري للتيار الصدري الذي يرأسه، وهو القرار الذي لم يأخذه مراقبون على محمل الجدّ لما هو معروف عن الصدر من قرارات مشابهة لم تنفذ واعتبرت جزءا من مناوراته السياسية الهادفة إلى جلب الأضواء. وبرّر الصدر قراره الجديد بإشراك الميليشيا المذكورة في معركة السيطرة على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمال العراق والواقعة حاليا تحت سيطرة تنظيم داعش.
وطلب الصدر في بيان من الولايات المتحدة عدم المشاركة في معركة الموصل، فيما أغفل الحديث عن أي دور إيراني محتمل في المعركة. وعلّق عراقيون منتقدون للصدر على قراره بأن دافعه توقعه اقتراب معركة الموصل، وخشيته من البقاء على هامشها وترك زمام المبادرة فيها لميليشيات منافسة له.
كما وتّرت الدعاية الكثيفة لـ“دور إيراني ميداني كبير” في الحرب الأجواء المحيطة بمعركة صلاح الدين، وأثارت المزيد من المخاوف بشأن تحوّل الحرب على داعش في العراق بشكل رسمي إلى عملية غزو واحتلال إيرانيين للعراق.
ومنذ انطلاق حرب استعادة السيطرة على تكريت سارعت الآلة الدعائية والإعلامية الإيرانية، في إيران والعراق على حدّ سواء، إلى الإعلان عن وجود الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني بشكل ميداني على أرض المعركة.
ونشرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية مقالا تحليليا حذّر من احتمال أن تفضي العملية العسكرية في صلاح الدين إلى نتائج عكسية على الصعيدين السياسي والعسكري.
وقال كاتب التحليل حسن حسن، وهو مختص في شؤون الشرق الأوسط، إن هزيمة التنظيم لا يمكن أن تحدث دون السُنّة.
كما نبّه إلى أن ثمة إشارات على أن “العملية العسكرية تواجه مخاطر جمة” ومخاوف من أنها قد “تطلق العنان لموجة جديدة من الصراع الطائفي”. وشكك الكاتب في تصوير الحكومة العراقية للعملية على أنها جهد وطني تشارك فيه القوات الأمنية والآلاف من المقاتلين السنة. ووصف ذلك بالـ“خرافة”.
وقال إنّ القوات السنية المشاركة، بغض النظر عن أعدادها، لا تلعب دورا رئيسيا في المعارك، مشيرا إلى أن ميليشيات الحشد الشعبي هي التي تلعب دورا رئيسيا في العملية، ومذكّرا بما لتلك الميليشيات من سجل في انتهاكات حقوق الإنسان والتطهير العرقي والطائفي.
وانتهى بتحليله إلى أن تنظيم داعش سيستفيد من الهجوم على تكريت حتى لو خسر عسكريا طالما أن المنتصرين ميليشيات طائفية تتصرف بنفس أسلوبه. وقال إن هزيمة التنظيم في تكريت لن تساعد في الحرب بمدينة الموصل بل على العكس ستقنع المجتمعات السنية التي تعيش تحت حكم التنظيم أن البديل على نفس الدرجة من السوء.
وميدانيا بدا ما تحققه القوات المهاجمة من تقدم في صلاح الدين ضئيلا قياسا بالعدد الضخم للقوات المشاركة في القتال والذي تقدره مصادر عسكرية بخمسة وعشرين ألف مقاتل.
وقالت مصادر عراقية أمس إنّ قوات من الجيش والشرطة ومتطوعي الحشد الشعبي ورجال العشائر تمكنوا من السيطرة على مناطق في ناحية البوعجيل التي تعد واحدة من أهم معاقل داعش في المحافظة. ولم يبد إلى حدود الأمس أنّ الجهد الحربي الكبير نجح في انتزاع زمام المبادرة من مقاتلي تنظيم داعش المتشدّد والذين شنّوا صباح الأحد هجوما على مقرّ لميليشيات الحشد الشعبي ناحية دجلة قرب مدينة سامراء مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الجانبين سقط خلالها أربعة قتلى بينهم القيادي بـ”سرايا عاشوراء” أحمد الحسني، قبل أن ينجح المهاجمون في الانسحاب.