أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا مصممة أكثر من أي وقت مضى على استخدام حقها في "الدفاع عن النفس" بعد تفجير أنقرة الذي راح ضحيته 28 شخصا.
وقال أردوغان في بيان: "تصميمنا على الرد بالمثل على الهجمات داخل وخارج حدودنا يزداد قوة مع هذه الأعمال، يجب أن يكون معلوما بأن تركيا لن تتردد في استخدام حقها في الدفاع عن النفس في أي وقت وأي مكان وأي مناسبة".
وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء إن داوود أوغلو ألغى زيارة كانت مقررة إلى بروكسل الخميس، كما أجل الرئيس أردوغان زيارته المرتقبة إلى أذربيجان.
إلى ذلك، أشار مسؤول أمني تركي رفيع المستوى إلى أن المؤشرات الأولية تؤكد مسؤولية حزب العمال الكردستاني عن التفجير ، إلا أن مصادر أمنية منفصلة جنوب شرق تركيا ذات أغلبية كردية قالت إنها يعتقد أن "داعش" هو المسؤول عن التفجير، ولم تتبن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير.
وشهدت العاصمة التركية أنقرة مساء الأربعاء تفجيرا بسيارة مفخخة استهدف حافلة عسكرية تقل جنودا أتراكا في ساحة "كيزيلاي"، راح ضحيته 28 شخصا على الأقل، وأصيب 61 آخرون.
وصرح المتحدث باسم الحكومة التركية نائب رئيس الوزراء، نعمان قورتولموش بأن عدد ضحايا التفجير الذي وقع وسط العاصمة التركية أنقرة ارتفع إلى 28 قتيلا.
وكانت وزارة الداخلية التركية قد أعلنت في وقت سابق بأن 18 شخصا قتلوا وأصيب 45 آخرون بجروح إثر تفجير استهدف حافلة عسكرية تقل جنودا أتراكا بساحة "كيزيلاي" وسط أنقرة.
إن تركيا لا تستطيع إجراء هذه العملية من جانب واحد. وحتى إذا قامت بتنفيذها، فعليها أن تحصل على موافقة مسبقة من الولايات المتحدة وحلف الناتو. ولكن الطرفين الأخيرين بالذات لا يمكنهما أن يلعبا لصالح خطط أردوغان في الشرق الأوسط، لأنهما ببساطة يعرفان طموحاته السياسية من جهة، وقلقان من رعونته السياسية من جهة أخرى. إضافة إلى أن لديهما خططهما الأكبر من تركيا ومن أردوغان نفسه، والتي لا يدخل فيها لا أنقرة ولا أردوغان.
لقد أعلنت واشنطن أنها لا تخطط لإرسال قوات برية إلى سوريا. ونفت امتلاكها أي معلومات بشأن تحضير أنقرة لعملية برية في سوريا. وشدد مجددا على أن استراتيجية الولايات المتحدة لا تزال تكمن في توجيه ضربات جوية ودعم قوى محلية. ومع ذلك فالولايات المتحدة ليس لديها أي ضمانات لكبح جماح المغامرات السياسية والعسكرية لأردوغان، وإن كانت لا ترفض أن يقوم بين الحين والآخر باستفزاز موسكو أو تنفيذ عمليات صغيرة تعادل حجمه السياسي والعسكري.
في هذا الصدد تحديدا، هناك رؤية سياسية تكاد تكون صائبة. هذه الرؤية تدور حول إمكانية أن يقوم أردوغان بعملية عسكرية برية محدودة في شمال سوريا لتبرير وجوده السياسي وتصريحاته الإعلامية وإقناع الرأي العام التركي بأنه حاكم قوي. وأيضا من أجل إسكات المعارضة التي أصبحت تشعر بالخطر على بلادها من مغامرات رئيس حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي المحافظ الذي يتبنى رؤى وخططا وطموحات تهدد أمن تركيا وشعبها. ولكن مثل هذه العملية العسكرية قد تكون بداية النهاية لمستقبل أردوغان السياسي وانهيار حزبه الذي يتعاون مع الكثير من المنظمات والتنظيمات الدينية التي يتبناهما ويدعهما تحت غطاءات ودعاوى كثيرة، منها القومي ومنها الديني، ومنها الوطني أيضا.
وفي حقيقة الأمر، فمع مسار حوارات جنيف، تدور حوارات أخرى جانبية وخلف الأبواب المغلقة حول كافة الاحتمالات. ولكن هناك انطباعا بأن الحديث عن اجتياح عسكري بري للأراضي السورية سابق لأوانه. وعلى الأرجح، يمكن أن يحدث هذا الاجتياح فقط في حال تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من وضع خطوط تقسيم ما على الأرض، وإجراء خطط عاجلة بإعادة اللاجئين إلى مناطق محددة أو التلاعب بورقة اللاجئين عموما. في هذه الحالة فقط يمكن الحديث عن دخول قوات برية تحت مسميات عديدة لحماية المواطنين أو الأقليات أو مكافحة الإرهاب أو لأي أسباب أخرى. ولا يمكن هنا أن نتجاهل أو نتناسى رغبة أنقرة الجنونية في إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، وهو ما يستلزمه إقامة منطقة حظر جوي. ومثل هذا التصريح صدر أكثر من مرة على لسان مسؤولين أتراك وغربيين، وصدر أيضا يوم 17 فبراير الحالي على لسان نائب رئيس الوزراء التركي الذي قال إن بلاده تريد إنشاء منطقة عازلة آمنة مع سوريا بطول 10 كيلومترات تشمل بلدة أعزاز.
في كل الأحوال، سيكون تنفيذ أي عمليات برية في سوريا، سواء كانت محدودة في الشمال بقوات تركية وأخرى عربية داعمة لها، أو تشمل مناطق أخرى في سوريا تحت غطاء التحالف الأمريكي، نهاية لمستقبل أردوغان السياسي. هذا في حال تم ذلك قبل تحديد الخطوط الفاصلة على الأرض والتي، كما يبدو، تشكِّل العمود الفقري لخطط الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن أي تحرك متهور من جانب أردوغان سيضر بخطط واشنطن، لأنها هي وحلفاؤها الأوروبيون باتوا يشعرون بأن أردوغان أصبح يشكل عبئا ثقيلا عليهم. وبالتالي، ليس من المستبعد أن يكون هو كبش الفداء لتنفيذ أي عمليات برية في سوريا على المدى القريب.