لا تُخفي الولايات المُتحدّة الأمريكيّة قضية تحالفها الإستراتيجيّ مع إسرائيل، ودعمها غير المُتوقّف لضمان تفوقها العسكريّ في منطقة الشرق الأوسط. وغنيٌ عن القول في هذا السياق إنّ الرئيس الأمريكيّ المُنتهية ولايته، باراك أوباما، صادق على تقديم معوناتٍ ماليّةٍ للدولة العبريّة بقيمة 38 مليار دولار للعقد القادم، وهذه أعلى ميزانيّة مُساعدات تُقدّمها واشنطن لتل أبيب، لا بلْ لجميع الدول الحليفة معها.
وقبل عدّة أيّام، تسّلم سلاح الجوّ الإسرائيليّ أوّل سرب طائرات أمريكيّة من طراز (F35)، والتي يُطلق عليها اسم “الشبح”، وهي الطائرة الحربيّة الأكثر تطورًا وتقدّمًا في العالم قاطبةً. وللتدليل على عمق الدعم العسكريّ الأمريكيّ الإستراتيجيّ لإسرائيل، يكفي الإشارة في هذه العُجالة إلى أنّ المُقاتلة المذكورة، تُستعمل فقط من قبل سلاح الجوّ الأمريكيّ، والآن باتت إسرائيل أيضًا تملكها.
ومع ذلك، يبدو أنّ تل أبيب تُحاول إخفاء معلومات “حساسّة” عن مُواطنيها بالدرجة الأولى، وعن دول العالم بالدرجة الثانيّة. وفي هذا الإطار، كشف موقع (ISRAEL DEFENSE)، المُتخصص في الشؤون العسكريّة والأمنيّة، كشف النقاب عن وجودٍ بندٍ سريٍّ في موازنة الولايات المُتحدّة يتعلّق بالتحالف بين تل أبيب وواشنطن في مجال سلاح البحريّة، وتحت عنوان: هل تحولّت إسرائيل إلى ميناءٍ بيتيٍّ للأسطول الأمريكيّ كوزنٍ موازٍ للتواجد الروسيّ في ميناء طرطوس السوريّ؟ قال الموقع، نقلاً عن مصادر إسرائيليّةٍ رفيعةٍ، إنّ قانون موازنة الأمن في واشنطن شمل بندًا لم يكتشفه الجمهور الإسرائيليّ، ويتعلّق بالتواجد العسكريّ الأمريكيّ في الموانئ الإسرائيليّة.
وتابع أنّ القانون المذكور يشمل بندًا جاء تحت عنوان: “المصادقة على ميزانيّة معونات أمريكيّة لإسرائيل”، أكّد فيه المُشرّع الأمريكيّ على أنّ الأمر يتعلّق بالدعم الماليّ للحصول على منظومات الدفاع الإسرائيليّة- الأمريكيّة المُشتركة والمُسّماة “الصولجان السحريّ”.
وفي هذا السياق، قال خبير الشؤون العسكريّة في صحيفة (معاريف) العبريّة، يوسي ميلمان إنّ مشكلة هذه المنظومة تكمن في تكلفتها الباهظة، والتي ستُشكل رادعًا أمام الإسراف في استخدام صواريخها، وحصرها على الدفاع الجوي أمام منشئات حساسّة، بحسب تعبيره.
وأضاف أنّ تكلفة الصاروخ الواحد من صواريخ هذه المنظومة يبلغ قرابة مليون دولار، وذلك مقارنة بصاروخ القبة الحديدية الذي يبلغ 70 ألف دولار، ما يُحوّل هذه المنظومة إلى مكلفة جدًا من الناحية الاقتصادية، وغير قادرة على مواجهة التحديات التي تتعرض لها إسرائيل، وبشكلٍ خاصٍّ، تهديدات الصواريخ متوسطة المدى.
ولفت الخبير ميلمان إلى أنّ التحدي الآخر يكمن في القدرة على إسقاط كلّ هذا الكم الهائل من الصواريخ، المُتوقّع سقوطها على العمق الإسرائيليّ في حال اندلاع حربٍ جديدةٍ مع حزب الله، بحسب قوله.
وأضاف موقع (ISRAEL DEFENSE)، إنّ الاطلاع أكثر على القانون الأمريكيّ الجديد بدقّةٍ أكثر يؤكّد على أنّ هناك بندًا فيه يتحدّث عن موازنةٍ خاصّةٍ لاستضافة سفنٍ حربيّةٍ أمريكيّةٍ من أسطول الولايات المُتحدّة في الموانئ الإسرائيليّة، علاوة على تخصيص الموارد الماليّة لما أطلق عليه القانون اسم القدرات العلميّة في المجال البحريّ.
ولفتت المصادر في تل أبيب، بحسب الموقع الإسرائيليّ، إلى أنّ القانون الأمريكيّ جاء مُتزامنًا مع ازدياد التواجد العسكريّ الروسيّ في ميناء طرطوس السوريّة، والتي تبعد عن ميناء حيفا حوالي 200 كم.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، جاء في البند المُتعلّق بالموازنة الأمريكيّة لمُساعدة إسرائيل أنّ واشنطن تدفع لتل أبيب مصاريف تمّ تخصيصها من قبل الحكومة الإسرائيليّة لدفع تكاليف التدريبات البحريّة التي تُشارك فيها الدولة العبريّة، إنْ كان مع الأسطول الأمريكيّ، أوْ مع أساطيل أخرى غربيّة، طبعًا بوجود الأمريكيين في المنطقة، بحسب تعبير البند الذي ورد في ميزانية الولايات المُتحدّة؟
وذكر الموقع أنّ بندًا ثانيًا ورد في الميزانية وتحدّث عن زيارات لسلاح البحريّة الإسرائيليّة في الولايات المُتحدّة. وشدّدّ الموقع في ختام تقريره على أنّه من المعروف أنّ السفن الأمريكيّة ترسو بين الحين والآخر في الموانئ الإسرائيليّة، ولكنّ إدخال المسألة في ميزانية الأمن الأمريكيّة، وبشكلٍ سريٍّ، ربمّا يؤكّد على أنّ هذه الزيارات، أيْ الأسطول الأمريكيّ لإسرائيل، ستزداد كثيرًا في الفترة القريبة القادمة، علما أنّ سرين معول هذا القانون سيستمّر لمدّة خمس سنوات قادمة، بحسب الموقع الإسرائيليّ.