قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بدلاً من أن يدشّن عهده الجديد بالإصلاحات بادر إلى إطلاق حملة قمع جديدة ضد معارضيه هي الأسوأ بتاريخ مصر الحديث، ما يدلّ على ضعفه في ظل تنامي المعارضة له بالمؤسسة العسكرية.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيّتها أن السيسي -كجزء من بادرة أمل ضعيفة- أفرج عن أحمد عطيوي، أحد أمريكيين اثنين مسجونين ظلماً في مصر، وذلك بناءً على طلب من مايك بينس، نائب الرئيس الأمريكي.
وبدلاً من أن يتبع هذه الخطوة بخطوات أخرى تُحقق مطالب الإصلاح، أطلق موجة اعتقالات جديدة شملت مدوّنين وناشطين مستقلين بالبلاد.
ومن بين أشهر المعتقلين في الحملة الأخيرة المدوّن المصري وائل عباس، الذي حاول منذ أكثر من عقد لفت الأنظار إلى الانتهاكات التي تنفّذها الشرطة ضد حقوق الإنسان، واعتُقل من منزله، في 23 مايو الماضي، دون مذكرة اعتقال، بالإضافة لاعتقال شادي الغزالي، وهو طبيب وناشط ليبرالي، والمصوّر والمدوّن شادي أبو زيد.
ووُجّهت لوائل عباس وعدد من المعتقلين الآخرين تهم بمساعدة منظمة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وكان من بين المعتقلين طالب دكتوراه في جامعة واشنطن كان يعدّ لدراسة حول حكم القانون في مصر، بالإضافة إلى اعتقال صحفيين ورئيس منظمة لحقوق الإنسان.
ولم تسلم النساء من حملات الاعتقال، إذ اعتُقلت أمل فتحي، الممثّلة السابقة وزوجة أحد نشطاء حقوق الإنسان، وذلك بعد منشور لها على “فيسبوك” احتجّت فيه على التحرّش الجنسي الذي تعرّضت له، ليتم اقتحام منزلها بعد يومين من الشرطة واعتقالها.
وتقول واشنطن بوست إنه في الوقت الذي تزعم فيه حكومة السيسي أنها تحارب “المتطرّفين الإسلاميين” وتنظيم الدولة، تراها تعتقل نشطاء ليبراليين وعلمانيين عُرفوا بدعم الديمقراطية.
في الحرب العسكرية التي تخوضها الحكومة المصرية في سيناء ضد مقاتلي تنظيم الدولة كان الفشل السمة الأبرز لها، فعلى الرغم من استخدام الجيش المصري لأساليب وحشية فإن الحملة لم تحقّق أهدافها، وهناك خشية من أن تأتي زيادة حجم القمع ضد أهالي سيناء من البدو بنتائج عكسية.
وذلك ما أشار إليه إسماعيل الإسكندراني، الباحث السابق في مركز يلسون، الذي اعتُقل بالعام 2015 بتهمة نشر خرائط تخصّ القوات المسلحة، ونهاية الشهر الماضي، وبعد عامين ونصف العام من الحبس الاحتياطي، حُكم عليه بالسجن عشر سنوات.
وتؤكّد الصحيفة أن تصرّفات السيسي تدلّ على ضعفه، خاصة أن الدعم لنظامه يتضاءل باطّراد، كما أن المعارضة تتنامى داخل المؤسسة العسكرية.
وكان هشام جنينة، الرئيس السابق لمكتب مكافحة الفساد، قد حُكم عليه بالسجن خمس سنوات؛ بعد أن قال إن بحوزته وثائق تُجرّم كبار القادة.
نائب الرئيس الأمريكي اتّصل بالسيسي وشكره على إطلاق سراح عطيوي، ولكن لا يبدو أن لهذه المكالمة أي تأثير، فالسيسي يدرك جيداً أن دونالد ترامب لا يهتمّ كثيراً بملفّ حقوق الإنسان، وهذا يعني أن حملات القمع لن تجد لها صدى داخل واشنطن، ولكن ما يمكن تأكيده أن الرئيس المصري يدّخر الكثير من المتاعب لنفسه، وفي النهاية لن يكون قادراً على تحمّلها. (الخليج اونلاين)