يعود الحراك النيابي لإخراج القوات الأجنبية من العراق إلى الواجهة مجدّداً، مع بداية الفصل التشريعي الثاني. وفي مقابل هذا الحراك، يواصل الأميركيون تمدّدهم في محافظة الأنبار، في ظلّ إنشائهم قاعدتين عسكريتين جديدتين، على الخط الدولي الرابط بين بغداد والعاصمتين السورية والأردنية، ضاربين عرض الحائط بمطالبة القوى السياسية بخروجهم. أما الحكومة الاتحادية، فتغيب عن التعليق سلباً أو إيجاباً على خطوة تحمل صبغة احتلال جديد.
أنهى البرلمان العراقي إجازة فصله التشريعي الأول، ليبدأ العدّ العكسي أمام القوى السياسية المناوئة لواشنطن لإثبات جديتها في إقرار قانون إخراج القوات العسكرية الأجنبية، وتحديداً الأميركية، من بلاد الرافدين. وهو قانون تبدو إمكانية سلوكه طريقه إلى التنفيذ مرهونة بقدرة تلك القوى على فرض شروطها على واشنطن وحلفائها المحليين. وفي انتظار ما سيؤول إليه الاشتباك المرتقب تحت قبة البرلمان، يواصل الأميركيون تمدّدهم العسكري في المحافظات الغربية، على رغم إعلان الحكومة الاتحادية المتكرر أنه ما من «قواعد عسكرية خالصة للأميركيين»، بل وجود استشاري فقط لا يتجاوز عشرة آلاف جندي، ضمن القواعد العسكرية التابعة للقوات العراقية.
مصادر «الحشد»: الأميركيون يسعون إلى الإمساك بالخط الدولي لأنه يسهّل مراقبة «خط امتداد محور المقاومة: طهران ــ بغداد ــ دمشق ــ بيروت» (تصميم: سنان عيسى)
لكن المؤكد، وفق مصادر متعددة (رسمية وغير رسمية)، أن الحد الأدنى لتلك القوات يتجاوز عشرة آلاف جندي، موزعين على 13 قاعدة عسكرية، أضيفت إليها أخيراً قاعدتان في محافظة الأنبار، وتحديداً على مشارف المثلث الحدودي العراقي ـــ السوري ـــ الأردني. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن إحداثيات هاتين القاعدتين هي على النحو الآتي:
1- القاعدة الأولى: 33°04›34.0»N 39°35›43.2»E، أو ما يُعرف سابقاً بـ«مطار H3»، تقع شمالي الخط الدولي الرابط بين بغداد ودمشق.
2- القاعدة الثانية: 32°55›37.4»N 39°44›49.1»E، تقع جنوب القاعدة الأولى، وتحديداً جنوبي الخط الدولي الرابط بين بغداد وعمّان.
وكانت وسائل إعلام محلية قد ذكرت أن القوات الأميركية تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية ثابتة بالقرب من المثلث الحدودي العراقي ـــ السوري ـــ الأردني، مضيفة أن آليات نقلت أسلحة ومعدّات من الأردن باتجاه الأراضي العراقية لإنشاء قاعدة تشرف على هذه المناطق. ونقلت وسائل الإعلام نفسها عن مصادر عسكرية عراقية أن القوات الأميركية تصول وتجول بالقرب من الحدود العراقية ـــ السورية، ولها قواعد عسكرية في مناطق مختلفة من صحراء الأنبار الغربية، غير أنها تطمح إلى إنشاء قاعدة عسكرية كبيرة تكون مجهّزة بأنظمة عسكرية متقدمة، لافتة إلى أن «حكومة الأنبار المحلية غير معنية برفض هذه القاعدة أو قبولها، لأن جميع الاتفاقيات تُبرم مع الحكومة المركزية والجانب الأميركي».
ووفقا للأخباراللبنانية، فإن القاعدة الأولى بدأ تشغيلها بالفعل، وتحديداً جهتها الغربية. أما الثانية، فإن العمل جارٍ على تجهيزها. وتؤكد مصادر ميدانية مطلعة لـ«الأخبار» أن «الأميركيين أنشأوا قاعدتين جديدتين في منطقة الرطبة، إلا أنه ـــ حتى الآن ـــ وبعد المراقبة، لا يبدو أن وجهة استخدامها ستكون للطائرات الحربية»، مضيفة أن «القوات الأميركية تتردد إليها في الفترة الحالية، ويبدو أن مشروعاً يُعَدّ هناك». وفي السياق عينه، تلفت مصادر قيادية في «الحشد الشعبي» إلى أنْ ليس هناك أي «حراك جدي على الأرض، والحركة هي حركة أرتال عسكرية فقط»، متابعة في حديثها إلى «الأخبار» أن «الحشد تحرك في تلك المناطق مع بدء الحراك الأميركي هناك»، مشيدة بجهود «استخبارات الحشد» التي تراقب «القواعد الـ13 بكثافة». وتقول: «لدينا تسجيلات مصورة عن تحركاتهم يومياً، وتقرير خاص عن الوجود العسكري الأميركي في البلاد».