يبدو أن المصالح الإماراتية السعودية في الأراضي اليمني بدأت تتداخل فيما بينها لتكشف عن صراع تتصاعد حدته بين الحليفتين مع اتساع دائرة أطماعهما ، وهو ما سبب باطالة أمد الحرب في اليمن وترحيل حلول الأزمة التي كان من الممكن وضع حد لها في الشهور الأولى لاندلاع الحرب حسبما نقل مصدر دبلوماسي لـلقدس العربي.
فاستمرار الحرب اليمنية التي تجاوزت الأربع سنوات، ما هي إلا دليل واضح على الصراع الخفي الإماراتي السعودي حول مصالحهما في اليمن، والذي تكشفت خيوطه بشكل واضح في بعض المناطق اليمنية التي تصارع عليها الطرفان، والتي شهدت تجاذبات لسكانها من قبل أبو ظبي والرياض، وتعد محافظة المهرة أبرز مثال على ذلك.
وليست الحرب على اليمن إلا غطاءا ، لتحقيق المصالح التي عجزت الرياض وأبوظبي عن الحصول عليها طوال العقود الماضية ،فلكل منهما أجندات خاصة ، ليس من بينها إعادة الحكومة الشرعية ،أو محاربة الانقلاب الحوثي ، وبالتالي تقوم كلاهما في تغذية الأطراف المتحاربة في اليمن لإضعاف الحكومة اليمنية وإبقاء الوضع الراهن عند مستوى “اللاإنتصار” لأي طرف، سواء الحكومي أو الحوثي، والدفع يبعضهما ضد الآخر لاستمرار أمد الصراع ،والاقتتال الداخلي، في حين تتسابق أبوظبي والرياض على مصالحها على حد تعبير المصدر الدبلوماسي.
ورغم أن الحرب اليمنية، تاخذ ظاهريا شكل الحرب الإقليمية، بين السعودية وإيران،ممثلة بالقوات الحكومية والحوثية، إلا انها تشكل حرب مصالح بين السعودية والإمارات، فمع اتساع دائرة مصالح البلدين في اليمن، بدأ الصراع بينهما يتشكل حول حجم هذه المصالح ، وتواصل السباق على الهيمنة على المصالح الهامة ليشمل السيطرة على مناطق يمنية نائية وبعيدة عن أي تواجد حوثي، مثل جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة.
وتقاطعت الإطماع الاقتصادية بين الحليفتين ، فالسعودية تسعى الى تحقيق هدفها الذي تصبو اليه منذ عقود بالحصول على منفذ بري لإنتاجها النفطي عبر الأراضي اليمنية الى المياه المفتوحة التي تبدأ في بحر العرب عبر محافظات حضرموت أو المهرة اليمنيتان.
في حين تطمح أبوظبي بالسيطرة على المواني البحرية اليمنية لقتل نشاطها التجاري وعدم السماح لها بتنشيط حركتها الملاحية، حتى لا تنافس وتؤثر على ميناء دبي الإقليمية، التي تعد العصب التجاري للإمارات.حيث ركزت أبوظبي على السيطرة على الموانئ اليمنية ابتداء من ميناء عدن، مرورا بميناء المكلا فميناء المخا، وأخيرا محاولة السيطرة على ميناء الحديدة.
غير أن السيطرة المبكرة للقوات الإماراتية على محافظة حضرموت، أو عبر القوات الموالية لها أعاق تحقيق السعودية لحلمها هناك وهو ما بدأ بخلق الصراع السعودي الإماراتي على المصالح، فاضطرت السعودية الى الانتقال لمحافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان، حيث أوقفت التمدد الإماراتي نحوها وأرسلت قوات عسكرية سعودية بكامل عتادها الثقيل، للسيطرة على محافظة المهرة، بدون وجود أي مبرر للتدخل العسكري ا فيها، من منظور الحرب الراهنة في اليمن.
كشف التواجد العسكري الإماراتي والسعودي في محافظات حضرموت والمهرة وكذا محافظة سقطرى أن تدخلهما في اليمن كان لتحقيق مصالحهما الاقتصادية بالدرجة الأولى، وان اتساع دائرة مصالحهما في اليمن خلق أجواء لصراع خفي بدأ يتشكل منذ وقت مبكر ولكن شرارته ظهرت للعلن وهو يعرقل الحلول للأزمة اليمنية ويلعب دورا ويطيل أمدها ، لأن انتهاء الحرب يعني تعثر تحقيق المصالح الإماراتية والسعودية قبل قطف ثمارها.