لن تدوم التلميحات والتحليلات المختلفة المستمرة منذ أكثر من عام، حول شكل "صفقة القرن"، المقرر أن تصنع خريطة جديدة لفلسطين يكون فيها للاحتلال الإسرائيلي حصة الأسد؛ فكل شيء سيتحدد مطلع يونيو المقبل، بحسب ما أعلنه جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي، في أبريل الماضي. ولا يبدو أن هناك من سيقف في وجه مخطِّطي هذه "الصفقة"؛ إذ اتضح من خلال نقل السفارة الأمريكية رسمياً من تل أبيب الى القدس المحتلة، في مايو 2018، بسهولة، دون أي تأثير يُذكر من قِبل دول عربية تمتلك نفوذاً وقوى عسكرية كبيرة ومدججة ومدربة تعتبر مناهِضة للوجود الإسرائيلي!عجلة الإعلام في عدد من البلدان بالمنطقة، لا سيما بالسعودية والإمارات، كان لها -وما زال- الدور البارز في فتح المجال أمام تحقيق "إسرائيل" مسعاها بالاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية، خاصة من خلال الترويج للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وتلميع "صفقة القرن".
آخر ما كُتب في حملات الترويج كان مقالاً لرئيس تحرير صحيفة "عرب نيوز" السعودية الناطقة بالإنجليزية، طالب فيه بمنح "صفقة القرن" فرصة للنجاح. وقال الكاتب السعودي فيصل عباس، في مقاله على موقع الصحيفة مؤخراً: "لقد رفض المتهكمون بالفعل خطة ترامب للسلام، على الرغم من أنهم لم يعرفوا شيئاً عنها، لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة الأفضل للفلسطينيين لدولتهم". الكاتب نقل عن مصدر سعودي قوله: إن "المملكة السعودية وحدها، موطن الحرمين الشريفين، هي التي تستطيع إقناع الدول العربية والإسلامية بدعم العرض، بمجرد موافقة الفلسطينيين عليه.وأردف: "الدول الأخرى لها دور مهم؛ تاريخياً كان للأردن دور حيوي، وكذلك مصر".
وأشار الكاتب إلى أنَّ رفض العرب المتكرر طوال 70 عاماً لمبادرات السلام لم يحقق أي تقدُّم في القضية الفلسطينية، متسائلاً: "هل يجب أن يقبل الفلسطينيون؟ سيكون من الخطأ بوضوح، التوصل إلى حُكم نهائي دون رؤية الخطة بأكملها.وتكشف التسريبات حول "صفقة القرن" عن إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي، مثل التخلي عن القدس المحتلة، في مقابل وعود بإصلاحات اقتصادية ودولة فلسطينية منزوعة السلاح. خطاب الإعلام السعودي تغيَّر كثيراً تجاه القضية الفلسطينية منذ أن تولى محمد بن سلمان ولاية العهد في يونيو 2016، وهو ما تبيَّن في تغريدات ومقالات لكُتاب سعوديين معيَّنين.في مارس 2018، وجَّه الكاتب الصحفي السعودي المقرب من الديوان الملكي، صالح الفهيد، تحذيراً شديد اللهجة إلى الدول العربية الرافضة لـ"صفقة القرن".
وهدَّد الكاتب السعودي، في تدوينة أخرى، كل من يرفض "صفقة القرن"، قائلاً: "بالمنطق نفسه الذي رفض فيه العرب قرار التقسيم عام 1947 والذي يعطي الفلسطينيين نحو 48% من فلسطين التاريخية، يرفضون اليوم ما يسمى صفقة القرن. وإن لم يقبلوا بهذه الصفقة فسيأتي اليوم الذي يتمنونها كما يتمنون اليوم لو أنهم وافقوا على قرار التقسيم، لكنهم لن يحصلوا عليها.و كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن سعود القحطاني، الوزير السابق بالديوان الملكي والمقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، كان من بين المسؤولين عن تطبيع العلاقات بين الطرفين.وأشارت الصحيفة الأمريكية حينها إلى أنه "كان قد أعطى توجيهات لوسائل الإعلام ومحركي الرأي العام السعودي، لتهيئة الأجواء بين المواطنين السعوديين لعملية التطبيع مع إسرائيل". وكشفت الصحيفة ذاتها أيضاً، أن اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق، زار "إسرائيل" عدة مرات وفي مناسبات مختلفة، قبل إقالته من منصبه عقب جريمة قتل خاشقجي. في يونيو 2018، زار جاريد كوشنر السعودية، وبحث مع وليِّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية ضمن ما يُعرف بـ"صفقة القرن".
وبحسب بيان صادر عن الإدارة الأمريكية، فإن كوشنر يزور السعودية، لإكمال مباحثات أمريكا للسلام في الشرق الأوسط.في سياق متصل بالسعي السعودي لإتمام "صفقة القرن"، كشف "الخليج أونلاين"، في وقت سابق من 2018، عن ضغوط كبيرة مارستها السعودية ودول عربية على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للقبول بـ"صفقة القرن. وفي السياق،للإمارات دور لا يقل شأناً عن السعودية في السعي إلى إكمال "صفقة القرن".وبعيداً عن التحركات السياسية، ينشط الإعلام وشخصيات بارزة للترويج لهذا المشروع الذي يصبُّ في مصلحة توسُّع دولة الاحتلال على حساب فلسطين وشعبها.عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي الإماراتي والمستشار السابق لحاكم أبوظبي، شنَّ في مارس 2018، هجوماً على السلطة الفلسطينية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، بسبب الموقف من "صفقة القرن"، وتحدث عما سيجري للضفة في حال رفضها.د
ور الإمارات في "صفقة القرن" يبدو أكبر بكثير مما يتصوره البعض؛ وذلك حسبما تكشَّف في وقت سابق، عن دعمها شراء عقارات من فلسطينيين في القدس وبيعها لإسرائيليين!. وذلك بحسب"الخليج اونلاين