نشرت صحيفة "هوليود ريبورتر" الأمريكية، تقريراً لرئيس التحرير التنفيذي ستيفن جالواي، بعنوان "هكذا تستطيع هوليوود التغلب على الطغاة"، أكد فيه أن صناعة الترفيه عليها دور أكبر بكثير لتتخذه للوقوف أمام الطغاة والديكتاتورين كولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منتقداً الجهات الإنتاجية التي تتطلع إلى مطاردة الأموال السعودية التي تتدفق بصورة إما مباشرة وغير مباشرة من قبل المملكة وولي عهدها بن سلمان، موضحاً أن بن سلمان لا يختلف كثيراً عن موسوليني الديكتاتور الإيطالي الشهير، ففي منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، أصبح فيتوريو موسوليني، الابن الثاني لبينيتو موسوليني - المعروف أيضا باسم الدكتاتور الفاشي لإيطاليا، وكان موسوليني ترك حياته المهنية كطيار قاتل في الحملة الإثيوبية الإيطالية، وبدأ يشتغل بالنقد ثم تحول ليصبح مخرج مساعد من قبل الإشراف على افتتاح استوديو سينيسيتا الكبير في روما، وفي ذلك الوقت كان يمتلك الزخم وإمكانية الوصول للمال ونجوم السينما، ثم جاءت هوليوود لتلبي الدعوة!
موقف غير كاف
ولفت التقرير إلى أن موسوليني وهتلر وبعض الطغاة التاريخيين كانت لهم محاولات لشراء السينما والتدخل في الصناعة الترفيهية عبر عقود إنتاجية ضخمة، ولكن الصحافة الفنية القوية والأقلام الغاضبة قد وقفت بدورها التاريخي من أجل التصدي لكل ما يدعم الطغاة في ممارساتهم القمعية وجرائمهم بحق الإنسان، ونخشى الآن بصورة كبيرة أن تغلب المؤسسات الإنتاجية الأموال على حساب الموقف السليم الذي ينبغي اتخاذه بوجه الطغاة مرة أخرى، والموقف الحالي لهوليوود ليس كافياً، فعلى الرغم من الانتقادات الحادة والمرتفعة لعدد قليل من رواد صناعة الترفيه، ولكن للأسف فان الكثيرين من أعضاء الصناعة أيضاً يغضون الطرف عن المجرمين والطغاة في مقابل الأموال، ذلك بدلاً من القيام بدور إيجابي حيال ذلك، فالصمت وعدم فعل الشيء السليم قد يجعلك أنت نفسك تتورط في ارتكاب الشر وتأييده.
جرائم بن سلمان
وفي صناعة السينما ينبغي ألا تتدفق الأفلام وتصويرها في الدول التي لديها سجلات غير نظيفة في حقوق الإنسان وتتحول لكونها دول ديكتاتورية وقمعية، ويجب أن يتذكر المنتجون الذين يبحثون عن الأموال وحدها ولا شيء غيرها أن تلك الأموال التي تأتي بشكل ومباشر وغير مباشر من المملكة العربية السعودية، أن الحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان، كان هو المسؤول عن قتل صحفي في الواشنطن بوست وتقطيعه، وكأن المشهد يكرر نفسه في ظل سعي بن سلمان أن يسير على خطى موسوليني الشاب، ذلك في زيارته الفخمة لواشنطن والتي استضاف فيها عدد من نجوم الصناعة مثل ديزني بوب إجر، وفوكس ستايسي سنايدر ودوين جونسون، والآن ربما أشعر ببعض الفضول لمقابلة الأثرياء والأقوياء الشهيرين عالمياً، ولكن لماذا لم يقم أحد بالدور المطلوب ومواجهة هؤلاء بجرائمهم والتصدي لها.
اعتذار واجب
وربما يعزي لهؤلاء أن تلك اللقاءات التي جمعتهم بالطاغية السعودي بن سلمان، أنها جاءت قبل أن تنشر الأخبار حول وفاة جمال خاشقجي، الذي دخل إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، على أمل الحصول على الوثائق التي يحتاجها من أجل الزواج من خطيبته، ثم لم يغادر، ولكنني ما زلت أنتظر إعلانا جماعيا من كل من كانوا متواجدين رفقة بن سلمان لتناول العشاء الفخم معه تحت مظلة "آسفون جميعاً"، والتأكيد بأنهم لن يكون لهم علاقة من هؤلاء الطغاة وأمثالهم من الآن وصاعداً.
دعوة للانسحاب
وأشار التقرير إلى أنه لم يكن هناك سوى حفنة من مشاهير هوليود يمتلكون الحكمة لقطع العلاقات في وقت واحد مع المملكة وممثليها بعد وفاة خاشقجي ومن بينهم قادة إنديفور، الذين انسحبوا من صفقة مخططة بقيمة 400 مليون دولار مع الحكومة السعودية، وهنا التساؤل: لماذا لم تقم الشركات الأخرى أيضاً باتخاذ الأمر نفسه بالتأكيد على رفض تعاملهم أو دخولهم في أي صفقات تجريها مع المملكة؟
تحدٍ اقتصادي
وأوضح التقرير أن التحدي الذي تواجهه هوليوود هو أن اقتصادها يرتبط ارتباطا وثيقا بعشرات الدول التي ليست لديها ديكتاتوريات كاملة ولكنها بالكاد نماذج للديمقراطية، ما يجعلها في مأزق، وهذه بالضبط هي المعضلة التي واجهتها هوليود في أتلانتا، حيث عبر قادة الصناعة عن مواقفهم تلك ولكن دون قطع كافة الروابط، ولكن في دولة مثل السعودية فإن الأمور أسوأ كثيراً مما هي عليه، فإن النقاد يختفون في غياهب السجون، والنساء يتعرضن للاغتصاب حقوقهن، وفي بعض الأحيان، كما رأينا، يتم اغتيال المعارضين. لا تستطيع هوليوود الدفاع عن نفسها بقولها إنها تريد الاحتفاظ بمواردها الرئيسية، وليست هناك أي حجة مقنعة للاكتفاء بالموقف الحالي وحسب دون فعل المزيد.
تصدي للطغاة
واكد التقرير ان هوليوود عليها أن تقف في وجه المملكة العربية السعودية والسؤال الصعب هو هل ستستطيع الوقوف بوجه السعودية والمجر وحتى الصين وكل الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان، وفي حين تتعذر الإجابة المباشرة لذلك، فإن الواقع الذي يخبرك أن هوليوود نفسها قد تصدت للطغاة في ظل إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية، فلا يجب عليها أن ترضخ لأية إغراءات والقيام بموقف إيجابي ضد النظم القمعية كالمملكة.
دور صُناع الأفلام
ودعا رئيس التحرير التنفيذي لـ"هوليوود ريبورتر"، صناع الأفلام بإدراك أهمية أن أفلام هوليوود لديها الكثير مما يمكن أن تفعله لتقف في وجه الطغاة، ويأتي أول تلك الخطوات عبر الطلب من جمعية Motion Picture Association الأمريكية إنشاء قسم لحقوق الإنسان يمكنه إعطاء رؤساء الاستوديو معلومات حقيقية عما يجري من انتهاكات وجرائم لحقوق الإنسان.
وثانياً: القيام بعقد قمة لوضع إرشادات للصناعة فيما يتعلق بالصواب والخطأ.
ثالثًا: رفض تنفيذ الأفلام لتلائم المتطلبات السياسية الداخلية وعدم السماح بالقبول بذلك.
رابعا: "الإصرار على الشفافية" عبر الطلب من مسؤولين محددين بأن يشرح القواعد التي ينبغي القيام بها في صناعة أفلام تتناول أية ديكتاتور أو بلد يحكمها طاغية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن قيام هوليوود بإبقاء رأسها عالياً، عبر اتخاذ تلك الإجراءات المطلوبة، يعظم من مصداقيتها ويؤكد من مكانتها الهامة، قبل أن تجعل الأكاذيب والموقف السلبي أن ينصرف الناس عنها والتعامل مع ما تقدمه بجدية.