الرئيسية -أخبار -تقارير -تحقيقات -مقالات -حوارات -المحررين -إرشيف -سجل الزوار -راسلنا -بحث متقدم
التاريخ : الإثنين 29 إبريل-نيسان 2024آخر تحديث : 11:00 صباحاً
انتشار تعاطي المخدرات بين النساء في عدن .... مقتل مواطن في ابين .... تعرف على سبب منع شمس الكويتية من العمل في العراق .... مليون مشترك لمحفظة جوالي الإلكترونية خلال فترة وجيزة .... وفاة شخص في عدن تعرف على السبب .... الهرري بعد عدن يظهر في المخا .... ضباط الشرطة الألمانية دون سراويل .... والد الطفلة حنين يتوعد بالانتقام لمقتل طفلته .... مقتل شقيقين بطريقة بشعة في المخا بتعز .... علبة تمر تتسبب بمقتل شخصين في عدن ....
خيارات
طباعة طباعة
أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق
RSS Feed محلية
RSS Feed تحقيقات
RSS Feed ما هي خدمة RSS 
  الدكتور نجيب غلاب :لا مستقبل لليمن إلا بدولة قوية ومجتمع منفتح على العالم
الخميس 10 إبريل-نيسان 2014 الساعة 09 صباحاً / ردفان برس/
 
 
لا يعترف الدكتور نجيب غلاب - أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء ، ورئيس مركز "الجزيرة" للدراسات - بثورة فبراير، ويعتبرها انتفاضة لإعادة الدولة العميقة التي سعت الوحدة اليمنية إلى تجاوزها ـ حسب وصفه ـ ويؤكد في حوار مع «الجمهورية» أن الصراع اليوم ليس بين ثورة وثورة مضادة؛ بل بين أبناء سبتمبر وأكتوبر والوحدة ونقائضها، مشيراً إلى أن المشهد السياسي غامض ومعقّد، وأن القبيلة لا تمثّل تحدياً للدولة؛ إذ تمكّنت من تحديد خياراتها وفق الحاجات والمتطلّبات التي يحتاجها الفرد في البنية القبلية، وقال: إن الحوثية لا تؤمن بالعدالة والحرية والمساواة؛ وهي منظومة من رؤوس متعددة وأجنحة متداخلة ومستقبلها مرهون بالدولة والتغيير القادم، فإلى نص الحوار:

- لنبدأ من جديد قراءتكم لآخر مستجدات المشهد السياسي..؟.
 المشهد السياسي ممتلئ بالغموض والتعقيد، ومساراته تتحكّم فيها النزاعات لا التوافق؛ فالتناقضات تتوالد كلما عجزنا عن تفكيك المشاكل، وتداخل الصراعات الداخلية بالخارجية يقود الجميع إلى حافة الهاوية، فالخيارات التي رسمتها التسوية السياسية رغم الجهود المبذولة؛ إلا أن كل جهد واتفاق يخلق مشكلة أخرى، يبدو لي أنها تتحرّك بعجلات وكأنها حجرة شبه دائرية ممتلئة بالفجوات والنتوءات الحادة، ويبدو أن صقلها أو تغييرها يحتاج إلى جهود قد تؤدّي إلى تآكلها دون الوصول إلى نتيجة تمكّن القاطرة من التحرُّك من منطقة الفوضى والأزمات المتلاحقة.
- تبدو متشائماً في ظل تحوّلات باعثة على الأمل..؟!.
 لست متشائماً؛ بل أصف واقع الحال، وهذا لا يعني أن الخروج من المآزق المتراكمة مستحيل، نحتاج في المقدمة مغادرة الصندوق أو السجن الذي يحاصر قدراتنا وطاقتنا على الإنجاز.
لدينا مدارس سياسية لا تحكمها الاستراتيجيات؛ بل التكتيكات.. تفكر بالشأن العام ومصالحها الخاصة والآنية هي المحدد، مدارس متنوعة محكومة بوعي واحد لا يراهن على المسألة الوطنية؛ لأنها لاتزال مرتهنة للماضوية المرضية التي أفقدتنا وجودنا الحضاري، لم نتمكن من مغادرة تاريخ الفشل والضياع.. مازالت مصالح التكوينات الجغرافية والطائفية والعرقية والمذهبية تتقدم بالوعي التاريخي الذي دمرنا.
هذه المدارس السياسية بتجلياتها الحديثة والتقليدية تمارس السياسة بوعي رجعي لم يتحرر من أمراضنا التي خلقتها دويلات القرون الوسطى، فالأشكال الجديدة لدولتنا ومظاهر الخطاب المترسن بالمفاهيم الجديدة لم يحرك السكون الذي احتل وعينا، ونحتاج إلى زلزال من الهدم لننتقل إلى المستقبل، وليست هذه النزاعات والتناقضات والفوضى والأخطاء المتراكمة إلا تعبير عن الأزمة التي نعيشها، وهي أزمة طبيعية وامتداد للانفجار العظيم الذي أحدثته ثورتا سبتمبر وأكتوبر والوحدة اليمنية، ولا خوف فالولادة قادمة، ونحن جيل نتحمل هذا العبء، وعلينا أن نضحي لنتمكن من إحياء وجودنا اليوم، وليكون الغد حلمنا الذي لابد منه.
ــ القبيلة والدولة جدلية تاريخية في اليمن، قراءتك لهذه العلاقة على ضوء ما جرى مؤخراً؟
القبيلة ليست مشكلة ولا تمثل تحدياً فعلياً للدولة إذا تمكنت من تحديد خياراتها وفق الحاجات والمتطلبات التي يحتاجها الفرد في البنية القبلية، مشكلة القبيلة عندما توظف عصبيتها لإدارة الصراعات السياسية النخبوية والحزبية، وتفقد إحساسها الوطني وتتمرد على الدولة.. أبناء القبائل أغلبهم لا يعادون الدولة وليس لديهم نزوع مقاوم لوجودها؛ بل إن وجود الدولة يساعدهم على تحقيق الأمن وتنمية مناطقهم.. المشكلة في النخب القبلية والأحزاب والتيارات الدينية المتطرفة فجميعهم يستغل القبيلة ويقودها إلى الصراع والفوضى ويبعث في بنيتها التمرد والتحيزات العصبوية والتي يتم توظيفها في صراعات الموارد لتربح النخب وتخسر القبيلة وأبناءها.
 أبناء القبائل ضحايا للصراعات السياسية، واليوم أصبحوا ضحايا للصراعات الدينية بوجه مذهبي مناهض لطموحات القبيلة في ظل تحولات ولدت لدى أبنائها قناعة بضرورة مغادرة الجمود والعزلة التي استفادت منها النخب القبلية والدينية والحزبية.
القبيلة اليمنية لم تعدّ جامدة، فالتحولات المتلاحقة مع الدولة الحديثة أدت إلى تصدعها وتفكيك بنيتها العصبوية، وكادت القبيلة أن تصيغ نفسها كقوة أهلية مراهنة على الدولة كخيار لا مفر منه لإكمال تحررها الذي خنقها وعزلها وجهّل أبناءها، ورغم الأخطاء في تجاهل القبيلة وتركها تدير نفسها دون تجديد حيويتها إلا أن نقلات كبيرة حدثت في بنيتها.
فمن تحرر من ماضويتها وجد نفسه شريكاً في البناء والتعمير، والمشكلة اليوم أن تصدع القبيلة أفقدها توازنها ولم تتمكن القوى الجديدة من تفعيل هذا التصدع والوصول به إلى مآلاته التي يمكنها من الاندماج الوطني، وبدلاً من ذلك تحركت الأصوليات الإسلاموية لاحتلال وعيها وإعادة برمجتها في عقائد ستفجر القبيلة وتعيد بناء عصبويات دينية متناقضة سيقودها إلى صراعات عبثية فوضوية مدمرة، وقد تتمكن الاكتساحات الطائفية من نسج وعيها بالسجن الذي قتلها لتغدو القبيلة قوة القهر الغبية التي قد تعيدنا إلى حروب داحس والغبراء، وإلى تفجير جغرافيا اليمن لندخل حقبة جديدة من الضياع والتيهان.
ــ هل مازالت القبيلة تشكل تهديداً لبناء الدولة؟ وما مصادر قوتها المؤثرة على الفعل السياسي؟
القبيلة هي الثابت الذي يتغير لتقوية وجوده في اليمن القبيلة عبر تاريخها ظلت متماسكة ومحافظة على وجودها، تتأقلم مع السياسة وتوظفها لتقوية نفوذها، كانت القبيلة قبل الإسلام فاعلاً حضارياً وقوة منتجة، وتمكنت من بناء السلام والتواصل عبر الجغرافيا، وتكونت دول قوية من خلال تحالفات جامعة مكنتها من توليد حضارات إنسانية مازالت حتى اليوم تحظى بالدراسة والتحليل والتقدير، وهي الانطلاقة الأولى للمجد الإنساني، الحضارات التي تخلقت في الجغرافيا اليمنية قوت من عضد الإنسان ومكنها من التوسع والانتقال عبر الجغرافيا العربية والقرن الأفريقي والانتقال إلى مجاهيل الأرض، لم يكن هروباً؛ بل مغامرات كبرى هي نتاج طبيعي للحضارة اليمنية.. ومع الإسلام انتقلت القبيلة بعد أن ضربتها الصراعات العبثية إلى تجديد طاقتها الحضارية من خلال التوحيد الذي تجسد في الرحمن، ولم يكن الإسلام إلا الانبعاث الحي الذي صاغ روح اليمني وعقله، فالحضارات اليمنية المتلاحقة ظلت مرتبطة بالسماء وخلقت أساطيرها ولم تكن تستقر نفسية اليمني إلا مع التوحيد؛ لذلك كانت اليهودية هي الديانة الغالبة وهي الجامع للقبائل اليمنية وهي تبني دولها وليست حمير إلا حضارة صاغتها دول منتظمة!
 ــ أتريد أن تقول إن الإسلام أضعف الحضارة اليمنية؟!
لا يوجد شعب آمن بالإسلام ودخل فيه بشكل جماعي وبقناعة كاملة مثل أبناء اليمن؛ فخلفياتهم التوحيدية وارتباطها الدائم بالسماء؛ ولأنهم أصحاب حضارة كان الدين مركزياً فيها، وتجربتهم طويلة مع الأديان والتعقل التي ولدتها الدول، فقد وجدوا في الإسلام خلاصة لوجودهم الحضاري وطريقاً لإثبات وجودهم الساعي دوماً للمجد الأرضي والسماوي.
 لقد فتح الإسلام لليمن بوابة كبرى لتجاوز عصبوياته التي كانت في بداية ظهور الإسلام متقاتلة ومتناقضة، ولم تتمكن من بناء التوافق إلا من خلال الأجنبي القادم من فارس.. الإسلام كان مدخلاً جامعاً لتحريرهم من الهزيمة والفشل!! وبالإسلام حدث الالتحام مع إخوانهم في جزيرة العرب.
ومع الإسلام خرج اليمني من جغرافيته ليتواصل مع آبائه وأجداده الذين بنوا حضارات قوية وعبقرية في المجال الحيوي لجزيرة العرب، أصبح اليمني قائد جيش ورجل دولة، قادماً من تجربة حضارية هي فخر العرب حتى اللحظة، فكانوا مصدر قوة جبارة في خدمة الإسلام، ولم تكتمل قوة الإسلام كفاعل متحرك في الأرض إلا مع اليمني.
ــ هناك من يرى أن الإسلام أفقد اليمني هويته وأضعف وجوده؟
اليمني مع الإسلام أصبح طاقة متحررة من عصبيته الجغرافية وهو يسهم في بناء حضارة جديدة من خلال الإسلام.
وقد بنى المدن وأسهم في بناء دولة الإسلام، وقد ارتعبت قريش من حيوية الإنسان اليمني وعبقريته فأدخلته في صراعات عبثية وحاصرته، ورغم ذلك استمر في تقديم التنازلات المتلاحقة؛ لأن روحه الحرة المتدينة والمتجددة بالإسلام كانت تتحكم بوعيه، وهذا قد يفسر بروز التطرف الذي وجه قريش في صراعات متلاحقة!!
ــ وماذا عن الدولة الزيدية أليست هي التعبير الأبرز لقريش وقد حكمت اليمن ومازالت تقاتل من أجل الحكم؟
 لقد خرج من اليمن فرسانها وقياداتها وملوكها ومن بقي منهم ظل ملتزماً بالدين وبالدولة الجديدة في المدينة المنورة، إلا أن الصراع والفتنة بين المسلمين وتجاهل المركز الجديد أعادها إلى ضلال الفرقة والصراع، ولكن هذه المرة عبر عقائد الدين الذي نتج عن الانقسام داخل الإسلام. شكلت الدولة الزيدية التي أسست لها العقائد الهادوية الاختراق الأول ربما عبر تاريخ اليمن والذي قاد اليمن إلى التخلي عن عزته وشرفه بحكم نفسه وسلم الأمر استجابة للعقائد الجديدة التي جاءت بها الهادوية، ومع الهادوية فقد جزء من أبناء اليمن طاقتهم وأصبحوا مستتبعين لزعماء الدويلات المتلاحقة، وهذا أدخلهم في عزلة شاملة، ولم تتمكن زبيد من إعادة بعث الروح اليمانية بعد أن احتلتها قريش ونتيجة المذهبيات التي ولدها الصراع داخل الإسلام فقد اليمني حيويته وأصبح يقاتل نفسه باسم الله لترسيم رضوخه لمن زور دين نبينا الأعظم.
ــ أليست هذه القراءة مثيرة للجدل ومعززة للنزاع في ظل هذا الصراع الجاري اليوم؟
اليمني مع ثورة سبتمبر أعاد كرامته وعزته وكان للهاشمية التي أصبحت من نسيجنا اليمني وفي القلب من حركة التاريخ المخنوق بالعقائد المستغلة والمتكبرة والمغرورة بعرقية اصطفائية دور بارز في تحرير اليمني من سجونه القاتلة لوجوده كإنسان حر مؤمن بالله ورسوله. التشكيلات الفئوية التي قادت صراعات على الغنائم أدخلت اليمن في صراعات دائمة ومتلاحقة، وكانت الفتنة الداخلية والخارجية كالسرطان الذي أفقد حضارة اليمن وقتل وجودها الحضاري وأصبحت اليمن كالمعتوه الذي يقاتل نفسه ليعيش غيره، لذا لن تجد أي معالم حضارية ذات قيمة معتبرة، فالصراعات المذهبية وخروج اليمني من دوائر النخبويات وعزله في جغرافيات معزولة عن بعضها والتعامل معه كمرتزق معبأ بالعقائد وعجز النخب عن بناء أي تراكم حضاري نتيجة التناقضات البينية.. كل ذلك حول اليمن إلى ضحية وفريسة عاجزة عن صناعة الحياة ولا وظيفة لها إلا إشباع الجشع الذي امتص وجودنا اليماني!!
 ــ ما الذي حققته ثورة سبتمبر وأكتوبر فمازالت الأوضاع اليمنية تعاني في كافة مناحي الحياة؟
الثورة اليمنية بجناحيها الشمالي والجنوبي كانت لحمة واحدة تبدو لي كهبة إلهية لشعب طال عذابه، ومعهما تولد اليمن كخلق جديد اكتمل مع الوحدة، وما تحقق أننا خرجنا من الموت إلى الحياة.. من الذل إلى العز.. من الاستبداد إلى الحرية.. من الخزي والعار وضياع الذات إلى الوجود الممتلئ بالحياة والثقة والكرامة والعزة.
خرجنا من الجهل والضعف والانهيار إلى المقاومة التي مازالت مستمرة لإثبات وجودنا كما كان وكما نحن وكما نريد.
ــ ما الذي يمكن أن تقوله ونحن في نزاعات دائمة واليمن مهددة بالانقسام والتشظي؟
اليمن لم يكن متواصلاً مع نفسه كما هو اليوم، وهذه النزاعات طبيعية وتلقائية وهي مخاضات مختلفة وقد يطول أمدها، إلا أننا سننجو من هذه الابتلاءات المتلاحقة التي تبدو كمن يعاني من أمراض راكمها التاريخ وهي مازالت كسرطانات خبيثة، تبدو كمريض يقاوم مرضه بالجراثيم ليؤسس لمقاومة تمكنه من بناء الأسس التي تمكنه من إنقاذ نفسه من أمراض متجذرة حتى العظم.. الدولة الحديثة اليوم هي منطلقا الأول.. فهي الهوية الجامعة ليمنيتنا بكل تنوعاتنا والعمل من أجلها ذروة سنام وجودنا الحضاري الذي يتشكل يومياً حتى من خلال صراعاتنا العبثية!!
 - الثورة اليمنية حالة مغايرة لما حصل من الثورات خاصة فيما يتعلق بمخرجاتها.. ماذا ترى؟
الثورة هي التجسد الأعلى للأزمة التي يعيشها الواقع، انفجار تلقائي لتجاوز الأزمات المستعصية بأزمة أكثر تعقيداً، وإن لم تتمكن الثورة من إحداث التغيير المطلوب تصبح عقدة غير قابلة للحل إلا بتفجيرها بأزمة أعمق منها، وهذا الأمر ينهك المجتمعات ويفقدها القدرة على مواجهة التحديات والتهديدات؛ ليحدث الانهيار.
وهنا تبدأ عمليات الإنقاذ من خلال النفي والإقصاء والبناء المغاير للماضي والحاضر.
الثورة في المآل النهائي في المنطقة ستنتهي بأزمات جذرية متلاحقة تجعل الأوطان نهباً للعزلة والتبعية وصراع عبثي بين أصوليات متطرفة علمانية ودينية.. الثورة هي التعبير الأعلى لفشل وعجز الواقع عن الاستجابة للتغيير، ومسار مضطرب لتقويم الاعوجاج من خلال الهدم؛ ولأن الهدم في منطقتنا سياسي ومتجاهل للثقافي وعاجز في الاقتصاد، فإن الثورات في تاريخ العرب هي الفتن الكبرى؛ لأنها ثورات يقودها وعي عصبوي عرقي أو قبلي أو ديني.
ومع تداخل الفتنة الداخلية بالفتنة التي يوقدها الأجنبي فإن التغيير الإيجابي يدمر أي تراكم نافع، والانتقال إلى تحولات لإعادة صياغة وجودنا لصالح الأجنبي المهيمن.. ثوراتنا في عصر الغرب استجابة لحاجاته ومخططاته الكبرى!! هي صدمات كبرى لإعادة صياغة الوعي بعد تصفيته عبر الانهيار الشامل لوجودنا، ليكون قوة مندمجة في أيديولوجية السوق ومتطلباتها المستجيبة للمراكز المهيمنة.
والأهم أن كل ثورات العرب لم تستند إلا على الفلسفات الغربية، ولا يوجد ثورة استندت على مقومات داخلية، حتى الإرهاب بأعلى تجلياته المنغلقة ليس إلا أداة في استراتيجيات الغرب، وانعكاس للحداثة من خلال نفيها، لينتهي الأمر لصالح البنيات العصبوية وإضعاف الدولة، وأي إرادة جمعية، والانخراط بما بعد الحداثة من خلال بعث الانقسامات الجذرية بأشكال أيديولوجية مستبدة ومستندة على شعارات الحقوق الإنسانية لتفكيك بقايا الأمل بتخليق اندفاعة حضارية عربية.. تقسيم وتشتيت وجعل الفرد ترساً في بنية وعي القبيلة بأشكاله المتنوعة!!
 -لم تشر إلى اليمن.. ماذا عن ثورتها؟
 اليمن لم تكتمل ثورتها السبتمبرية بعد، وما يحدث ليس إلا مخاضاً عسيراً ممتداً لسبتمبر وأكتوبر.. فالتناقضات الجذرية التي بعثتها ما يسمى بثورة الشباب مازالت قابعة في إشكاليات النزاع التي أفرزتها الثورة اليمنية التي أسست للدولة الحديثة.. هي انتفاضة لم تراجع طموحاتها؛ بل بعثت التناقضات المكبوتة، وأشعلت الحروب المسكوت عنها، وأحرقت خطوط التواصل الهشة بين الكتل الوطنية.. تبدو لي انتفاضة لإعادة الدولة العميقة التي سعت الوحدة اليمنية لتجاوزها.. هي زلزال لم تدره قوى الشعب؛ بل نزاعات الدولة العميقة في اليمن.
ومهما يكن لا يمكن لليمن أن يخرج من معضلته إلا بائتلاف واسع، هذا الائتلاف يحتاج أولاً قادة بحجم المسؤولية التاريخية ولديهم القدرة على عقد صفقات تركز على المستقبل، والأهم أن يمتلكوا القدرة على إقناع تابعيهم وأنصارهم ..
-تبدو في أطروحات كمنظر لثورة مضادة.. أليس كذلك؟
 أي ثورة مضادة؟ لست مع فكرة الثورة أصلاً أياً كانت، وبالذات هذه الثورات الربيعية العمياء التي بعثت انقسامات ونزاعات تهدد وجودنا، وإذا سلمنا بفكرة الثورة فإن الصراع اليوم ليس بين ثورة وثورة مضادة؛ بل بين أبناء سبتمبر وأكتوبر والوحدة ونقائضها التي تمكنت من خلط الأوراق حتى اختلط الحابل بالنابل.. وعلى فكرة هناك هوس لدى البعض بعودة الأنظمة السابقة، هذا المستحيل بعينه، فلا ثورة مضادة في بيئة لم تتخلق فيها فكرة الثورة كمفهوم هدم وبناء من أجل تغيير جذري وشامل.. كما أن الاستناد على التعريفات التقليدية للثورة أيضاً غير مجدٍ.
إننا نعيش انتفاضات في ظل عدمية تديرها مقولات كبرى بلا أساس يحميها ويدعمها في الوعي العام.. مقولات تمضغها تيارات متناقضة عبر الإعلام دون استيعاب لتلك المقولات والتعامل معها كبر وفي صراع مركز على الموارد دون امتلاك أي مشروع مغاير لماضوية الدولة الوطنية؛ بل الأخطر أن الانتفاضات تعيد تفجير المجتمعات وتقودها إلى وضعية فقدانها الحد الأدنى من الإجماع الذي بدونه تفقد الدولة معناها، وتصبح المجتمعات في حالة حرب.. الكل ضد الكل على العقائد والغنائم، وهذا المدخل الكفيل بتجذير الفساد عبر صفقات نخبوية قاهرة للشعوب ورميها في صدمات متلاحقة ورعب وخوف لتفقد بقايا الرغبة في المقاومة والتحدي!!
 -لماذا تحاول الانتقاص من ربيع العرب؟
 ربيع العرب ليس إلا حالة غضب ركزت على التناقضات الطارئة والسطحية وقذفت بهلوسات التغيير عبر شعارات تبدو واضحة، إلا أنها غامضة في بنية الوعي العربي.
وما زاد من الفشل أن الربيع تحول إلى ساحات غوغائية يديرها الإعلام.. لم يمتلك الربيع أية نظرية ثورية! آليات طورتها مراكز البحوث الغربية وهي تسعى لتفكيك البنيات السلطوية السياسية العربية.. وهي انعكاس لطبيعة المجتمع؛ لذا فإن ميادين الربيع أكدت الطبيعة السلطوية عبر انقسامات تتجذر يومياً مع عجز الآليات الديمقراطية من تحقيق الآمال العريضة لشعوب تأكل نفسها بلا رحمة!
- مخرجات الحوار أليست نتاجاً لتسوية سياسية وحوار وتوافق؟
من الواضح أن التناقضات الموجودة لا تعمل من أجل تسويات؛ بل تسير باتجاه الانقسامات والقيادات، ومعزولة عن الجمهور الذي يعيش تسييساً معمماً برؤى إعلامية مثيرة.. وكلما زادت التناقضات بين القيادات توسعت عزلتها عن مؤيديها، وفقد الرأي العام قدرته على بناء إرادة جمعية.. الوقائع في اليمن يبدو أنها تعيد صياغة نفسها بآليات داخلية متنازعة، وبإرادة دولية ضاغطة، وهذا يعتبر مدخلاً للفوضى والخروج بصفقات عرجاء لن تبني دولة بل أشكال مفرغة بلا رؤية واضحة والاختلاف حولها شديد. ونتيجة عجز أي طرف من حسم المعركة فإن الوصاية تصبح مهيمنة، ولأن واقع المجتمع تديره نخب بلا مشاريع واضحة فاقدة للخيال والرؤية فإن الوصاية المرتبكة تغدو لاعباً قهرياً لن ينتج غير التعقيدات والأطروحات الفوقية دون حدوث أي تغيير فعلي.
فالتاريخ لا يرحم أحداً، حركته تحكمه إرادات الفاعلين وحاجات الواقع، والواقع يعيد صياغة نفسه وحاجاته بناء على طبيعة التحولات ولما ينفع حتى لو تناقضت تلك الصياغة مع الأهداف والقيم الكبرى.. فشل النخبة اليمنية بكافة تفاصيلها سيقود الجميع إلى خسائر فادحة.
- ماذا عما تسميه أنت الإسلام السياسي ودوره الثوري؟
 الصراعات في بلداننا العربية لا علاقة لها بحركة الواقع وتحولاته؛ بل بالتنظيمات الإسلاموية.
ومن ينظر إلى تركيبتها يجدها انعكاساً لصراع ثقافي مختلط بانتهازيات مركبة تبحث عن دور من خلال الديني، فتغدو الدعوة الدينية وسيلة للتعبئة لا طريقاً لبناء اللحمة الجامعة للتناقضات، وتأطيرها الحزبي يحولها إلى أيديولوجية باحثة عن القوة للتعبير عن مصالح أقلية نخبوية، تدير مشاريع سياسية واقتصادية وأدواراً اجتماعية لتعظيم قوتها، وهذا الاختلاط الغريب لا ينتج تحول باتجاهات متقدمة؛ بل يولد صراعاً على الغنائم والعقائد من خلال قبيلة جديدة منتظمة في حزب قد يبدو أداة جديدة إلا أنه قبيلة ممتدة تنتهي بشيخ مشايخ اسمه مرشد أو ولي أو سيد.
 - ماذا عن المسألة الحوثية التي تطل اليوم بقرونها وأنت من خبر تفاصيلها وسبر أغوارها بصورة علمية؟
 نتيجة لتصدع القبيلة وتفكك قيمها التاريخية وعزلة الشيخ عن القبيلة بعد أن تضخمت مصالحه، وجد الفقيه الهاشمي الذي صار جزءاً لا يتجزأ من بنية القبيلة فرصة للتعبير عن حالة الهزيمة التي تعاني منها القبيلة وتشوهت أخلاقها، وفقدانها للأمن بمعناه الشامل في ظل دولة غائبة أو بالأصح لا وجود فعلي لها، وعبر عن نفسه بطريقة لا تبتعد كثيراً عن القبيلة ووعيها.. فقط أدخل عليها بُعدين لإنقاذها من ورطتها وإحساسها بالإهانة والهزيمة والفقر والضياع، البعد الديني عبر الأدلجة للمذهب الزيدي، وإحداث تحول جذري في بنيته لصالح العائلة الحوثية.
فالأيديولوجيا التي بناها حسين الحوثي هي محاولة جادة لتجاوز كل الأطر الزيدية، وإعلان نفسه مجدداً ليس للزيدية فحسب؛ بل للإسلام!!! وبتحليل مضمون خطاب الحوثي ستجده لا يفرق عن سيد قطب والخميني والمودودي؛ فقط أصبحت الحاكمية محققة إذا كانت الولاية لآل البيت، وهي ولاية لا تصح إلا في حسين نفسه، باعتباره ملهماً من السماء! وقد انتقلت إلى أخيه عبدالملك الذي يعاني من عقدة مركبة.. فهو لا يملك الكاريزما الكافية، ولا يمتلك التأهيل الديني والقدرة حتى على شرح الأيديولوجيا التي أسس لها أخوه حتى يتمكن من التحول إلى قائد حقيقي وفعلي، كما إن خبرته ضعيفة؛ لذا فقد تحول إلى أداة بأيدي دهاة يستقرون في صنعاء وفي أحشاء منطقة القبائل!! مع ملاحظة أن ملازم حسين ليست إلا أفكاراً تعبوية هشة ومهزوزة وضعيفة تشبه الخطب الانفعالية التحشيدية لإدارة حروب طائفية.
وهي تحاول ترسيخ العرق المقدس للقائد، فبدل الشيخ الذي هو فرد متعال بحكم ما يملك من مؤهلات بين إخوانه أصبح الشيخ سيداً متعالياً مختاراً ومفضلاً من قبل السماء!
وهذا الأمر يستجيب لحالة الهوان الذي تعيشه القبيلة، وهو أيضاً محاولة انتقامية من الشيخ الذي تحول إلى انتهازي لا هم له إلا نفسه، فقد نسي قبيلته، ولكنه في الوقت نفسه ظل مستمراً في توظيفها لبناء قوته.
 - فضلاً.. مزيداً من التوضيح فيما يتعلق بالحوثية وعلاقتها بالزيدية؟
ـالحوثية كحركة رمزيتها في العائلة الحوثية من ذرية بدر الدين، وهذا التركز في الرمزية ومنح فرد منها قوة الأمر وحق الطاعة من الآخرين هي حالة متقنة لتوريث المذهب والقبيلة والهاشمية للعائلة الحوثية، وهي المدخل الأول لخلق سلطة قوية ومؤثرة على صناعة القرار في اليمن والتحكم بالدولة.
- الحوثية حركة موجودة على الواقع وفرضت نفسها على طريقتها؟ـ
 الحوثية هي الامتداد المعبر على المستوى العقائدي للإمامة، وإن لم تقل صراحة بعودة الإمامة، إلا أن مضمون العقائد الحوثية تؤدي إليها.
والأمر مرتبط بالقدرة على إخراجها إلى الواقع.. والحوثية تنفي فكرة المدنية كما هي في الفكر المعاصر، ولا تؤمن بالحرية والمساواة والعدالة لديها لا تتحقق إلا بالولاية الدينية والسياسية، فلا عدالة ولا حرية ولا حقاً ولا شرعاً ولا قانوناً إذا لم تكن الولاية هي العقيدة المهيمنة والمسيطرة.
والولاية كما يقدمها حسين الحوثي وأتباعه تركز على إعطاء الأمر في الشأن الديني والسياسي؛ بل وفي كل شئون الحياة كما يقول حسين في ملازمه للعترة من أعلام آلِ البيت!! وهذه الحقيقة الدينية كما يدعي هي المدخل الوحيد لنصر الإسلام وهزيمة اليهود والنصارى! وبدون ذلك فإن الهزائم وسيطرة الكفار هي محصلة حتمية!! الاحتجاجات منحت الحوثية شرعية لم تحلم بها، وشرعنت لوجودها، ومن داخلها أعادت تسويق نفسها وفتحت لها آفاقاً للتجنيد، وتمكنت من بناء طاقات ليست سهلة من المرتزقة يساعدونها على الانتشار، ويحجبون وجهها ويديرون حربا نفسية لصالحها!!
 - دكتور.. شخصياً قرأت ما قدموه لمؤتمر الحوار الوطني حول تصورهم للدولة.. كيف تفسر المطالب الحوثية بالدولة المدنية والعلمانية؟
 الحوثية ـ من وجهة نظري ـ ليست كتلة صلبة وتنظيماً متماسكاً؛ وإنما منظومة من رؤوس متعددة وأجنحة متداخلة، يتداخل السياسي بالعقائدي بأصحاب المصالح وبالصراعات الطائفية والنزعات الجغرافية والفئوية.. حوثية صعدة هي المركز العقدي والعسكري، ومركز بناء العقائد وتعليمها وتصديرها، والجغرافيا التي تشكل قاعدة الانطلاق، وفيها النواة الراديكالية للأيديولوجية الحوثية، وتشكل نقطة الجذب لبقية الرؤوس، ومركزاً لحماية المتمردين الفارين من الصراعات، والمذنبين الذين خانوا مؤسسات الدولة أو عليهم جرائم.
غالباً ما يتم إعادة برمجة المتمردين في الجهاز العسكري وحقنهم بالعقائد، وقد يتحول بعضهم إلى قادة.
لا يمكن فهم الحوثية كحركة دينية وطبيعتها إلا في المناطق التي تسيطر عليها، أما الأجنحة السياسية والإعلامية والتي تشتغل في المجتمع المدني فلديها مرونة في التعامل مع الواقع ببراغماتية إلا أن مصدر قوتها وفاعليتها اليوم مستند على الجناح الميلشياوي، وهي تدير المعركة بما يلائم الواقع؛ لكنها يستحيل أن تناهض علناً أطروحات حوثية صعدة؛ لأنها تفقد مصدر تمثيلها للحركة!! مع ملاحظة أن الحوثية أصبحت اليوم تسمي نفسها أنصار الله، وهي محاولة جادة لسحب البساط مستقبلاً من أيدي العائلة الحوثية، إلا أن هيمنة جناح عبدالملك وأتباعه جعله المهيمن والمسيطر، وأي محاولات للتمرد من الفروع سيتم قهرها بالإجبار العنيف.
- على ضوء ما يجري اليوم.. ما هو مستقبل الحوثية؟
 مستقبلها مرتهن بالخيارات التي ستختارها، وبالدولة وبالتغيير القادم الذي حددت معالمه مخرجات الحوار وطموحات الشباب بيمن مختلف، وقدرتها على تجديد نفسها وتخليها عن السلاح وتكوين حزب سياسي.. فالدولة القوية والديمقراطية وتأسيس الحرية وتنفيذ مخرجات الحوار سيخفف من راديكالية الحوثية.
وأعتقد أن مشاركة الحوثي في المرحلة القادمة مهم لامتحان مصداقيتها في الالتزام بالدولة.. الحوثية في ظل مساراتها الحالية تبدو مصدراً أساسياً للفوضى والتخريب وخنجراً منهكاً للدولة وهيبتها، وبوابة لتفجير حروب طائفية ستدمر الوجود اليمني.
وهذا الأمر يحتاج إلى التعامل بمرونة وصلابة مع الحوثية ومساعدتها على أن تكون فاعلاً إيجابياً في التغيير وبناء المستقبل.. حسب تصوري أن الحوثية أمام خيارين: إما أن تكون إضافة نوعية للانتقال إلى المستقبل، أو أداة دمار لصناعة الحروب وإضعاف الدولة.
وهذا الخيار قد يقودها إلى جحيم الحصار والملاحقة والعزلة، وعليها أن تدرك أن القوى الوطنية ـ بما في ذلك الهاشمية السياسية ـ قد تجند نفسها في لحمة موحدة لمواجهة الراديكالية الحوثية!!
- هذا عن الحوثية.. ماذا عن الإسلاميين، من تسميهم الثورات المضادة بالإخوان المسلمين.. إلى أين يمضي مستقبل الإسلام السياسي في ظل المتغيرات؟
 نهج الإخوان في إدارة العمل السياسي مخلوط بالواقعية وطموحات أيديولوجية، وفي الخلطة يبدو الإسلام ضحية.. عندما تدعي الجماعة أنها تريد تحكيم الإسلام، ثم تنتج سلوكاً يناهض قيمه، وتستمر في التنظير لبناء قوتها، باعتباره انتصاراً للإسلام فإنها تضع الدين في بؤرة الحصار، وتدفع إلى تفكيكه في وعي الناس. ومع الوقت يفقد الإسلام هيبته ويُحاصر من الناس.
فالنموذج الذي يدعي تمثيله حوّله إلى طاقة تعبوية بلا مشاريع واضحة، وخنق حالة الإبداع وتحول الدين إلى أداة تبرير للأيديولوجيا السياسية التي يتحكم بها الواقع ويقودها إلى مخانق تفرضها تحولات الواقع.. أمر كهذا يقتضي الانتقال من التبرير إلى النقد؛ ولأن الحركة وأعضاءها تائهون في معاركهم لتبرير الأخطاء وصواب المنهج فإن النقد من خارج بنيتها ضرورة للخروج من معضلة مركبة قد تقودنا إلى صراعات كثيرة، ستؤثر ـ لا محالة ـ على التغيير الذي يحتاجه الواقع، وسندخل في تجربة تعيد إنتاج التخلف بصورة مشوهة، وتبرير هذا التخلف باعتباره مشروعاً حضارياً لإنقاذ أمة مهزومة، واقع الحال يؤكد أن الإخوان يحملون مشنقة ستكون أشد وطأة على الواقع!! التزييف والخداع وتبرير الكوارث وشرعنتها بالشعارات ليس إلا التعبير الأبرز لواقع المشنقة القادمة!!
   - الكثير يتهمك بأنك غير موضوعي في فهم تجربة الإخوان.. يقول قائل: هذا تقييم من خارج الصف، أنت لا تدري ما بالداخل؟
 التجربة الإخوانية تحتاج إلى نقد، وهي اليوم واقعة في حفرة سوداء، وإذا لم تراجع نفسها وتتحلل من التنظيم العالمي، وترتبط بالأوطان، وتعد تقييم تجربتها، وتنتقل إلى تغيير جذري يلائم حاجات كل بلاد ومتطلبات الناس فإنها ستحاصر وجودها في صراع دائم مع الكل في الداخل والخارج، وتوظيفها في الصراع الإقليمي والعالمي سيخنقها في المآل النهائي، على الإخوان المسلمين أن يقدموا اعتذاراً للأمة فربيعهم قادنا إلى الانقسام والتفكك والفوضى، وعليهم أن ينسحبوا من الانفعالات الثورية والطموحات الخيالية، فمازال الغرب يشعل حماسهم لتدمير بقايا الحياة في أوطاننا.. لايزال دهاته يحركون شبقهم ويشعلونه لإحراق المنطقة وتفجيرها!!
- تربط الإخوان بالغرب معادلة قد تبدو مستفزة للبعض، هم يقولون إنهم المنقذ وبهم ستنهض الشعوب، أو على الأقل يحملون مشروعاً للتغيير؟
 من التجربة الواقعية أدلجة الإسلام عبر الدعوة الحزبية تفقده حيويته الحضارية، يحاصر طاقات الأمة في أفعال سياسية، فتفقد السياسة عقلانيتها، وحتى لاعقلانيتها! وتغدو عقائد صارمة وأفعالاً انتهازية، وهذا الخليط المتناقض يدخل الدين في تسطيح، ويفقد العقل قدراته على تخليق الإبداع؛ لأن الإسلام مع الأدلجة يبدو نقيضاً للعقل أو منطقاً تبريرياً لا ينتج الخير.. توظيف الإسلام كدعوة وشعار بكثافة في المجال السياسي يحوله إلى دعايات تحريضية مثيرة للعنف والفوضى.
- من تتكلم عنهم الآن نعرف أنهم يحتكمون إلى صناديق الاقتراع، ويؤمنون بالديمقراطية وبالخيارات السلمية؟
بالإمكان الحديث عن الديمقراطية كخيار له الأولوية، إلا أن الديمقراطية عندما تشتغل في واقع يعاني من بيئة ملائمة لعملها فإنها تفقد حيويتها ولا تنتج سلماً اجتماعياً، ولا قوة صلبة تجعل من القانون هو الفاعل الأول ولو بالحد الأدنى. لا يمكن للحرية أن تنتج إبداعاً وتتحول نافعاً للفرد إذا لم يكن هناك تنظيم دقيق يحكم خيارات الأفراد؛ فالحرية بلا دولة قانون تبدو فوضى عارمة، الحرية تنظم التناقضات لتكون قوة دفع لتخليق التغيير، تفرز التناقضات في ظل حرية لا يحكمها قانون وأخلاق مدنية.. تنتج صراعات عنيفة وحروب أهلية وفوضى شاملة!
- بدون ديمقراطية سيستمر الصراع والفساد؟ـ
الديمقراطية مهمة وضرورية، ونحتاج إلى ضبطها لأنها في مجتمعنا تنتج نقائضها، ولم تتمكن من حل إشكاليات النزاع؛ بل عمقته.
وهذا يحتاج إلى معالجة أخطائها لا إعادة إنتاجها، ولدينا أولويات في اليمن لتجذير الفعل الديمقراطي، التنمية بمفهومها الشامل، الثقة بين اليمنيين، الهوية الوطنية التي تتجسد في دستور واضح يحكم الجميع، تفكيك المشاكل التي تعيق بناء الدولة، المأسسة.. فلا يمكن لديمقراطية أن تشتغل في ظل دولة هشة وضعيفة وبلا هيبة وعاجزة عن فرض إرادتها حتى على مخرب واحد.
تفكيك صراعات القوى عبر مصالحات مبنية على التسامح.. وتوافق على أن تكون الإرادة الشعبية هي الخيار الأسلم في توزيع القوى دون تجاوز مصالح أي طرف.
 - كيف بالإمكان الوصول إلى تحكيم إرادة الشعب؟
 الديمقراطية بالآليات المتعارف عليها تبدو اليوم عاجزة عن الشغل في ظل خوف يلاحق الجميع على طبيعة المستقبل، ربما نحتاج إلى صياغة ائتلاف واسع منضبط -zومراهن على تحريك الواقع باتجاه بناء الدولة وتخفيف حدة النزاع والعمل على بناء الثقة، من خلال التركيز على التنمية الاقتصادية وترسيخ عمل القانون، مع تفعيل للآليات الديمقراطية وفق ضوابط لا تؤثر على عوامل بناء الثقة ولا تعيد تركيز القوة، ولا تؤثر على تفعيل دور القانون دون تحويل ذلك إلى قوة لإدارة صراعات تصفوية! الائتلافات الواسعة تنجح إذا كانت النخب قادرة على تقديم التنازلات بما يسند قوتها وفق خيارات تشرعن لتغيير لا يستهدف إلا الانتقال من الشخصنة ونزوع الهيمنة إلى أفق جديد يتم
 رسمه، بحيث يتم استيعاب الجميع، وبما يشرعن للمصالح بلا فساد أياً كان نوعه!!
 - الكلمة الأخيرة مفتوحة؟
 الوطنية اليمنية ومصالحها هي المحدد الجوهري لكل خياراتنا، ولا مستقبل لنا إلا بدولة قوية ومجتمع منفتح على العالم، ونخبة قادرة على التضحية من أجل وطنها، وأن أمن اليمن القومي مرتبط جذرياً بالخليج ومصر، ومن المفترض أن تستوعب كافة القوى هذه الحقيقة البديهية، وأغبى سياسي يدرك أن قدر اليمن الجغرافي يقودنا إلى حتمية لا مفر منها، خلاصتها أن اليمن مصدر خالص للأمن القومي العربي، وقوة مضافة لتأمين هذا الأمن، وهي مصلحة وطنية يمنية، مع ملاحظة أن أمن اليمن القومي مصلحة مصرية و سعودية، ومصلحة لبقية دول الخليج، ومصلحة تهم العالم، وأي أنماط سلوكية مغايرة لأمن مصر والسعودية أياً كانت تمثل تهديداً مباشراً لأمننا الوطني.

"الجمورية نت "

 

تعليقات:
الإخوة / متصفحي موقع ردفان برس نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة محلية
علبة تمر تتسبب بمقتل شخصين في عدن
مواضيع مرتبطة
حسن زيد :لا خيار أمامنا إلا الالتزام بمخرجات الحوار وإنجاحها
وكيل المغتربين لقطاع الجاليات والرعاية:الأمور استقرت نوعاً ما في المنافذ
الدگتور حمود العودي، :لدى اليمنيين ثقافة متأصلة ضد الحق الإلهي الخرافي
سيدة أعمال يمنية خلف القضبان بعدما بلغت مديونيتها نصف مليار
أكاديمي يمني يقترح خطة لإنهاء أزمة الديزل وتوفير 3.5 مليار دولار
«قطاع الاتصالات ..العضو 160 في منظمة التجارة العالمية بين التفاؤل والتشاؤم..!!
حقيقة صادمة حول مصير الطائرة الماليزية يكشفها تقرير سرير للغاية ودور مخابرات عالمية في اخفائها ؟
وقود ناره القبيلة.. الثأر.. جحيم مُستعر..!!
العنف الأسري.. مشكلة عالمية حقائق مؤسفة
أكاديميون وعلماء :الإرهاب طفيل يمكن علاجه واستئصاله

جميع الحقوق محفوظة © 2009-2024 ردفان برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية
انشاء الصفحة: 0.094 ثانية