لماذا نجح..؟!
كاتب/عبدالواحد ثابت
كاتب/عبدالواحد ثابت
 في البداية لابد أن أطرح السؤال التالي وهو: لماذا نجح حزب طيب أردوغان «حزب العدالة والتنمية» في الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت بتركيا، حيث نجح هذا الحزب بالرغم من الحملات التي خاضها ضدّه الكثير من الأحزاب والمكوّنات التي تختلف معه أيديولوجياً؛ وهي أحزاب كبيرة مثل الحزب «الجمهوري» العريق في الساحة السياسية التركية..؟!.
 والجواب: لقد نجح حزب أردوغان لأنه حقّق الكثير مما يطمح إليه الشعب التركي في الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها الكثير من الخدمات التي لمسها الشعب التركي؛ ومن خلالها أعطى صوته لمن حقّق كل تلك المنجزات.
 لقد قفز أردوغان بالاحتياطي النقدي التركي من مليارات قليلة لا تزيد عن الـ15 ملياراً إلى ما يفوق المئة مليار دولار، وحقق المزيد من الاستقرار الاقتصادي، وقفز بالتعليم كمّاً ونوعاً خصوصاً التعليم العالي والجامعي، فقد استطاع أن يحقّق قفزات كبيرة في التجارة الخارجية مع الكثير من البلدان.
 فمن خلال ما لمسه المواطن التركي على الواقع من منجزات عملاقة لم يأبه بما شنّته القوى المختلفة من هجوم شرس ضد حزب أردوغان؛ لأن الناس في عصرنا هذا ينظرون إلى الأفعال وما تحقّق؛ ولا ينظرون إلى الأيديولوجيات التي لا تُشبع جائعاً ولا تكسي عارياً كما هو الواقع في عالمنا العربي.
 لقد عمل أردوغان وحزبه ما لم يعمله الحكام السابقون في تركيا على مدى عقود من الزمن؛ أوجد دولة قوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، واستطاع أن يحيّد الجيش الذي كان يقرّر مصير الشعب التركي ويحدّد السياسة الداخلية والخارجية ويعيّن الحكام الذين لا تتعارض مصالحه معهم.
 وهكذا كانت تركيا تتخبّط في أوحال السياسات التي لا تخدم أهداف وأماني تركيا منذ أن كان مصطفى أتاتورك؛ وهو المنظّر والأب الروحي والمرجعية الوحيدة للسياسة التركية منذ أن كان رئيساً لها، وكلنا يدرك كيف كان الجيش التركي يفرض رؤاه حيث كان يفرضها في الكثير من الأحيان بأسلوب القوة العسكرية من خلال العديد من الانتفاضات التي قام بها ضد العديد من الحكومات التي صعدت بالانتخابات لكنها لم تكن في وفاق أيديولوجي معه.
 نقول هذا سواء اتفقنا أم اختلفنا مع سياسة أردوغان وحزبه خصوصاً فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية، ولا نبالغ إذا قلنا إن تركيا أصبحت من الدول التي تُعد من الدول الصناعية؛ حيث إن منتجاتها من الصناعات الكبيرة والاستراتيجية غزت الكثير من الأسواق العالمية وأصبحت تتنافس مع منتجات الدول المتقدّمة الأخرى نظراً لجودة منتجاتها ووفرتها في الأسواق، وأصبحت تركيا شبه مكتفية إن لم نقل مكتفية في غذائها وكسائها وحاجتها من الصناعات التي تفوق حاجتها ليتم تصديرها إلى الأسواق العالمية.
 نقول هذا إنصافاً للحقيقة وللواقع التركي المعاش بعيداً عن الانحياز إلى حزب أردوغان وأيديولوجيته، فنحن في العالم العربي لدينا أحزاب لا تعمل إلا لذاتها ولم تأبه مطلقاً لحاجات ومتطلبات الشعب؛ فكل الأحزاب في وطننا العربي عندما تصعد إلى الحكم تجنّد قوتها وسلطتها لتقوية الحزب من خلال السطو على المال العام وبعثرته فيما لا يفيد الشعب بحدوده الأدنى.
 وهكذا ظلت الشعوب العربية تتخبّط في أوحال الفوضى الاقتصادية والتعليمية والصحّية وغيرها؛ لأن الأحزاب التي تربّعت على السلطة فيها لا تمتلك رؤية اقتصادية أو تعليمية أو غيرها تكون ملبية لمتطلبات الشعب وحاجاته الضرورية.
 نحن هنا نتكلّم عن واقع ملموس؛ ولا نتكلّم عن أوهام وشعارات؛ وهذا الواقع هو ما يفرض علينا أن نتكلّم عنه دون تحيُّز.  
   

في الجمعة 11 إبريل-نيسان 2014 09:03:35 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=1124