قتلة بغياب الأمن والعدل
كاتب/خالد عبدالعزيز راوح
كاتب/خالد عبدالعزيز راوح
إن جرائم القتل مسلسل لا ينتهي فلا يمر يوم إلا وتسمع عن روح أزهقت من غير ذنب سوى خلاف قد يكون على أرض مساحتها لاتتعدى ذراعاً.
يكذب من يقول إن اليمن تمثل أقل دولة في أي بقعة من العالم من حيث ارتفاع معدل الجريمة وبالذات القتل؛ فهذه الجرائم حالة تكاد تكون طبيعية في ظل قضاء تطول فيه الأحكام وأقسام شرطة تشعل فتيل النار لا إخمادها.
من يتتبع دوافع ارتكاب جرائم القتل سيجد من يقومون بها أناساً طفح بهم الكيل وسدت الطرق أمامهم.. عدا طريق البندقية حتى أضحت شريعة الغاب هي النهاية الدرامية التعيسة لمسلسلات القتل اليومية هنا أو هناك.
لو تمت السيطرة على ثقافة أخذ الحق بالقوة وإنصاف الظالم على المظلوم، لو رفضت النيابات والمحاكم قبول قضايا مدعٍ لايملك دليلاً على ادعائه، لو أن أقسام الشرطة تضبط المعتدي أول ما يصل إليها بدلاً من التعامل مع كليهما كبقرة حلوب لما وجدنا صاحب مال أو متنفذاً أو غاوي مشاكل يبسط على أراضي الناس بالقوة أو يدوس على طرف مواطن غلبان لايملك من الدنيا سوى كرامته.
لو فُعلت كلمة «لو» لسيطرنا على الجريمة ووضعناها في حدودها الدنيا بدلاً من تفاقمها وبالصورة التي نراها.
المهمة ليست صعبة إذا أردنا مكافحة الجريمة والسيطرة عليها بل سهلة لاتحتاج سوى التعامل مع قضايا الناس بجدية بعيداً عن المحاباة والمحسوبية حتى لايخرج المتشارعون عن السيطرة.
إن مايشفع لنا أن الجريمة في اليمن ليست منظمة والقاتل عندما يقتل لاتنطبق غالباً عليه قاعدة سبق الاصرار والترصد بل ساعة شيطانية تجعل من الرصاص خاتمة معاناة وبداية لمعاناة أخرى تصل بصاحبها إلى حبل المشنقة.
كلنا سمعنا عن المتنفذ نهاب الأراضي في الحرانة بتعز ومن قام بتشريد الأسر في الجحملية إلى الشارع مستنداً على أجهزة ضبط طوعها كما تطوع الأسود في سيرك.
كلنا سمعنا كيف أن أولياء دم في حضرموت نفذوا بأيديهم حكم القصاص عندما لم تعجبهم عدالة المحكمة، وكيف أن خلافاً على ممر في الوازعية تحول إلى ساحة اعدام أزهقت فيها أرواح ثمانية من أبناء المنطقة فبعد أن صدرت أحكام باتة من المحكمة العليا ونفذ الحكم قبل سنة حدث الاعتداء وهدم جدار حدود المجاري.. لتعود القضية مرة أخرى إلى دهاليز القضاء ودخل أطراف جدد في النزاع وكأن حكم المحكمة العليا شيئاً لم يكن فوقع مالم يكن في الحسبان.
وكيف أن قسم شرطة تعامل مع شكاوى مواطن بلامبالاة وصل الأمر أن جعل من الظالم مظلوماً فكانت النهاية تقديم الهَجَر بذبح المعتدي بدلاً عن «عجل» الصلح بالعرف القبلي.. وأخيراً قصة هجوم قرية على قرية أخرى في جبل حبشي حيث قلع الزرع وقتلت المواشي ودمرت المنازل لأن أولياء الدم أرادوا تنفيذ القصاص بشريعة الغاب وأظن أنهم لم يصلوا إلى هذه النتيجة إلا بسبب عدم ثقتهم بالعدل والجهات الضابطة.

في الأربعاء 29 يوليو-تموز 2009 01:55:53 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=12