التُجار يشنون الحرب..!!
كاتب/خالد حسان
كاتب/خالد حسان
 
• «الوضع التمويني في البلاد مستقر ولا يدعو للقلق ، والمواد الغذائية الأساسية متوفرة وبمخزون يكفي لستة أشهر في جميع محافظات الجمهورية»، ذلك ما أكدته وزارة الصناعة قبل أيام؛ وأكدته أيضاً اللجنة التموينية بمحافظة تعز يوم الخميس الماضي بقولها «الوضع التمويني في المحافظة مطمئن والمخزون يكفي لخمسة أشهر»، لكن الواقع يقول إن الوضع التمويني لا مستقر ولا مطمئن بعد أن اختفت العديد من المواد الغذائية من الأسواق وخاصة مادتي القمح والدقيق.
• الجهات المعنية أكدت أن هناك مخزوناً يكفي لستة أو خمسة أشهر، فأين هو هذا المخزون؟! فلو نزلت إلى الأسواق لاكتشفت أن بعض المواد الغذائية وخاصة القمح والدقيق لا وجود لها البتة، منذ ثلاثة أيام وعديد الناس يبحثون عن كيس من القمح أو الدقيق أو حتى كيلو جرام واحد ، لكن كل جهودهم تذهب هباءً ويعودون بخفي حنين مع وعود من بعض التجار هنا وهناك بتوفيره ولكن بأسعار مرتفعة.
• كل التجار في مدينة تعز ينفون امتلاكهم القمح أو الدقيق وبعد الإلحاح عليهم واستعطافهم يقولون لك: «ارجع بكرة يمكن أدبر لك كيس»، وإذا سألته عن السعر يقول لك بسعر بكرة، فبعضهم يقول الكيس بعشرة آلاف ريال، بل إن أحدهم طلب أربعة عشر ألف ريال ثمناً لكيس من الدقيق، وتخيلوا كم هو قدر الزيادة في سعر القمح والدقيق اللذين كان سعرهما (4000) و(5000) ريال على التوالي.
• اعتدنا في هذا البلد ومع نشوب كل أزمة أن يقوم التجار بممارسة هواياتهم الاحتكارية في إخفاء السلع والمواد الضرورية تمهيداً لرفع أسعارها، كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر ،سواء الجهات المختصة أم تلك المفترض بها حماية المستهلك (المواطن)، فالجميع يتركون الحبل على الغارب، بل إن تجاهلهم لكل ما يحدث يطلق العنان للتجار للإمعان أكثر في المتاجرة بأقوات المواطنين واستغلال حاجاتهم.
• هؤلاء التجار المحتكرون والمغالون بالأسعار منزوعو الإنسانية ومعدومو الضمائر الذين لا يراعون الظروف العصيبة التي تمر بها البلد ، إنما يمارسون سياسة تجويع وإذلال وامتهان لكرامة المواطن، ومن الواجب على الجهات المعنية أن توقفهم عند حدهم وتتخذ إجراءات حقيقية لحماية المستهلك (المواطن) من جشعهم وطمعهم.
• ماذا لو طالت الأزمة الراهنة ،ما الذي سيفعله المواطن المغلوب على أمره والذي فرضت عليه حرب في الداخل وعدوان من الخارج وحرب من التجار في قوته وقوت أولاده، هل ستستمر الجهات المعنية في «الدعممة» أم أنها ستشعر بخطورة الوضع الذي يتهدد حياة الناس وستتخذ خطوات فاعلة لحمايتهم من جشع التجار واستغلالهم.
• صحيح أننا لا يمكن أن نعفي المواطنين من مسئوليتهم في حدوث هذه الأزمة الغذائية بسبب هلعهم وتهافتهم على المحلات وشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية وتكديسها وكأننا سندخل في مجاعة، لكن الجهات المعنية تتحمل المسئولية الأكبر في هذه الأزمة لأنها تكتفي بإطلاق التهديدات والتحذيرات وتقف عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات ولو في حدها الأدنى ضد من يقومون باستغلال المستهلكين والمتاجرة بأقواتهم في «عز الظهيرة وعيني عينك».
• ما نلمسه هو أن هناك تحدياً متعمد اًمن قبل التجار لقرارات الجهات المعنية وتحذيراتها.. والسبب أن هذه الجهات عودت التجار على عدم احترام قراراتها ،لأنهم لا يلمسون الجدية في تطبيقها ويتعاملون معها كأنها غير موجودة أصلاً، بل إنهم يذهبون إلى أبعد من ذلك حيث يصل الأمر إلى حد الاستهزاء بهذه القرارات والسخرية منها، فهم يرون أن الجهات المعنية أعجز من أن تقوم بمحاسبتهم وأن الكلمة العليا في مسألة الأسعار هي للتجار وليست لأصحاب القرار.
• ترى هل سيتوقف هؤلاء التجار الجشعون عن اضطهاد المستهلكين؟! فقد تجاوزوا كثيراً حدود التعامل الأخلاقي والإنساني، إن هذا الأمر مرهون فقط باتخاذ الجهات المعنية إجراءات صارمة ضد المحتكرين والمتلاعبين بأقوات الناس ، فهل سنلمس هذه المرة إجراءات حقيقية تراعي خطورة الوضع الراهن على الوطن والمواطن أم أن الأمر سيظل ـ كما جرت العادة في كل أزمة ـ مجرد كلام «لا يسمن ولا يغني من جوع».
k.aboahmed@gmail.com


في الأحد 05 إبريل-نيسان 2015 06:55:35 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2639