بداية صحوة دول الخليج على الخطر الايراني
كاتب/صافي الياسري
كاتب/صافي الياسري
افتتحت اليوم قمة دول مجلس التعاون الخليجي السنوية في ابو ظبي بحضور، زعماء من السعودية والكويت والامارات وقطر والبحرين وعمان ، بعد اختتام منتدى حوار البحرين الذي حضرته خمسة وعشرون دولة ، وتمت خلاله مناقشة اوضاع المنطقة وامن الخليج في ظل التهديدات النووية الايرانية وسباق التسلح الذي تقود المنطقة اليه وقدمت خلال المنتدى مبادرات لضم ايران الى اتفاقية جعل منطقة الخليج منطقة محرمة على السلاح النووي، ولم ترد ايران ردا صريحا على مقترحات عملية قدمت بهذا الخصوص ووعدت بدرسها ما زاد من مخاوف دول المنطقة، كما ان حضور وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى المنامة ودعوتها التي اعلنتها في مؤتمر صحفي في المنامة ايران الى التعامل بجدية مع مخاوف دول المنطقة وقلقها ومع دعوات المجتمع الدولي بخصوص ملفها النووي، لم يؤد الى ننتيجة ايجابية ، وكما توقعنا فان حضور متكي هو الاخر وعدد من وفود دول الاتحاد الاوربي لم يخفف من عناد حكام طهران الذين اصروا على القول انهم سوف لن يقدموا اية تنازلات في اجتماع 5+1 الذي يعقد اليوم في جنيف لمناقشة ما على طهران تقديمه بشان طمأنة المجتمع الدولي الذي مازال يتحسب من مشاريع ايران النووية ويفرض عليها حزم عقوبات متصاعدة، كما فشلت تطمينات وزير الخارجية الايراني متكي في تطمين دول الخليج بهذا الخصوص واعاد التصريح بان المشاريع النووية الايرانية هي مشاريع سلميه، وكرر اتهام طهران لوكالة الطاقة الدولية بانها زرعنت جواسيس بين صفوف خبرائها للتعامل بطريقة مخابراتية مع مشاريعها، وهي نفس الدعاوى التي سبق ان واجهتها منظمة الطاقة الدولية في كوريا وفي العراق من قبل بنية التملص من منح فرقها الاذن في التفتيش بحرية في المناطق التي تثير الشكوك ، وهي المناورات التي تمارسها ايران منذ ان بدأت التخطيط بسرية لمشروع الحصول على قنبلة ذرية، وكشفت المقاومة الايرانية مخططاتها تلك.
الظلال السود التي القت بها حوارات المنامة انعكست اليوم على مؤتمر دبي ، فالموضوعات التي دار الحوار عليها في المنامة هي ذاتها تقريبا ، بالنسبة لامن الخليج ،يضاف اليها عدد من المشاريع الاقتصادية الخاصة بدول مجلس التعاون، كما ان ظلال وثائق ويكي ليكس التي كشفت عن مخاوف دول الخليج خلال السنوات الاخيرة المنصرمة ، لم يستجد حولها جديد ، ولم تكف تصريحات نجاد والمسؤولين الايرانيين بتوصيفها بانها مؤامرة اميركية لخلط الاوراق في المنطقة والتاثير على سياسية دولها في ازالة او تخفيف الشكوك في نوايا النظام الايراني التي تتعزز يوما بعد اخر .
وعلى خلفية تزامن قمة ابو ضبي مع اجتماعات جنيف قال الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية للصحافيين امس الاحد ان القمة "تنعقد في توقيت هام لجهة تسريع وتيرة العمل الخليجي المشترك والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة".
واضاف ان "القمة ستقر عددا من الاستراتيجيات التي ستسهم في دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك ومنها الاستراتيجيات المطروحة والخاصة بالربط الكهربائي والسكة الحديد والاستخدام السلمي للطاقة النووية".
دول مجلس التعاون الخليجي التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم اضافة الى خمس احتيطات الغاز سيستمر مؤتمرها السنوي يومين ولا يتوقع المتابعون حدوث مستجدات على صعيد الاجراءات الامنية لدول المجلس على ضوء التهديدات النووية الايرانية التي يتزامن عقد مؤتمر ابو ضبي مع عقد اجتماعات دول مجلس الامن الخمس زائدا المانيا مع ايران بصددها،ومع ان ايران ابدت بعض الليونة الا ان التصريحات الاخيرة لنجاد وعدد من المسؤولين المختصين بالملف النووي الايراني بشان عدم تقديم اية تنازلات اثارت موجة من التشاؤم حول امكانية فرض حزمة عقوبات دولية جديدة على ايران .
ومع استمرار المواجهة المحتدمة بين ايران والمجتمع الدولي وتزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن فضلا على تداعيات الانسحاب الايهامي الاميركي من العراق، فان امن المجموعة الخليجية يبدو عنوانا رئيسيا لقمة ابوظبي في الجانب السياسي انما دون ان يثمر شيئا في ظل سياسية التهدئة التي تنتهجها دول الخليج وتستغلها ايران لفرض المزيد من التنازلات عليها ، بل وارتهانها في مواجهة الغرب وهي التي تمتلك نصف احتياطي العالم المثبت من البترول كما اشرنا وهو ما يمثل تهديدا خطيرا لاوضاع العالم الاقتصادية راهنا ومستقبلا ما يوجب على العالم التصرف لدرء مخاطر اطلاق شرارة حريق مهما كانت صغيرة في المنطقة .
ويرى المراقبون انه بعد توقف دام اكثر من سنة يشكل اللقاء الجديد بين مجموعة "5+1" والوفد الايراني بقيادة سعيد جليلي اختبارا نوعيا مهما لرغبة طهران الحقيقية في التفاوض بشأن برنامجها النووي. وبالنسسبة لي شخصيا وعلى ضوء متابعتي لتصريحات نجاد والمسؤولين الايرانيين حول عدم تقديم تنازلات ومعرفتي بطبيعة نظام ولاية الفقيه فامر ياخذ منحيين هما اما ان يكون النظام الايراني ينوي فعلا عدم تقديم اي تنازل بسبب قراءات خاصة به ، او انه يقود العالم الى حافة الهاوية متوقعا ارغامه على تقديم تنازلات ترضيه وتثبت مواقعه المهزوزة ، بسبب معرفتي باوضاعه الماساوية داخليا والتحديات الصعبة التي يواجهها على الاصعدة الساسية والاجتماعية والاقتصادية وبخاصة في مضمار الوقود حيث اننا نعرف ان شتاء ايران مرعب ، وانها عانت في الصيف الماضي والشتاء الذي سبقه ما عانته بسبب انقطاع امدادات البنزين وانقطاع امدادات الغاز في الشمال قارس البرودة وايام البرد الحقيقي لم تات بعد !! واذا ما شددت عقوبات الغرب في هذا المضمار فان كارثة حقيقية ستحيق بالايرانيين في الشمال ، وفي الحالين فان المهدد الحقيقي هو الشعوب الايرانية التي ستواجه واقعا يتردى باستمرار بسبب من تعنت النظام الايراني وتزايد عزلته الدولية وبخاصة بعد توجه التعاطف الدولي نحو المعارضة الايرانية على ضوء انتهاكات النظام لحقوق الانسان التي حصدت قرار ادانة جديد برقم 57 قبل مدة قصيرة ، بينما يسعى المجتمع الدولي الى رفع تهمة الارهاب عن اشرس منظمات المقاومة الايرانية في مواجهة النظام منظمة مجاهدي خلق .
وتطالب دول الخليج وهي الدول الاكثر تماسا مع خطر التهديد النووي الايراني بدور لها في المفاوضات الدولية مع النظام الايراني وتبدو مطالبها مشروعة ومنطقية وقد تساءل وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد امام منتدى "حوار المنامة" السبت الماضي "لماذا ليس للخليج دور في الحوار مع ايران؟" مضيفا "ولماذا يعتقد الغرب ومجموعة 5+1 ان الملف النووي الايراني يخصهم فقط؟".
وقال الشيخ عبدالله ان "أي حل يجب ان يخرج من المنطقة (...) يجب ان يكون لدول مجلس التعاون دور في هذه المفاوضات".
وقال العطية في هذا السياق "يجب استشارة دول مجلس التعاون والتنسيق معها لاننا ست دول مجاورة لايران. وهناك بعض الامور ذات الطبيعة السياسية التي تتطلب ان نكون مطلعين ومستشارين حولها بشأن الملف النووي الايراني ".
وردا على سؤال حول امكانية طرح هذا المطلب في جدول اعمال القمة، قال ان "كل شي ممكن" مشيرا الى ان القمة ستطرح الملفات المهمة التقليدية في المنطقة، "الجزر الاماراتية المحتلة الثلاث وايران والعراق واليمن والملف الفلسطيني".
وافاد تقرير اخباري من منطقة الخليج ان مسؤولين عسكريين كبار بينوا يوم الاحد الماضي ان الامارات العربية المتحدة تخطط لتحديث أنظمتها الدفاعية الصاروخية وتفكر بربطها اقليميا ببقية الدول الخليجية العربية لدعم دفاعاتها.
وتنفق دول الخليج العربية الست المصدرة للنفط مليارات الدولارات لشراء احدث الانظمة الدفاعية حيث تخشى ضربات انتقامية من ايران في حالة شن الولايات المتحدة او اسرائيل عملا عسكريا ضد ايران.
وقال اللواء الركن علي محمد صبيح الكعبي نائب رئيس أركان القوات المسلحة الاماراتية في مؤتمر عسكري ان ثلاثين دولة تمتلك صواريخ بعيدة المدى نصفها في اسيا والشرق الاوسط.
واضاف ان تهديد الصواريخ طويلة المدى حقيقي وان الامارات يجب أن تكون مستعدة للدفاع عن شعبها والمنطقة ضد اي تهديد.
ولم يسم الكعبي الدول المقصودة لكن مسؤولين عسكريين اخرين حضرا المؤتمر المنعقد في أبوظبي أشارا الى دول مثل ايران واسرائيل والهند وباكستان.
وقال العميد الركن محمد مراد البلوشي قائد مركز العمليات الجوية في القوات الجوية والدفاع الجوي لدولة الامارات ان هناك تركيزا عاليا للصواريخ طويلة المدى في المنطقة مما قد يسبب دمارا مؤثرا.
وقال ان الامارات تحتاج الى تسليح نفسها بأحدث الانظمة الصاروخية.
وأضاف دون الخوض في التفاصيل ان الامارات في مراحل متقدمة من عملية شراء وتحديث صواريخها من طراز باتريوت وأنظمة الدفاع ضد الصواريخ طويلة المدى.
كما تبني الامارات نظاما متطورا للدفاع الصاروخي وتدير مركزا للدفاع الجوي والصاروخي المدمج من شأنه أن يكون مثالا لغيرها من دول الخليج.
ومن المتوقع أن تشتري الامارات نظام صواريخ من نوع ثاد المخصص للتصدي للصواريخ طويلة المدى التي تنقض على ميدان المعركة من أماكن نائية وهو نظام تصنعه شركة لوكهيد مارتن. وقال مصدر عسكري لرويترز ان صفقة الشراء من الممكن ان تتم في 2011. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته حيث لم توقع الصفقة بعد ان دولا خليجية اخرى تفكر في شراء نفس النظام الصاروخي.
ورفض المسؤولون العسكريون الاماراتيون التعليق على الصفقة.
وتجري جهود من أجل تحسين الاندماج والتعاون المشترك في تشغيل أنظمة الدفاع الصاروخية في الخليج.
وقال الكعبي ان نظاما دفاعيا صاروخيا مدمجا هو الحل الافضل أمام أي تهديد. لكن ذلك قد يستغرق وقتا.
وقال رياض قهوجي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الادنى والخليج للتحليل العسكري "العسكرية عرضة للتوجيه السياسي... هناك رؤية استراتيجية لامتلاك نظام دفاع صاروخي مدمج لكن أحدا لم يحدد وقتا".
واضاف: "الامارات العربية المتحدة تبادر والاخرون سوف يتبعونها."
في الثلاثاء 07 ديسمبر-كانون الأول 2010 04:42:45 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=337