أفكار حول الأعياد
الاستاذ/حسن أحمد اللوزي -
الاستاذ/حسن أحمد اللوزي -
 

الأعياد فسحة من الوقت للانشغال بما هو قيمي واجتماعي ووجداني وبما ينمي المشاعر الإنسانية الراقية المتوفرة بصور وحالات شتى في شبكة اتصالية قابلة للنماء وللاهتداء!! ومحطة جياشة كاختبار عملي لغنى العاطفة وتدفقها وفيضها على النفس بما هو جواني.. وعلى الآخرين بما هو إنساني ويوثق ويعزز الصلات الإنسانية ويبني جسور الشعور المشترك.

لذلك تمثل الأعياد في حياة الكثيرين حقول عطاء حافلة بثمار الخير، وأسرار البركة، وفيوض الجود غير المقدر بثمن.. ولا مدى لآثاره في المكان أو سعة الزمان؟! وقد يقال مثل ذاك عن العطاء المادي وقد تزيأ برداء من الستر الذي قلما يأتزر به السخاء الإنساني أو يتعمم الجود فيخرج إلى كنف الأعمال التي لا يشوبها الرياء وتكون موسومة بعلامة الاختيار الحر.. والإرادة الجادة في التحلي بقيم الوفاء للصفات الراقية للجود والسخاء، والوفاء هنا لا ينحصر في مدلول محدد لأنه يشمل المعاني كلها.. تجاه النفس بتمكينها من بلوغ غاية السمو ونبالة التواصل فذلك متقدم في اتجاه الإنسان نفسه وفي اتجاه القيم التي يؤمن بها وتجاه المجتمع ككل، يترجمه الالتزام بعمل البر والتعاون والتكافل وصلة الآخرين وقبل ذلك كله وكما أشرنا في مواجهة النفس وما يعتورها من أمراض طارئة أو مستحكمة كالحقد أو الضغينة والانطواء أو الانزواء أو يتكدس في تلا فيفها من حسابات الدنيا الرخيصة.. والتي لا صلة لها بثقل الميزان الرباني الذي لا مكان فيه غير الخير والبر والتقوى وذلك العمل الذي لا يمكن أن يهدر ولو كان مثقال ذرة بميزان ما هو فإن فكيف بما هو باق وخالد؟!

والأعياد فكرة إنسانية عتيقة ابتكرها الإنسان لحاجة فطرية فيه من يوم أن عرف نفسه ومارس الطقوس الوثنية فكانت له مواسمه لإعلان أفراحه ومباهجة بالصور الوجدانية والنفسية والجسدية المتنوعة كأعياد الخصوبة والميلاد السنوية والمناسبات الموسمية كالزراعة والحصاد.. والصيد والفيضانات والحياة والموت وكما في المناسبات الإباحية، ولكنه في هذه الوتيرة الوثنية بعزم مقصود، بل وابتكر أيضاً مناسبات أخرى للمناحات والندب والعويل ليجد مبرراً لترديد ما صفح به الوجود وهو البكاء.

ولما للأعياد من آثار غير محددة المنافع على النفس البشرية والمجتمعات فقد زكتها الأديان وأيدتها وقد أبدلنا الله بأعياد الجاهلية بأجل عيدين دينيين عظيمين هما العيد السعيد عيد الفطر عقب أداء فريضة الصوم كمحطة للفرح بذلك، وعيد الأضحى المبارك عقب أداء فريضة الحج لذات معاني الابتهاج ولم يحظر الدين الحنيف إقامة أعياد المناسبات حياتية سامية يقدس ويجل فيها الإنسان القيم المثلى التي يعتقدها ويعمل على تمثلها ومثل ذلك يقال على كل أعيادنا الوطنية والقومية ولا غضاضة في أن تتحول كل أيامنا أعياداً طالما كان الظفر معقوداً بساعاتها الجميلة وحياتها العملية المبدعة والمنتجة، وقد تأبدت كل جمعة في كل أسبوع عيداً لهذا المعنى .. إذ لا معنى للأعياد في حياة الشعوب وهي تراوح مكانها أو تتراجع كما بالنسبة للإنسان وهو يعيش البطالة والخسران.

وكل عام وأنتم بخير

(ليس لمعنى العيد حدود:

فرح العيد ضياء الأعماق

ضوع الإحساس بألوان الإشراق

ليس طلاء الصورة

العيد حياة في قلب الفكرة

نسيج الأوردة الموصولة

بالفعل ورد الفعل

بالروح وفيض الإفصاح بآيات الجود

جوهر زهو الإنسان بمعنى الموجود

ليس لفرح العيد ضفاف مغلقة

ليس لمعنى العيد حدود وقيود؟!

ما أزكى أحضان العيد!!


في الخميس 17 أكتوبر-تشرين الأول 2013 09:03:10 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=675