دروس مانديلا
كاتب/عباس غالب
كاتب/عباس غالب
فجأة استرجع العالم الدروس التي ضربها الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، إثر وفاته بعد حياة حافلة بالنضال والعطاء في مقاومة التمييز والفصل العنصري في بلاده الذي أذاق شعبه شتى صنوف التمييز العنصري وارتكب في حقه أبشع الجرائم الإنسانية. 
لقد كان في طليعة تلك الدروس المستفادة التي ضربها مانديلا بعد معاناة مريرة في سجون النظام العنصري في جنوب أفريقيا بعد أن أمضى قرابة ربع قرن في سجون هذه السلطات.. من هذه الدروس المستفادة ، قيام مانديلا بالصفح عن جلاديه، داعياً – عوضاً عن ذلك – إلى فتح صفحة جديدة من التعايش والإخاء والمحبة والسلام بين مكونات المجتمع. 
أما الدرس الثاني الذي خلدُه سجل الرجل فإنه عندما تولى السلطة حرص على ألاَّ تتعدى فترة ولايته الدورة الواحدة، ليرسي بذلك تقليداً جديداً في أفريقيا تحديداً وفي العالم الثالث بصورة عامة تؤكد ضرورة وأهمية التداول السلمي للسلطة في إطار منظومة العمل الديمقراطي وبعيداً عن الانقلابات العسكرية التي تكاد تكون السمة الطاغية في مجمل الأنظمة داخل هذه البلدان. 
وثمة دروس أخرى بليغة تركتها سيرة المناضل مانديلا ، حيث تجرد كلياً من نزعات الحقد والكراهية والتعصب والبغضاء ، مستبدلاً ذلك بالانفتاح والتسامح والمحبة والتسليم بمبدأ التعايش بين مكونات المجتمع العرقية والاثنية .. وهو ما تفتقر إليه عديد الشعوب والأمم وتحديداً في الدول الأفريقية التي تعيش صراعات مدمرة جراء هذه التباينات العرقية وأقحمها في معارك ألهت شعوبها عن اللحاق بركب التطور والتقدم والازدهار. 
لقد ترك نيلسون مانديلا سيرة عطرة خلال سِفر نضاله الطويل ضد شتى صنوف العنصرية والاستبداد والظلم .. وهو أحوج مما تكون إليه الشعوب والأمم الاحتذاء بهذه السيرة والقادة إلى تمثلها ، خاصة في ظل هذه الاضطرابات السياسية والمواجهات الدموية القائمة في أكثر من قطر عربي وأفريقي على حد سواء. 
وتجاه معطيات الواقع العربي الراهن نتساءل بمرارة : 
من أين لنا بزعيم عطر السيرة، صلب النضال ، متسامح القلب منفتح على الآخر كالزعيم نيلسون مانديلا الذي يوارى جثمانهِ الثرى وسط حضور عالمي غير مسبوق ؟ 


في الأربعاء 11 ديسمبر-كانون الأول 2013 10:42:25 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=789