انتصارات وهمية وحرب عبثية
كاتب/يونس هزاع حسان
كاتب/يونس هزاع حسان

ما يجري من مواجهات مسلّحة واغتيالات متواصلة سواء في شمال الشمال أم في جنوب الجنوب ليست سوى مسلسل لحرب عبثية ليس فيها منتصر ولا مهزوم؛ لكنها دماء تُسفك وإمكانات تُستنزف ونساء تُرمّل وأسر تُشرد ضحاياها كلهم يمنيون ويمنيات. 
 البعض يسمّيها حرباً بالوكالة لصالح أطراف خارجية، والبعض الآخر يعتبرها حرباً مذهبية، وآخرون يعتبرونها طائفية، أنا شخصياً لا أعتبرها كذلك ولا أرجّح أياً من تلك الأطروحات؛ إذ لا مصلحة لأطراف خارجية ولا هي مذهبية، لأن المتحاربين ينتمون إلى مذهب واحد هو «الزيدية» أما الشوافع فهم ليسوا طرفاً فيها لا من قريب ولا من بعيد حتى نسمّيها حرباً مذهبية، أما عن كونها طائفية فلا طائفية بمعنى طائفية في اليمن كما هو قائم في لبنـــان مثلاً حيث «طائفة الدروز.. الموارنة.. الإسماعيليين....إلخ». 
إذا اعتبرناها حرباً «مذهبية» ـ هي أيضاً ليست كذلك ـ هي أيضاً ليست حرباً بمعنى حرب؛ لكنها ميليشيات وقبائل مسلّحة تتصارع وتتحارب في عمليات كر وفر يمكن أن نسمّيها فقط حرباً عبثية بين أطراف لا تدرك مصلحتها الحقيقية؛ تتحرّك بنفس طريقة أفلام الرعب «Walking Dead» عندما يمشي الموتى ويتحرّكون ليأكلوا الأحياء. 
 وفي جميع الأحوال مثل هذه المواجهات ليس لها سقف زمني أو نهاية سعيدة ينتصر فيها أحد الأطراف ليبتلع الطرف الآخر؛ لكنهم جميعاً يبتلعون الحياة ويعرقلون عملية تطوُّر اليمن نحو بناء الدولة المدنية، إنهم يستنزفون أنفسهم وفي المحصّلة النهائية يستنزفون طاقات ومقدّرات اليمن. 
 فسواء تلك الأطراف التي سيطرت على دماج؛ تلك المنطقة النائية التي كلما شاهدناها على شاشة التليفزيون تذكّرنا منطقة «تورا بورا» في أفغانستان، أو تلك الأطراف التي تحاول الهيمنة على مناطق في عمران، خمر، حرف سفيان؛ مناطق كلها تخلو من أية ثروات نفطية، كما أنها ليست مواقع استراتيجية عسكرية أو ممرات للملاحة الدولية أو لنقل البضائع المهمّة والحيوية، إنها مجرد أراضٍ قاحلة لقبائل فقيرة كلها تبحث عن النظام وعن الدولة التي تحقّق لها الاستقرار والعيش الكريم كغيرها من قبائل اليمن. 
 فعلاً «لقد فاتهم القطار» من يعتقدون ويحلّلون ولا يحرّمون، يفتون ولا يفهمون، يقتلون ويعبثون ويدّعون أنهم مسلمون أو أنهم من أمة الإسلام وهم يعلمون أن دم المسلم على المسلم حرام، وأن القاتل والمقتول في النار؛ لكنهم يقطعون الطرقات ويخربون البيوت ويرتكبون المحرّمات باسم دين الإسلام المعروف بالعدالة والسلام، والدعوة إلى التعايش بين الديانات والثقافات المختلفة؛ فما بالكم بالتعايش بين المسلمين ذاتهم..؟!. 
 هي حرب عبثية بمعنى الكلمة؛ كلما اتسعت؛ اتسعت عبثيتها بمقدّرات الشعب والوطن. 

Unis2s@rocketmail.com

في الأحد 09 فبراير-شباط 2014 12:37:54 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=953