أعدّت الحكومة اليمنية إستراتيجة وطنية للأمن الغذائي بالتعاون مع المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء "IFPRI" بواشنطن، والتي تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثّل في تقليل مشكلة الأمن الغذائي بنسبة الثلث بحلول العام 2015، وتحقيق الأمن الغذائي لـ 90% من السكان بحلول العام 2020، وتقليل سوء التغذية للأطفال بنسبة 1% على الأقل كل عام.
واعتبر مشروع الإستراتيجية المعروض حالياً أمام مجلس الوزراء أن اليمن أكثر الدول التي تعاني من مشكلة الأمن الغذائي في العالم العربي، وبين عشر دول تعاني من نفس المشكلة على المستوى العالمي، ونتيجة لهذا الوضع المقلق قامت الحكومة ممثّلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي بتطوير رؤية مشتركة تتعلّق بالأمن الغذائي تتضمّن ضرورة حصول جميع أفراد الشعب اليمني على غذاء كاف في كل الأوقات وأن يعيشوا حياة صحية منتجة وحيوية.
وذكرت الإستراتيجية أنه لترجمة هذه الرؤية "الأمن الغذائي لكل اليمنيين" إلى واقع قامت اللجنة الوطنية للأمن الغذائي ببلورة حزمة من الأهداف يمكن من خلالها تحديد النجاح للإستراتيجية الوطنية.
ووفقاً للإستراتيجية فإنه "إذا لم يتم اتّخاذ أي إجراء فإن اليمن سوف تفقد هذه الأهداف، وسيزداد عدد السكان المعرّضين لمشكلة الأمن الغذائي، وعليه فقد قامت اللجنة الخاصة بالأمن الغذائي وفي عملية تشاورية تشمل الهيئات الحكومية الرئيسية والمجتمع المدني والشركاء الدوليين بتحديد 18 إجراء رئيسي، وبناء على هذه الأولويات والنتائج المستقاة من نموذج الأمن الغذائي اليمني تم تحديد 7 أولويات لتنفيذ الإستراتيجية. وإذا تم تنفيذ هذه الخطة المكوّنة من سبعة محاور فإن اليمن سوف تصل إلى أهداف الأمن الغذائي وتصبح بلداً مؤمّن غذائياً بحلول العام 2020".
وتتمثّل المحاور السبعة في "إصلاح عملية دعم الوقود لزيادة الأمن الغذائي، وتطوير المناخ التجاري لدعم الاستثمارات الداعمة للأمن الغذائي في القطاعات الواعدة، واستخدام سياسات الحدّ من زراعة القات لتعزيز النمو الزراعي، وتطوير إدارة مخاطر الأمن الغذائي، وتطوير إستراتيجية قطاع المياه بشكل حاسم، واستثمار عام أفضل وتحسين تقديم الخدمات وخاصةً في المناطق الريفية، وعمل حملات توعية عالية المستوى لتنظيم الأسرة والتغذية الصحية وتمكين المرأة".
وفيما يتعلّق بالمحور الأوّل فقد أكّدت الإستراتيجية أن "الحكومة اليمنية قامت بخطوة أوّلية لإصلاح دعم المشتقات النفطية من خلال زيادة أسعار الوقود في عام 2010، وهذه الخطوة من شأنها توفير فرص أكبر لتطوير الأمن الغذائي في حالة أن عملية رفع أسعار الوقود صمّمت بشكل جيّد بحيث تصبح داعمة للأمن الغذائي. ببساطة فإن وقف دعم الوقود سوف يفاقم مشكلة الأمن الغذائي، حيث أن المزارعين وسكان الحضر هم أكثر المتأثّرين بزيادة أسعار الوقود، إلا أن التوفير الذي سيقع على الميزانية نتيجة لعملية الإصلاح هذه سوف يزيد من السيولة لتمويل الربط بين التحويلات المباشرة والاستثمارات الداعمة للإنتاج".
وأوضحت إستراتيجية الأمن الغذائي أن زيادة التحويلات المباشرة التي تستهدف معالجة مشكلة الأمن الغذائي سوف تساعد في تقليل الآثار السلبية خلال الأعوام الأولى لعملية الإصلاح، كما أن صندوق الرعاية الإجتماعية بنظامه الجديد سوف يلعب دوراً في تنفيذ تحويلات الدخل، ولدعم الأمن الغذائي المستدام من المجتمع لمدى طويل فإن عملية الدفع للتحويلات المباشرة يجب أن تتم باستثمارات عامة".
وقالت الإستراتيجية إن الاستثمارات العامة في البنية التحتية المتعلّقة بالخدمات والنقل والتجارة والإنشاءات سوف تكمل الفراغات الافتتاحية وتخلق قاعدة لإصلاح الوضع الزراعي والصناعي والخدماتي والتي يمكن أن تستغل من خلال تمكين الاستثمارات المحلية والخارجية الخاصة في المدى المتوسّط.
وشدّدت الإستراتيجية على أنه إذا تم تنفيذ الخطة المكوّنة من سبع نقاط فإن اليمن سوف تصل إلى أهداف الأمن الغذائي بحلول الأعوام 2015 و2020 على التوالي.
وأشارت إلى الطبيعة الشاملة لاستراتيجية الأمن الغذائي الوطني التي يمكن أن تصبح أساساً لكل الإستراتيجيات وتشكّل مساهمة مهمّة لسياسات التنمية في اليمن خلال العقد القادم، ومن المهم أن واضعي السياسات يجب أن يتحرّكوا بسرعة من وضع الأهداف وتحديد الأولويات إلى وضع الإصلاحات السياسية المطلوبة وتصميم خطط استثمارية خاصة لتنفيذ الخطة. إضافة إلى ذلك فإن تنفيذ السياسات والاستثمارات والبرامج المقترحة في هذه الإستراتيجية يعتبر أكثر فعّالية عندما تنفّذ بشكل شفّاف وشامل وبمتابعة فاعلة وآليات تقييم ورقابة ملائمة، وسوف يتطلّب ذلك تصميم مؤسّسي ملائم وجهود مهمّة لتعزيز القدرات في جميع الوزارات المعنية.
ولفتت الإستراتيجية إلى أنه من الأمور الهامة هو أن التنفيذ الناجح سوف يجعل القيادات المؤثّرة وجميع الوزارات المعنية تتعاون نحو جعل رؤية الأمن الغذائي في اليمن أمراً واقعاً.