العنوان كما تعرفون هو بيت لقصيدة شاعر اليمن الكبير عبد الله البردوني - رحمه الله - قالها في بداية سبعينيات القرن الماضي في محفل للشعر العربي، وأحدثت تلك القصيدة وقتها صدمة في العقل العربي الذي كان يعيش مرحلة تجربة الأيديولوجيات بحثا عن مخرج. الأزمة على حدودنا الجنوبية ما هي إلا امتداد لظروف هذه القصيدة وستظل هذه الأزمة ما بقي اليمن على وضعة السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
قدرنا أن نكون القلب الكبير لليمن، فمنذ التسعينيات الهجرية ورغم الطفرة التنموية وندرة المؤهلين منا، كنا نرسل أبناءنا من المدرسين والمدربين وحتى الجيولوجيين إلى اليمن لا لشيء إلا لأننا نرى أن اليمن ينتمي لجسد القلب الكبير. لا تكفي مساحة عمود صحفي لوصف حال اليمن، فجميع دول العالم وحتى المتقدمة منها تنهار الدولة وتعود إلى كيانات الإقليم والعرق والقبيلة إذا ضعفت وانهارت مؤسسات الأمن والمجتمع والاقتصاد فيها. الشعب اليمني كغيره من شعوب الكرة الأرضية التي قوّضتهم العولمة بقنواتها الفضائية وأدرك ما لدى الإنسان في الدول الأخرى من تنمية ورفاهية وعدلية، ويرى أن له الحق في الحياة الكريمة من خلال استثمار طاقاته وثقافته وثرواته. الأزمة في اليمن مرشحة للتصعيد ما لم تحل المشكلات الرئيسة وهي الفقر والقات والتعليم، فالقات يستنزف جزءا كبيرا من الناتج القومي ويستنزف جزءا كبيرا من ساعات العمل، بينما تستعمر الدول المتقدمة المحصول الفاخر من البن اليمني وتعيد تصديره بخمسة أضعاف قيمته الأصلية. حياة الأغلبية الكبرى من الشعب اليمني أصبحت دون خط الفقر وهو المؤثر الأول في الوضع الأمني في هذا البلد العريق. الأزمة اليمنية مرشحة للتصعيد في المستقبل القريب ما لم تتخذ الجامعة العربية ودول الخليج الغنية سياسة فاعلة للتكامل الاقتصادي والتعليمي والمجتمعي مع الأشقاء في اليمن. السياسة الفاعلة يجب أن يقودها رجال الاقتصاد بالتوازي مع رجال السياسة، فاليمن لديه موارد متنوعة تنتظر الاستثمار، والشعب اليمني أفضل الشعوب العربية قدرة على التكامل مع المستثمر الخارجي مقارنة بدول أخرى لا هم لصحف المعارضة فيها إلا إسقاط نظرية المؤامرة على المستثمر العربي دون المستثمر الأجنبي. الاستراتيجية الفاعلة لإنقاذ اليمن يجب أن تبدأ من أمراء القبائل وتتمثل في التوعية والتعليم وإعادة مفهوم القبيلة لماضيها الأصيل وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة لخدمة الشعب بمنهجية عدلية شفافة. إن إنشاء مدارس ومؤسسات تعليمية وتدريبية صغيرة في الوديان والجبال هو المطلب الأول في أي خطة إنقاذ استراتيجية في اليمن. رجال الأعمال في الخليج العربي يجب أن يخرجوا من عباءة التجارة وأن يكون لهم دور سياسي من خلال إنشاء وإدارة ودعم مؤسسات الخدمة الاجتماعية في العالم العربي كي لا ندع موطئ قدم للمنتهز الأجنبي. وتحفل المملكة بنخبة من رجال الأعمال ذوي الدراية ممن كان للاستثمار الاقتصادي/ الاستراتيجي نصيب من همومهم رغم البيروقراطية وفساد الإجراءات التي وضعت أمامهم في الدول المجاورة.
المصدر :صحيفة الاقتصادية الإلكترونية