برز الى السطح مؤخرا صوت يعلو من محافظة المهرة اليمنية والتي كانت والى فترة ليست ببعيدة خارج دائرة الصراع الحالي في البلاد منذ إطلاق عاصفة الحزم على اليمن في ال 25 من مارس 2015.
وعلى الرغم من ثرواتها التي تمثل مطمع طبيعي لكل من الدول (المعتدية على اليمن) وكل دولة تريد السيطرة عليه، فهي الواقعة في اقصى الشرق اليمني وثاني أكبر المحافظات في البلاد ومن حيث الجوار فهي تلامس الحدود الغربية لسلطنة عمان وتحدها حضرموت ومن الناحية الشمالية الربع الخالي وبحر العرب جنوبا.
مع كل هذه المقومات يبزر السؤال لماذا كانت المهرة خارج المطامع لدول التحالف منذ انطلاق العاصفة قد يعود ذلك لأمرين:
لمشيخة وقبائل المهرة علاقات وثقة متبادلة مع سلطنة عمان وفي العام 2017 اصدرت السلطنة مرسوما يقضي بمنح الجنسية العمانية لبعض الاسر المهرية واستفاد من هذا المرسوم 69 شخصا من ضمنها اسرة احدى القيادات الجنوبية السابقة , بالإضافة لتقديم مشاريع تنموية ومد جسور متينة مع القوى القبلية هناك , وسلطنة عمان لعبت دور الوسيط في اليمن وجمعت انصار الله وسعوديين على طاولة واحدة , بالتالي لا تستطيع السعودية أو الامارات ان تضغط على السلطنة وهي الحاضرة قبليا واجتماعيا ,كما ان المهرة وليست كغيرها من المحافظات التي استوطنتها (الامارات ), بالإضافة ان المجتمع المهري شبه منغلق على السعودية ومنفتح أكثر على العمانيين.
موقعها الجغرافي في اقصى البلاد جعلها تنأى بنفسها كما ان السعودية كان لها محاولة للسيطرة عليها في الثمانينات وحتى بعد الوحدة بين شطري اليمن، بالإضافة الى الضغط الذي كانت تواجه من قبل أنصار الله والجيش واللجان الشعبية في بدء الحرب جعلها تؤجل هذا الطموح.
المشروع عاد الى الواجهة من جديد وبدات الإمارات والسعودية طرق أبواب محافظة المهرة، واقامت علامات اسمنتية تمهيدا للشروع في بناء انبوب نفطي إدعت من خلاله انها تجري مسح ميداني لإعمار وتنمية اليمن، لكنها في حقيقة الامر لا تبحث سوى عن موطئ قدم جديد جاء ذلك نظرا لعدة عوامل:
خسرت السعودية في عدن والمحافظات الجنوبية وتواجه سخط شعبيا كبيرا يتسع يوم بعد الاخر حتى ان حكومة هادي لم تستطع كبح جماح الشارع.
لم يستطع التحالف إحداث أي اختراق في جبهة الشمال اليمني وخاصة مواجهته مع أنصار الله، بل على العكس يتلقى كل يوم ضربات شرسة وصلت الى مطاراتها وموانئها.
الامم المتحدة والمجتمع الدولي بات يشكل ضغط كبير على التحالف مع إطالة أمد الحرب وتردي الوضع الانساني بشكل كبير، وانتشار المجاعة والأمراض وهو لا يضغط فقط على السعودية بل يشكل كل ذلك حرج كبير للمنظمة الاممية بعد ان تزايد الاتهام لها أنها لا تستطيع التأثير على الاقل في الجوانب الانسانية.
الولايات المتحدة أيضا تضغط بشكل مباشر على السعودية وما تصريحات ترامب الاخيرة حول حماية السعودية الا شكل من اشكال الضغط عليها طالما انها لم تحقق اي انجاز يذكر في الملف اليمني.
كل هذه الضغوط دفعت بالتحالف ان يبحث عن ساحة جديدة في اليمن لتحقيق انتصار بسيط على الاقل لكن كل تلك المحاولات جوبهت برفض شعبي وقبلي وكان مشهد موكب العميد علي سالم الحريزي اثناء وصوله الى الغيضة من الشحر والحشد الكبير من مختلف قبائل المهرة التي كانت باستقباله بعد ان وجهت قيادة التحالف اعتقاله على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها المحافظة رفضا للاستحداثات العسكرية والمنشآت التي تقوم بها.
السعودية اليوم تعيش أزمة حقيقية وقد لا تستسلم ولكنها سَتُغرِق نفسها في المستنقع التي وضعت نفسها فيه قريبا ولن تبحث عن أي قشة لتتمسك بها.
والايام بيننا
إعلامية من اليمن