|
|
|
|
|
ترامب “يتوج” إسرائيل حامية لدول الخليج رسميا بضمها الى التحالف البحري لحماية الملاحة في مضيق هرمز..
بقلم/ أستاذ/عبد الباري عطوان
نشر منذ: 5 سنوات و 3 أشهر و 14 يوماً الأربعاء 07 أغسطس-آب 2019 08:18 م
انضمام دولة الاحتلال الإسرائيلي الى التحالف الأمريكي الذي دعا لقيامه الرئيس دونالد ترامب تحت ذريعة تأمين الملاحة البحرية في الخليج ومضيق هرمز، خطوة خطيرة لتكريس التطبيعين الأمني والعسكري بين تل ابيب ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي.
إسرائيل لا تملك اساطيل بحرية، وليست من دول الجوار لهذا الممر الملاحي الدولي، وليس لديها ما تضيفه في ظل وجود مئات البوارج وحاملات الطائرات الامريكية والبريطانية، وصمت معظم هذه الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية والامارات وقطر وسلطنة عُمان على وجودها، أي إسرائيل، في هذا التحالف هو مباركة لهذا التطبيع ومساندة له.
إسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي، كان اول من كشف رسميا عن مشاركة حكومته في هذا التحالف، وتكهن في تصريحات للإعلام الإسرائيلي بأن الخطوة المقبلة ستتمثل في توقيع اتفاق تطبيع كامل مع الدول الخليجية، وقال ان الدور الإسرائيلي سيكون في ميدان العمليات الاستخبارية، وهي التجارة الرابحة لحكومته.
معظم الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا وألمانيا رفضت تلبية طلب الرئيس الأمريكي للانضمام الى هذا التحالف، وربما كانت بريطانيا هي الدولة الوحيدة ذات الشأن التي خرجت عن السرب الأوروبي، وأعلنت المشاركة، لان هذه الدول تريد ان تنأى بنفسها عن السياسات المتهورة للإدارة الامريكية الحالية، وعدم الانجرار الى أي حروب يمكن ان تنتج عنها خاصة ضد ايران ومحورها.
يبدو واضحا من خلال تتبع خطوات التصعيد الأمني والعسكري للرئيس ترامب ضد ايران، وزيادة حدة التوتر في مياه الخليج العربي، انها تأتي تطبيقا لسيناريوهات معدة سلفا، بدايتها الانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات لخنق وتجويع شعبها، وبما يؤدي الى اقدامها على اعمال انتقامية في اطار الدفاع عن مصالحها، وبما يوفر الحجج لتدويل مضيق هرمز الذي هو في الأساس مياه إقليمية عربية إيرانية مشتركة، وهو تدويل قد يؤدي الى حرب في نهاية المطاف.
عضوية إسرائيل في هذا التحالف البحري الجديد هو مقدمة لتتويجها وكيلة لواشنطن كمسؤولة عن حماية امن دول الخليج من “فزاعة” الخطر الإيراني، الامر الذي يعني عزل هذه الدول كليا عن محيطها العربي والإسلامي وربطها بالكامل بالأمن الإسرائيلي في منظومة امنية وعسكرية جديدة.
إدارة الرئيس ترامب، وفي ظل انشغال دول المركز العربي مثل العراق وسورية ومصر والجزائر في همومها الداخلية، اعتقدت ان هذا هو التوقيت الأنسب لقيام هذه المنظومة الجديدة بقيادة إسرائيل وفرضها بالترهيب والتخويف، ويبدو ان خطوته هذه حققت بعض النجاحات حتى الآن، فلم نسمع أي اعتراضات مصرية وعراقية تحديدا عليها، ناهيك عن الدول الخليجية المعنية.
نشرح اكثر ونقول ان هذه الإدارة، والإدارات الامريكية التي سبقتها، اقامت العديد من التحالفات ولم تدعو إسرائيل للانضمام اليها مثل التحالف الثلاثيني لغزو العراق، والتحالف الذي سبقه لتحرير الكويت، او التحالف الستيني للحرب على الدولة الإسلامية “داعش”، لانها كانت تدرك ان أي دعوة لتل ابيب للانضمام ستحدث زلزالا في الشارع العربي.
***
بغض النظر عن نجاح خطة الرئيس ترامب في إقامة هذا التحالف او فشلها، فان هناك العديد من التطورات باتت راسخة على الأرض نلخصها في النقاط التالية:
أولا: انضمام إسرائيل الى منظومة التحالف البحري الجديدة يعني انها أصبحت شريكا مباشرا في أي حرب تشنها الولايات المتحدة ضد ايران، وباتت صاحبة كلمة عليا في امن الخليج، وقوة جارة لدوله.
ثانيا: أي قصف صاروخي من قبل ايران او اذرع حلفائها العسكرية في المنطقة لإسرائيل في حال اندلاع الحرب سيكون مشروعا وفي اطار سياسة الدفاع عن النفس وحفظ المصالح.
ثالثا: ربما يستغل الحرس الثوري الإيراني هذا الوجود الإسرائيلي داخل المنظومة الأمنية والعسكرية الجديدة، لشن هجمات على اهداف إسرائيلية في مياه الخليج، او البحر الاحمر، فمن يتخذ قرارا بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة ويبادر الى تنفيذه لن يتردد في اتخاذ قرار مماثل لمهاجمة اهداف إسرائيلية.
رابعا: هذه العضوية الإسرائيلية في المنظومة الجديدة ستصب في مصلحة القيادة الإيرانية من حيث كونها ستوظف أداة تحشيد وتعبئة للشارع الإيراني خلفها، وعزل حكومات الدول الخليجية ووضعها في خانة الحكومات المتواطئة مع المشروع الإسرائيلي في إقامة إسرائيل الكبرى، وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
خامسا: الامر المؤكد ان القيادة الإسرائيلية مثلها مثل نظيرتها الامريكية، لن تقدّم أي تعاون امني وعسكري في اطار حماية هذه الدول الخليجية مجانا ودون مقابل، وستبدأ في ارسال “فواتيرها” الى عواصم هذه الدول للتسديد اول بأول، نقدا او سياسة، بطرق مباشرة او غير مباشرة.
***
ترامب يجر معظم حكومات الدول الخليجية الى مصيدة التطبيع الأمني والعسكري مع إسرائيل، وهذا أخطر أنواع التطبيع، لانه سيجردها من هويتها الوطنية العربية والاسلامية، ويجعلها بمثابة تابع للدولة العبرية، واسيرة لحمايتها، واملاءاتها، وهذا سيعرّيها، أي الحكومات، من منظومة القيم العربية والإسلامية التي تستمد شرعيتها منها.
اهم التعهدات الانتخابية التي أوصلت ترامب الى البيت الأبيض تلك التي وعد فيها ناخبيه بسحب جميع قواته من منطقة الشرق الأوسط، وقال فيها ان بلاده خسرت 6 تريليونات دولار وحصلت على صفر عوائد في المقابل، واي حرب سيفجرها في الخليج لمصلحة اسرائيل وبضغط منها، سيؤلب الرأي العام الأمريكي عليه، خاصة اذا جاءت باهظة التكاليف، ومن غير المستبعد ان يسحب قواته ويهرب من المنطقة مثلما فعل في فيتنام والعراق، وقريبا من أفغانستان، وربما سورية أيضا.
نعيد تذكير الاشقاء في الخليج ان معظم سياساتهم في السنوات العشرين الماضية قادت الى كوارث عليهم وبلدانهم، فقد تآمروا على العراق الذي حارب ايران ثماني سنوات لحمايتهم منها، ولعبوا دورا كبيرا في تسهيل احتلاله، وها هم يعترفون بهزيمتهم في اليمن ويسحبون قواتهم منها بعد خمس سنوات من النزيفين الدموي والبشري، والدخول في حلف مع إسرائيل ربما يكون ثالثة الاثافي.
إسرائيل وباختصار شديد لم تعد قادرة على حماية نفسها، وتعيش حالة من القلق والرعب من صواريخ محور المقاومة، ولا نعتقد انها ستكون قادرة على حماية الآخرين، وفي الخليج خاصة، في ظل تغير معادلات القوة، وصعود قدرات محور المقاومة.. والأيام بيننا.
Print Friendly, PDF & Email |
|
|
|
|
|
|
|