ما تزال الفرق المتعصبة، المنطوية على نفسها، المكفرة أو المفسقة لمن خالفها مولعة بإثارة الفتن، وإشعال نيران الخلافات التي لا مجال فيها ولا معها للتفاهم، والتفاوض، والإصلاح.
إن تاريخ تلك الفرق (المتعصبة على غير هدى) يشهد بخطورتها على المجتمعات التي تعيش فيها حينما تجد لها مجالاً لإثارة القلاقل والفتن، كما يشهد تاريخها بأنها تتقن دور الخمود والانطواء، والمجاراة حينما تكون في مجتمع قوي، ودولة حازمة يقظة، وهي في خمودها وانطوائها كالرماد الذي يخفي عن الأنظار وهد الجمر الملتهب تحته، ومشكلة المجتمعات والدول أنها قد تغتر بذلك الخمود، وتلك الاستكانة، فتغفل عن وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى توعية أتباع تلك الفرق، وتوجيههم إلى الصواب، ودعوتهم بالتي هي أحسن، إلى التي هي أقوم، وإنقاذ عقولهم ونفوسهم من التعصب الأعمى، والحقد والبغضاء للمخالفين لهم، من أهل الحق، وإزالة ما علق بعقولهم من الأفكار المنحرفة، وما خالط قلوبهم من المعتقدات الفاسدة، وما تغلغل في نفوسهم من الأباطيل والأكاذيب.
وهذا الإهمال لجانب التوعية والدعوة، وبيان الحق، يجعل تلك الفرق الضالة وأتباعها يوغلون في خطئهم، وكراهيتهم، وتعصبهم الذي يدفعهم - غالباً - حينما يجدون الفرصة، إلى إثارة الفتن، والقلاقل، واستباحة الدماء والأعراض، وغيرها من المحرَّمات.
ولهذا كان زعيم المتسللين من اليمن أي أراضي المملكة لإثارة الفتنة في اليمن بعد أن استغلوا الغفلة عنهم، وجمعوا من الأسلحة والعتاد ما مكنهم من قدح زناد المعركة، والبدء في إثارة الفتنة وشن الحرب، الظالمة على اليمن، واستمرارهم في الاعتداء حتى اقتحموا الحدود السعودية اقتحاماً مفاجئاً يدل على نية سيئة في استمرار الحرب، وتوسعة دائرتها.
إن الحسم بقوة هو العلاج الناجع لهذه الفتنة، وهذا الاعتداء الآثم مع قرب موسم الحج المبارك، نسأل الله أن يصدهم، ويرد كيدهم في نحورهم وينصر جنودنا المنافحين عن بلادهم نصراً مؤزراً، ويتغمد برحمته من قُتل منه، ونال - بإذن الله - شرف الاستشهاد في سبيل الدفاع عن الحق، ويعافي الجرحى، ويحمي منطقة جازان الغالية، الهادئة، منطقة العلم والأدب من كيد أولئك الكائدين، وحقد الحاقدين.
المملكة العربية السعودية حصن الإسلام الأكبر، وقلعته الثابتة ومن حقها علينا أن نكون قوة واحدة صامدة في مواجهة أعداء عقيدتها، وفكرها، وأخلاقها، والتزامها، ورايتها التي تخفق بكلمة التوحيد، وألا تنطلي علينا دعوات المرجفين، ولا أقوال المنحرفين عن شريعة الله، أينما كانوا، وكيفما كانوا.
*نقلا عن صحيفة الجزيرة السعودية: