في 30 نوفمبر 1967 غادرت القوات البريطانية اليمن للمرة الأخيرة بعد 130 عاما. هذا التاريخ مّثل نهاية للعلاقة الاستعمارية بين اليمن وبريطانيا وليس هناك أية نوايا بريطانية للعودة إلى اليمن.
منذ ذلك الحين، شهدت العلاقات اليمنية -البريطانية صعودا وهبوطا. لكن في السنوات القليلة الماضية شهدت العلاقات بين البلدين تصاعدا وازدادت قوة. لكن مازال يوجد هناك قدر من الشكوك بأن لدينا جدول أعمال خفي. لقد رأيت العديد من التقارير في الإعلام اليمني وغيرها من وسائل الإعلام التي تقول بأننا نخطط لتقسيم اليمن أو إعادة استعمارها أو بناء قواعد عسكرية أو احتلالها وكل ذلك ليس له أساس من الصحة.
علاقتنا الحالية هي بين دولتين مستقلتين ذات سيادة، ونحن لا نريد أن نتدخل في شؤون الآخرين. لكن في بعض الأحيان قد تتداخل المصالح فنعمل مع بعض كأصدقاء و كشركاء.
من الجيد في العالم الحديث أننا بحاجة إلى التعاون فيما بيننا لحل مشاكلنا والتي تؤثر علينا جميعا. التغير المناخي الذي يهدد إمدادات المياه الثمينة والنادرة في اليمن. الأوضاع الاقتصادية العالمية والتي كان لها تأثير كبير على الأسعار العالمية لمواردكم الثمينة كالنفط والغاز. وطبعا الإرهاب الذي يهدد بتدمير اقتصادكم وتقويض أسس مجتمعكم.
الحكومة والشعب اليمني لن يتمكنوا بمفردهم من حل هذه المشاكل؛ هم بحاجة إلى دعم وتعاون الأصدقاء والشركاء داخل اليمن وعلى المستوى العالمي.
لأجل هذا عملت الحكومتان اليمنية والبريطانية عن قرب للترتيب لاجتماع اليوم بلندن "وأعني معا". فبعد أقل من ساعة واحدة من سماعي عن فكرة هذا المؤتمر، اتصلت بوزير الخارجية اليمني وتناقشنا عن الإطار والأهداف المشتركة للاجتماع. ومنذ ذلك الحين ونحن وأعضاء آخرون في الحكومة اليمنية نتعاون بشكل وثيق. نحن لم نفرض برنامجنا أو حددنا مواضيع المناقشات. رئيس الوزراء اليمني سيحدد أسلوب ومحاور الاجتماع، والنقاشات ستدور حول ورقتي عمل يمنية تغطي احتياجات التنمية لبناء دولة المؤسسات وتحقيق الاستقرار والأمن.
يمثل هذا الاجتماع فرصة كبيرة لليمن .. 24 من أهم شركائكم وأصدقائكم سيجتمعون في لندن للتركيز عن كيفية دعم الحكومة يمنية مع بعض لمواجهة التحديات الهائلة التي تواجه هذا البلد؛ تحديات تدهور الاقتصاد، ارتفاع معدلات البطالة، النقص في الطاقة الكهربائية، شحة المياه، والتزايد السكاني مع تزايد عدد صغار السن الذين هم في حاجة إلى تعليم وفرص عمل.. ففي بعض أجزاء من البلاد، الدولة لا تستطيع أن تفرض القانون أو توفر الخدمات. وكذا سرطان الفساد الذي أصاب جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية.. تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط و الغاز مازال ضعيفا.
الدعم البريطاني لليمن يرتفع من سنة لأخرى.. أكثر من 90 في المائة من هذا الدعم يستهدف احتياجات التنمية للشعب اليمني، وكذا مستقبل البلاد كهدف طويل المدى. نحن نعطي مساعدات مالية كبيرة لدعم مشاريع الصندوق الاجتماعي للتنمية التي توفر العديد من فرص العمل المطلوبة والخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية. لدينا برنامج كبير لدعم التعليم، وبرنامج جديد بمبلغ 2,9 بليون ريال، ويهدف مباشرة إلى تقوية القطاع الخاص، ولكي يجعل من السهل البدء في الأعمال التجارية، وكذا نموها.. مما يعطي فرص عمل للناس العاديين.
نحن نعمل بصمت ولكن بلا توقف لحث الآخرين على دعم اليمن لمواجهة التحديات التنموية. قمة لندن الهامة في 2006 جلبت وعودا "لمساعدات اقتصادية كبيرة من دول الخليج المجاورة لليمن". "واحد من أهم التحديات في اجتماعنا اليوم هو تحديد كيفية العمل معا" للإسراع بتقديم تلك التعهدات وللتأكد من أن هذه المساعدات سيتم استخدامها بفعالية لدعم الاحتياجات الحقيقية للشعب اليمني.
كذلك.. ما هي الأهداف الأخرى التي يسعى الاجتماع لتحقيقها؟ نحن نجتمع أيضا للوصول إلى فهم مشترك للتحديات الرئيسية التي تواجه اليمن، ولإعطاء زخم اكبر إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية بما فيها إجراءات عاجلة وملموسة من قبل الحكومة اليمنية. نحن نؤمن بأن مشاكل اليمن بما فيها المشاكل الأمنية وعدم الاستقرار يمكن حلها بمجموعة شاملة من الإجراءات لتقوية الاقتصاد اليمن، توفير فرص التعليم والعمل، تحسين الخدمات وتفعيل الدعم الاجتماعي للفقراء، وكذا تقديم الأمن والعدالة والشفافية وسيادة شاملة للقانون.
لتحقيق ذلك، اليمن بحاجة إلى دعم أصدقائها في المجتمع الدولي. نحن يجب أن نعمل بشكل أفضل لنتأكد من أن مساعداتنا تلبي -بشكل صحيح- احتياجات الشعب اليمني وأنها تصل في الوقت المناسب وبشكل منسق. اجتماع لندن اليوم سيعطينا فرصة لتحقيق هذا.
* نقلا عن السياسية: