جاء مؤتمر المانحين الذي عُقِد في عاصمة المملكة العربية السعوديّة (الرياض) خلال اليومين الماضيين بحضور ممثلين عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، بهدف متابعة مقرّرات مؤتمر المانحين في لندن، الذي عُقد في السابع عشر من شهر يناير الماضي، بمشاركة نحو 40 دولة ومنظمة دولية، بشأن تقديم الدعم إلى اليمن، وتعزيز قدراته على مواجهة الإرهاب، ومكافحة الفقر، وحماية الحدود، وتحقيق التنمية، وغيرها.
لا شكّ في أن اليمن، لاعتبارات جغرافية وسياسية وأمنية، ذو أهمية كبيرة بالنسبة إلى الأمن في منطقة الخليج العربي، حيث يعدّ عمقاً استراتيجياً مهمّاً لها، وهذا ما يفسر توجّه (مجلس التعاون) إلى دمجه التدريجي في مؤسساته، واهتمام دول المجلس بتقديم كلّ دعم ممكن إلى اليمن لدعم أمنه واستقراره وتنميته، وحرصها على التزام الوفاء بالتعهدات الماليّة التي تعلنها، أو تتفق حولها في هذا الخصوص، خاصّة أن اليمن قد اشتكى في مؤتمر الرياض (بيروقراطية) بعض الدول المانحة في الوفاء بتعهّداتها المالية.
هناك تحدّيات كبيرة تواجه اليمن، يأتي في مقدّمتها التهديد الذي يمثله تنظيم (القاعدة)، والصراع مع المتمردين الحوثيين، إضافة إلى المطالبات التي يثيرها بعضهم حول انفصال الجنوب، وتبرز على السطح بين كلّ فترة وأخرى مسبّبة الكثير من التوتر والاضطراب. وفي مواجهة هذه التحديات الخطرة يحتاج اليمن إلى دعمين إقليمي ودولي، خاصّة أن (القاعدة) تحاول أن تجعل منه منطلقاً نحو تهديد المنطقة كلّها، والنيل من المصالح العالميّة في منطقة ذات أهمية استراتيجية للعالم كلّه. وإذا كان العالم قد أبدى اهتماماً ملحوظاً بدعم اليمن ومساعدته ومساندته خلال السنوات الماضية فإن دول (مجلس التعاون) تعطي القضيّة أهميّة خاصة، وهذا ما يتضح من تعهّدها خلال مؤتمر المانحين الأخير في لندن بنحو 50 % من إجمالي حجم التعهّدات المالية التي قدمتها الدول التي شاركت في المؤتمر لدعم التنمية في اليمن.