لا تقابل مسؤولاً في هذا البلد، صغيراً كان أم كبيراً، إلا واعتبر أن الحل لأزمة اليمن هو بالاندماج في المحيط الخليجي، فهذا هو العلاج السحري لكل مشاكل البلد..
قد يكون هذا الأمر صحيحاً، إذا ما قبلت دول الخليج استيعاب اليمنيين والتعامل معهم كما كانت تتعامل معهم منذ ما قبل أزمة الخليج، وما سببته في عودة مئات الآلاف من الأيدي العاملة اليمنية من هذه الدول إلى اليمن، وما نتج عن ذلك من انهيار اقتصاد بلاد كان يعتمد بشكل كلي على عائداتهم، أما اليوم فموسم الهجرة إلى الخليج لم يعد حلاً نافعاً.
لا أعتقد أن دول الخليج يمكن أن تقبل بطريقة تفكير اليمنيين، على الرغم من التحذيرات الغربية، وقبلها الخليجية، من أن انهيار الوضع في اليمن لن يقتصر على الداخل اليمني، بقدر ما سيكون الانهيار شاملاً في كافة المحيط العربي والإقليمي بدرجة رئيسة.
فدول الخليج تدرك أن اليمنيين لم يعودوا القوة المطلوبة في السوق الخليجي كما هو الحال مع بقية الجنسيات الوافدة الرخيصة القادمة من دول شرق آسيا وغيرها.
كما لم يعد اليمنيون محل ثقة، خاصة في بعض دول الخليج، كما كان عليه الحال قبل غزو الكويت.
الأهم من ذلك أن الخليجيين يخشون من تأثير الأزمات التي يعانيها اليمن في الوقت الراهن، خاصة منها الأمنية، ويرون أن تجنب هذه الأزمات أفضل لهم ولمجتمعهم، عوضاً عن الدخول في أزمات لا حصر لها ولا عد في حال قبول اليمن بالمحيط الخليجي.
الأفضل لليمنيين والخليجيين، إذا ما كانت هناك إرادة لمعالجة أوضاع اليمن وخدمة استقراره، أن تتم مساعدة الدولة اليمنية في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار، وتوفير مناخات أفضل للاستثمار لضمان تدفق رأس المال الخليجي إلى اليمن والاستثمار فيه، لكن وفق آلية تجعل المستثمر الخليجي يطمئن أن سنتاً من رأس ماله لن يضيع، وليس كما يحدث اليوم مع الكثيرين من رجال الأعمال الذين يغامرون في الاستثمار باليمن فيجدون أنفسهم تحت كماشة أصحاب "الحماية الأمنية والقبلية" وغيرها.
من المهم أن تتم عملية مراجعة للقوانين اليمنية لتتواءم مع أنظمة دول مجلس التعاون الخليجي، وبدرجة رئيسة تلك المتصلة بكبح الفساد المستشري في البلاد، فالفساد هو المدمر الأول لحاضر اليمن ولمستقبله، وسيبقى كذلك إذا لم تجر له مراجعة حقيقية.
لذلك فإن محاربة الفساد أهم من قضية الانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجي، فإذا قضينا على الفساد وأدرنا دولة حقيقية بمؤسسات تعتمد على دستور وقوانين؛ فلن نكون بحاجة إلى الهجرة إلى الخليج أو إلى أية جهة أخرى.