كان حارساً متميزاً في نادي حسان الأبيني رغم تعمد المدرب تركه طويلاً في دكة الاحتياط نظراً لصغر سنه، ونحالة جسده، ومع تقدم الفتى جلال بلعيدي نحو سن الشباب أصبح حارس “حسان” الجميل، يافع الطول، وخفيف الحركة.. ورغم ملاحظات هامة للبروفيسور اليكسس كاريل في كتابه الشهير “الإنسان ذلك المجهول” تحدث فيها عن غباء علمي لدى الرياضيين، متتبعاً السير الذاتية والفحص العلمي، والتشريح الطبي لخلايا أدمغة مئات من الرياضيين، أوصلته إلى قناعة القول: “الرياضيون بصفة عامة أغبياء”.. إلا أن الفتى جلال بلعيدي كان متفوقاً في دراسته، وحصل على ترتيب متقدم في قسم الكيمياء بجامعة حضرموت، ليستقر بعدها في التعليم فترة قصيرة، أستاذاً مؤثراً وتربوياً جميلاً، وصديقاً حميمياً للملاعب، أبهرنا بعرضه الرياضي، بقدر ما يخيفنا اليوم بدمويته المتوحشة، فقد أصبح أميراً لتنظيم القاعدة في المحافظات الجنوبية، ويتولى بنفسه ذبح البشر الذين يعتقد مخالفتهم لنهجه المتطرف.
جلال بلعيدي، قبل الحديث عنه إرهابياً، سفاحاً، مجرماً، هو من أسرة عريقة، وكريمة الأصل، والده العميد المناضل محسن سعيد عبدالله بلعيدي مستشار وزير الدفاع، رجل الكفاح والنضال في القوات المسلحة، لكن جلال اختطفه من اختطف سمة التدين المستقيم من رأسه، وحوله من نجم في الملاعب وتربوي في المدارس، إلى إرهابي شريد في الجبال، وطريد حتى من أسرته العريقة.. تقريباً في 2009 قرأت مقابلة صحفية مع جلال بلعيدي أجراها الزميل جلال الشرعبي من صحيفة النداء، ظهر فيها بلعيدي عضواً قاعدياً ضعيفاً، يبحث عن دور ومساحة يتحرك من خلالها ويصعد نحو الأضواء، وهذا نزوع له تأصيل علمي عند علماء النفس، تظهر فيه رغبة سفاكي الدماء أن يتصدروا المشهد تحت أي مسمى، لهذا السبب تتعدد صور جلال بلعيدي في أكثر من مواقع في مدن حضرموت، قبل وبعد كل عملية تُلتقط له صورة بحركة استعراضية موحية بالقوة، ونشوة الانتصار.
جلال بلعيدي في ظرف ساعات أوصل أسمه إلى كل سمع في اليمن فقد اختطف 14 جندياً من خيرة أبناء الوطن، وتقرب إلى الله بذبح 4 منهم وقتل 10 آخرين، في مشهد لا يقره الشرع ولا يقبله الدين، متأثراً بوحشية “داعش” العراق، الحركة التي لم تجد غير الوحشية وسيلة للظهور.. وقبل أن يرتكب “جلال” مجزرته القى كلمة بركاب الحافلة التي اختطف الجنود منها، واعتذر عن أي ازعاج لهم!!
هل يُعقل أن رجلاً يقتل و يستبيح دماء 14 جندياً مسلماً موحداً، بدمٍ بارد، ثم يعتذر عن ازعاج ركاب حافلة!!
تصفية جنودنا في الحوطة كان إشارة بدء لمعارك قوية ضد الجيش، وهذا ما أشار إليه بلعيدي في خطبته سيئة الصيت حين قال: “سيتم القصاص من الحوثة الذين قتلوا أهل صعدة وعمران، والذين يطعنون بالصحابة”... فيما صحيفة قريبة من الحوثيين تحرض الدولة على ضرب القبائل الممانعة لتمدد الحوثة في الجوف بحجة أنهم قاعدة وإرهابيين، وتؤكد أنهم ظهروا في مقطع فيديو في نقطة “الغيل” التابعة للحوثيين بالجوف، وهم يحملون الرايات السوداء!!.
هكذا الحركات الإجرامية تبرر لنفسها قتل عدوها المشترك..
الإرهابي جلال بلعيدي يصرخ: نقاتل الجيش المتحوث.
والحوثيون يصرخون: نقاتل الجيش لأنه يأوي تكفيريين.
والضحية والهدف واحد، هو قصم ظهر المؤسسة العسكرية، حامية الوطن والناس، وحارسة المنشآت والمنجزات، وراعية لكل أمن واستقرار.