كما كان متوقعا أفرجت السلطات الأمريكية، على الداعية اليمني الشيخ محمد المؤيد، ومرافقه محمد زايد. وحكم على المؤيد ومرافقه بالسجن لمدة 75 عاما، و45 عاما، بتهمة جمع الأموال لتنظيم القاعدة، ولحركة حماس، والتستر بالعمل الخيري للقيام بنشاطات غير مشروعة، كما حكمت المحكمة في بروكلين عام 2005 بتغريمهما نحو مليوني دولار.
ولكن محكمة الاستئناف التي أعادت النظر في القضية في الثالث من أكتوبر-تشرين الأول من العام الماضي، ألغت الحكم الابتدائي، وشككت في شهادات الشهود، وتوصلت إلى أن الدعم المالي الذي جمعه المؤيد كان لصالح المجاهدين في أفغانستان ضد الغزو السوفيتي، وفي نهاية الأمر عقدت صفقة مع المؤيد ومرافقه في السابع من أغسطس الماضي، أقرا فيها بأنهما قدما مساعدات لحركة حماس، وتعهدا بعدم الاعتراض على قرار طردهما من الولايات المتحدة، بعد ست سنوات خلف القضبان.
-وشاية
كان في استقبال المؤيد ومرافقه في مطار صنعاء الدولي، ثلاثة وزراء وهم وزير الخارجية، العدل، وحقوق الإنسان، كما شارك في الاستقبال الحار الذي حظي به المؤيد اليوم الثلاثاء، وفود شعبية وقبلية، وزعماء الأحزاب السياسية، مما يؤكد مكانة المؤيد الدينية والاجتماعية، وهو الذي ينحدر من السادة، والقيادي في حزب الإصلاح اليمني، وامام أكبر مساجد صنعاء، وفور وصوله لم يدل المؤيد بأي تصريح، ونقل على الفور إلى أحد المستشفيات لإجراء فحوصات طبية.
وكانت الحكومة اليمنية قد بذلت الكثير من الجهود للإفراج على المؤيد ومرافقه، منذ أن اعتقلا في المانيا في يناير عام 2003، بعد أن استدرجهما عميل يمني يعمل لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، كانت تربطه بالمؤيد علاقة جوار في حي القادسية بصنعاء ، والذي شهد أن المؤيد أخبره بأنه سلم لأسامة بن لادن عشرين مليون دولار قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بينما ينفي المؤيد ذلك مؤكدا أنه لم يقابل بن لادن منذ مرحلة الجهاد ضد الغزو السوفييتي، ويستشهد بجوازات سفره التي يؤكد ذلك، وكانت الولايات المتحدة قد طالبت المانيا بتسليمها المؤيد ومرافقه، وهو ما تم فعلا بعد ان أكد التهم وزير العدل الأمريكي الأسبق، جون اشكروفت.
- نهاية الحرب على الإرهاب
يمثل القبض على المؤيد ومرافقه وإصدار أحكام قاسية عليهما، سوء الفهم الأمريكي للفوارق بين رجال الدين المسلمين، الذين وضعتهم إدارة الرئيس بوش في كفة واحدة، بالرغم من أن المؤيد أثناء جمعه للأموال لمقاومة الغزو السوفيتي لأفغانستان مناضلا من أجل الحرية، مثله مثل أسامة بن لادن، وفجاءة يتحول إلى إرهابي يمكن الاستناد إلى شهود مشكوك في مصداقيتهم لحبسه خمسة وسبعين عاما، وأخيرا يمثل إطلاق سراح المؤيد نهاية مرحلة الحرب على الإرهاب بشكلها البوشي، كما يزيد من مصداقية توجهات الرئيس أوباما، وخاصة بعد خطابه الموجه للعالم الإسلامي.
بعض الصحف الأمريكية نددت بطريقة محاكمة المؤيد، ومنها نيويورك تايمز، التي نشرت مقالا لبنيامين ويزر، يوضح من خلاله أن المحكمة التي أدانت المؤيد اعتمدت على شاهد نجا من تفجير حافلة في تل أبيب عام 2002، وهو أمر لا علاقة له بالمدعي عليه.
- خطف الالمان للإفراج على المؤيد
وكان وزير الخارجية اليمني، أبوبكر القربي قد عبر عن ارتياح حكومته بقرار محكمة الاستئناف في نيويورك، القاضي ببراءة المؤيد ومرافقه قائلا إن "الحكم يؤكد ما تبنته اليمن من البداية وطرحته من أن إجراءات القبض عليهما لم تكن وفق لإجراءات والتشريعات الدولية". مؤكد أن محاكمة المؤيد كانت محاكمة سياسية بالدرجة الأولى.
لم تحاول الحكومة اليمنية وحدها الإفراج عن المؤيد، بل ساهمت قطاعات كبيرة من اليمنيين في ذلك، ومن أبرز هذه لمحاولات خطف ثلاثة سواح ألمان، والمطالبة بالإفراج عن المؤيد مقابل إطلاق سراحهم، وكان زعيم الخاطفين عبد ربه صالح التام، قد فضل المطالبة بالإفراج عن المؤيد ومرافقه، على الإفراج عن نجله وأخيه، المسجونين في السجن المركزي بصنعاء، بتهمة خطف خمسة مهندسين يمنيين، وهو ما يؤكد المكانة التي يتبوؤها المؤيد في اليمن، المعروف بلقب أبي اليتامى.
- تقرير: عمر الكدي: