|
|
|
|
|
تعددت الدكتاتوريات.. وسقطت الديموقراطيات!!
بقلم/ صحيفة الرياض
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر و 12 يوماً الأحد 09 مايو 2010 05:30 م
بقلم/يوسف الكويليت
كعادة الدولة المؤسّسة للديموقراطيات العالمية، جاءت الانتخابات البريطانية سلسة وغير معقدة، حيث تصافح الفائز مع المهزوم، وحتى المفاجأة بعدم تفرد حزب بتشكيل الحكومة بالعودة للائتلاف، جاءت شاهداً على نضج شعب ومؤسسات، ولم يعترض أحد على انتخاب مسلمين، بينما جاء الرفض لعناصر اليمين المتطرف عامّاً غير محدد بفئة، وهي بريطانيا التي تضم عناصر من كل الجنسيات والأديان والشعوب بتعايش فريد..
هذه الصورة أثبتت البعد الشاسع بين عالمين أحدهما متطور والآخر متخلف، ولعل ما جرى في المنطقة العربية بعد نتائج انتخابات العراق والسودان، عندما جاءت الاتهامات بالتزوير وإبعاد عناصر عن أخرى، والركض خلف دول تؤيد بعض الفئات من أصحاب المذاهب ، وفرض عمليات إعادة الفرز بحكم قانوني مدبر، وعدم التقاء من فازا بالأغلبية، يعطينا الحقيقة بأن المسافة بيننا مع العالم المتقدم، تفصلنا بها سنوات ضوئية، حتى إن تشكيل حكومة بتوافق وطني تتغلب على أزمات الصدامات الداخلية، وإعادة هيبة الدولة، والبدء في إعمار ما هدمته الحروب والمليشيات صار مستحيلاً..
لم يصلح الشأن العربي بحكومات ديموقراطية جاءت بعد الاستعمار، لأن شهوة الحكم وصلت إلى أصحاب الرتب العسكرية، الذين وجدوا في القوة وسيلتهم للسيطرة، وقد جاءت ولاداتهم غير شرعية لأنهم رفعوا شعارات، ولم يؤسسوا لدول تحكم بالقانون وتداول السلطة، ومن هنا أصبح المواطن العربي بين نارين، إما أن يعيش التبعية ليسلم رأسه ويعيش، ويتحول إلى أداة عليها الطاعة دون مساءلة، أو الذهاب للسجون والتصفيات والنفي، حتى إن هروب الأموال أثناء التأميم ونسبة ال٩٩٪ التي ذهبت للزعيم من مؤيديه ، وإعطاء رتب عسكرية عليا لم يصل إليها جنرالات أمريكا والاتحاد السوفياتي ، وإجبار عامل الحانوت الصغير والورشة، وحتى صاحب إصلاح العجلات على تثبيت صور الزعيم جاءت كأي سابقة فاقت حتى تقديس زعماء الشيوعية!!
الآن، ورغم أن هناك حراكاً عالمياً يجري نحو حقوق الإنسان وتحريره متأثراً به سكان المعمورة، ومنها الوطن العربي، فإن هذه الثقافة لا ترقى بنا إلى تحقيق الحكم المدني، والدليل أن الإنترنت التي تعد أكبر حوض في تلقي المعلومات وإدخالها والاستفادة من إيجابياتها، تحولت عندنا إلى منابر شتم، وتكفير، وانفلات مضاد للأخلاق والقيم، ومضاعفة لانجذاب المتطرفين لنظم وجبهات تعارض التقدم، وترى في كل شيء بدعة، حتى لو جاء كشفٌ علمي كبير في معالجة أمراض مستعصية، ومشكلتنا عقلية أولاً وأخيراً، لأن ما يحكمنا هو عواطفنا وغرائزنا، ولذلك سريعاً ما يتحول الحوار بين طرفين متعارضين، إلى إقصاء أحدهما أو تجريمه من طرف واحد، وهنا أصبحت المسافة التي تفصلنا عن إدارة شؤوننا، كما العالم المتطور، لا تصلح إلا بفرض القوة، ولذلك تعددت مدارس الحكم بين شبه إصلاحي تحكمه قوانين التوازن بين مصالح السلطة والشعب، وأخرى أحاطت نفسها بقوانين وتشريعات وأحكام عرفية، وأيضاً باسم مصلحة الشعب الذي لا يملك قدرة التطور إلا بتلك الفرضيات، وثالثة رأت في الاعتزال والتقوقع تجنباً لمصادر التعقيدات العربية قيمة بذاتها، ومع كل هذه الأوضاع صار البحث في الهوية والوطنية، لا يُحسم بقانون التعايش، بل بضرورة الاحتكار لكل وسائل السيطرة ، وبهذه الأسباب تعددت الدكتاتوريات، وسقطت الديموقراطيات.. |
|
|
|
|
|
|
|