|
|
|
|
|
الأمن أولاً وعاشراً ..!
بقلم/ صحفي/عبدالملك الفهيدي
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 25 يوماً السبت 08 مايو 2010 05:29 م
الكثيرون يعتقدون أن الاقتصاد هو الأولوية التي يجب أن تعطيها الحكومة جل اهتمامها وتضعها في المقام الأول، باعتبار أن تجاوز العثرات وتحسين الأوضاع الاقتصادية هو المحك لحل كافة المشاكل التي تواجهها البلد.
ومثل هذا الاعتقاد ليس خطأ، لكنه قد لا يبدو دقيقاً إذا أدرك مثل أصحاب هذه الرؤية أن أية حكومة في العالم ترتب أولوياتها وفقاً لمقتضيات الواقع والظروف التي يعيشها البلد، وفي حال اليمن فإن التوجه نحو حل المشاكل الاقتصادية يواجه اليوم تحدياتٍ أخرى يأتي في مقدمتها تحقيق الاستقرار الأمني باعتباره المدخل لأية حلول أو توجهات بإمكان الحكومة القيام بها.
ومن تابع مقابلة وزير الداخلية مطهر المصري الأسبوع الماضي على شاشة الفضائية اليمنية سيدرك أن مسألة تحقيق الاستقرار الأمني في البلد هي الأولوية بالنسبة لنا في اليمن كحكومة وشعب، ذلك أنه في حال نجحت أجهزة الأمن في تحقيق هذا الهدف فسيصبح بإمكان الحكومة أن تعيد ترتيب أولوياتها وتتفرغ للمسألة الاقتصادية بشكل كامل، وحينها سيكون من حق الجميع مطالبة هذه الحكومة بتحقيق النجاحات المطلوبة في المجالات الأخرى، وأولها الجانب الاقتصادي.
إن قولاً كهذا لا يعني أن الحكومة غافلة عن الاهتمام بالجانب الاقتصادي أو متناسية له، ولا يعني إيجاد أية مبررات وأعذار لتقصيرها في ذلك، لكنه ينطلق من واقع يفرض نفسه، فليس من المقبول أو المعقول سياسياً ,وقانونياً ومنطقياً أن يُطلب من الحكومة أن تحقق تقدماً اقتصادياً في ظل أزمة مالية عالمية، وفي ظل تناقص إنتاج اليمن من النفط، وفي ظل نمو سكاني هائل، وقبل ذلك في ظل تحديات أمنية سواء ما يتعلق منها بالتمرد الحوثي في صعدة، أو أعمال التخريب والفوضى والقتل ودعوات الانفصال في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية، وثالثة الأثافي إرهاب تنظيم القاعدة..
وليس من المبالغة القول: إن هذه التحديات لا تشكل ضرباً للاستقرار الأمني للبلد فحسب؛ بل أصبحت تأكل الأخضر واليابس وتلتهم إمكانات البلد وميزانية الدولة، سواء في مواجهتها أو في العمل على حل نتائجها.. فالدولة تجد نفسها مضطرة ومرغمة -شاءت أم أبت- على إنفاق الأموال لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية بهدف الحفاظ على أمن واستقرار المواطن، بدلاً عن أن توجه الإمكانات لمواصلة عملية التنمية..
ولا تقتصر نتائج تلك التحديات على كونها ترغم الحكومة على إنفاق الإمكانات بهدف تحقيق الاستقرار الأمني فحسب؛ بل وتمتد إلى هدر للإمكانات البشرية والمادية في غير محلها، ذلك أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تمرد الحوثي في صعدة أو أعمال التخريب في بعض المحافظات، أو عمليات إرهاب تنظيم القاعدة تشمل هدراً للإمكانات البشرية المتمثلة في ضحايا هذه الأعمال الإرهابية، وهدراً للإمكانات المادية التي تنجم عنها؛ إضافة إلى الأضرار المتمثلة في تشويه صورة اليمن أمام الرأي العام الخارجي، وتأثيراتها السلبية على توقف الاستثمارات أو هروبها أو رفضها المجيء إلى البلد بحجة عدم وجود استقرار أمني، وكذلك انحسار السياحة التي تمثل إحدى أهم مصادر الدخل القومي للبلد.
ولا يقف الأمر عند ذلك فحسب، بل يتعداها إلى تزامن هذه التحديات مع حالة أزمات مفتعلة من قبل أحزاب المعارضة التي لم تكتفِ بمحاولة إدخال البلد في دوامة أزمة سياسية عبر رفضها للحوار وتهربها من تنفيذ الاتفاقات السياسية، بل أيضاً عبر مشاركتها وتواطئها في دعم ومساندة التمرد وأعمال القتل والتخريب والفوضى، والأعمال الإرهابية التي ينفذها تنظيم القاعدة سواء عبر مواقفها السياسية المساندة للعناصر التي تقوم بتلك الأعمال أو من خلال تبني وإبراز أعمال المتمردين والانفصاليين والإرهابيين إعلامياً وصولاً إلى تزييف وتضليل وعي الناس بتشويه الحقائق والأحداث الأمنية والترويج لأحداث غير موجودة أحياناً أو روايتها بطرق مزيفة وعبر معلومات مضللة.
ولا يكاد الأمر ينتهي عند ذلك، فالمعارضة وإعلامها يشاركون في محاولة ضرب الاستقرار الأمني من خلال السعي لشرعنة أعمال التخريب والتمرد والإرهاب، وتحويل مرتكبيها إلى معتقلين سياسيين والمطالبة بالإفراج عنهم، في الوقت الذي يطالبون فيها الحكومة بالقيام بواجبها لحفظ الأمن والاستقرار، ناهيك عن مواصلة هذه القوى استهداف المؤسسة الأمنية والقوات المسلحة عبر الأخبار والمعلومات الكاذبة ومحاولة تشويه سمعة منتسبيها وتوجيه شتى التهم الباطلة إليهم.
إذاً أمام هذه الصورة يصبح تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ عليهما أولوية قصوى للحكومة وواجباً دستورياً عليها العمل لتحقيقه، ومتى ما تحقق الأمن والاستقرار وتم القضاء على الجريمة المنظمة (تمرد، إرهاب، فوضى وتخريب، قتل، تهريب، سطو على أراضٍ، تزوير عملات، تقطعات، تفجيرات..قرصنة ..إلخ) حينها سيكون بإمكان الحكومة فقط أن تتفرغ لتحسين الجانب الاقتصادي، وحينها فقط سيكون من حق الجميع محاسبتها إن هي قصرت في ذلك.
وبعبارة أخرى فأي مواطن لا يمكن أن يفكر في تحسين وضعه المعيشي ومستوى دخله إذا كان أمنه مهدداً من قبل المتمردين أو المخربين، ودعاة التجزئة والانقسام، أو إرهابيي القاعدة، بل سيظل تفكيره محصوراً في الشعور بالأمن والأمان والسكينة ، وحين يتحقق ذلك سيكون بمقدوره التفكير ومطالبة الحكومة بتحسين حياته الاقتصادية.
|
|
|
|
|
|
|
|