|
|
|
|
|
وحدة اليمن
بقلم/ كاتب/زهير ماجد
نشر منذ: 15 سنة و 3 أشهر و 26 يوماً السبت 25 يوليو-تموز 2009 05:05 م
في اليوم الذي أعلنت فيه الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 شق التآمر طريقه عليها بوضوح حتى يوم الانفصال الذي حدث بعد ثلاث سنوات ، وبعد مراجعة مستفيضة لتلك التجربة الجنين التي لم يكتب لها عمر طويل ، كان معلوما أن أعداء الوحدة ليسوا فقط من خارجها ، هنالك الداخل ايضا سواء عبر رموز وأشخاص ، او عبر تصرفات من فريقي الوحدة.
وفي يوم الاعلان عن الانفصال من الاذاعة السورية ، كاد الرئيس جمال عبد الناصر ان يتدخل بالقوة لمنعها ، لكن حسابات الدم كانت أقوى ، وبدا الامر أشبه بمغامرة عسكرية سيكون لها رد فعل قوي من جانب الانفصاليين في سوريا ، فتم إلغاء المهمة وظل الانفصال شبحا مؤرقا للقيادة المصرية ، وضوءا خفت قبل أوانه ، لكن الوحدة ظلت فوق كل اعتبار ، مع انها اليوم خارج كل المعادلات العربية ، بل يكاد كل متحدث فيها ان يصبح ملعونا وخارج اطار العصر المعاش.
لعل مايجري اليوم في اليمن الشقيق مؤرق وحزين .. اذ ليس بالمستطاع تقبل فكرة الانفصال بين الجنوب والشمال ، كما لايمكن التفريط بوحدة عاشت كل تلك السنين وكادت ان تكون نموذجا لدول عربية أخرى رغبت التناغم مع هذا الحدث الاستثنائي الذي كانت المفارقة فيه تشجيع من كانوا يرفضون اية وحدات له.
ولسنا الآن في نقاش الظروف التي أوصلت إلى إعادة اللحمة بين شمال اليمن وجنوبها ، ففي هذه العجالة لا يبقى غير الواقعية مدخلا لقراءة الخوف المستشري من ان يكون الطريق إلى وحدة اليمنيين قد حدث بالدم ، وان الانفصال بينهما قد يسلك الطريق ذاته ، لاسمح الله.
من قراءة أدبيات كل فريق سواء انتمى إلى الجنوب أو إلى الشمال ، نرى تمسكا بالوحدة وإصرارا عليها ، الأمر الذي يجعل النقاش أهدأ وأعمق.
ومن الواقعية القول ان كل العرب وحدويون مهما انتشرت شعارات "أولا " أو مهما تمسك كل ابناء قطر عربي بقطريتهم. ولأنها الوحدة التي باتت من صنع الله نظرا لما يجمع العرب ، فكيف اذا كان بلدان على تخوم واحدة ، أي ان الجغرافيا هي التي تنتصر لتجعل من التاريخ صناعة لها.
هذا الانشغال اليمني يتطلب تقدما سريعا لحوارات هادئة ومعمقة ، يظهر فيها كل طرف حيثياته وطروحاته ، ليكون مدخلا لتفاهم حول الصيغ التي تجعل من الوحدة أفقا ثابتا لايتزعزع تتطلب حمايته الكثير من المسؤوليات والتضحيات والتنازل كي يظل التمسك بهذا المبدأ هدفا لاحياد عنه الآن وفي المستقبل. لايحتاج الأمر لمغامرات ونزاعات ، بل لتفاهمات يفترض قبلها سماع كل الاطراف لاصواتها قبل تحريك المشاعر والعواطف التي تؤدي الى رحيل صوت العقل والدخول في احراج لايمكن له ان يكون حلا على كل المستويات.
اليمن أحد أبواب الأمة المؤثرة على الأمة كلها ، ومن الواضح ان جميع اليمنيين وحدويون ، لكن صيانة التوحد تحتاج لعقل هادئ ومدبر واسع الأفق وعلى استعداد لتقبل الوقائع والظروف وتنحية المؤلم في المشوار الوحدوي الذي نتمنى له ان يطول.
* نقلاً عن صحيفة الوطن العمانية: |
|
|
|
|
|
|
|