- لن أخوض في مقالي هذا إلى الإختلافات الجوهرية أو الفرعية بين أهل السنة وأهل الشيعة فهذا مجال يؤدي للتفرقة والشتات أكثر من الألفة والتقارب والثبات أمام أعاصير الغرب الهوجاء ,,, فعلى الرغم أني أنتهج الفكر السني رغم أني أرتدت عدة مدارس دينية مختلفة في اليمن خلال تسعينيات القرن الماضي ومنها (المدارس الزيدية ) إلا أني سأصف حالة الشارع العربي والإسلامي خلال فترة ما يُسمى (ربيع عربي) وإنعكاساته الخطيرة على أحوال علمائنا في جميع الإتجاهات والمذاهب ,,, والبداية إطلالة سريعة على أحوال أهل السنة والجماعة .
- علماء أهل السنة والجماعة في هذه الفترة بالذات يترنحون شمالا ويمنيا ,,, أصابهم الكثير من الضربات والكدمات والصواعق سواء من الداخل أو الخارج ,,, أصبحت مكانتهم في قلوب العامة كمؤشر الترمومتر مابين طلوع ونزول ,,, فمناصروهم أكثر ما يمكن ان نصفهم خلال هذه الفترة بالحيارى حتى أنهم أصبحوا عرضة لتتخطفهم الأيدي والأمواج والطير من هنا أو هناك – حتى من خارج الحضيرة الإسلامية ,,, ثقة علمائهم ومرشديهم من القلوب إنتزعت نزعا ,,, ومصداقيتهم على شفا جرف هار ,,,وتأثيرهم أصبح كسراب بقيعة ,,, وإجلالهم وتوقيرهم في تناقص لربما سيصل في أي فترة من الفترات كخيال طيف مرّ ,,, والأسباب عديدة وكثيرة يعلمونها ونعلمها ويعلمها المتآمرون والمؤيدون على حد سواء ,,, وسأسرد لكم عدد منها ولعل أهمها ما يلي :
1. النهج السياسي :- أنتهجت عدة تنظيمات سنية ك(حزب الإخوان المسلمين) على أختلاف مسمياتها في الدول العربية منهاج السياسة وحشروا فيه أنفسهم من منطلق أن الدين والسياسة جزأن متلازمان ( ونحن نؤيد هذا الأمر) ولكن النهج الذي تحركوا عليه فيه من الغباء السياسي من خلال تطويع تعاليم الدين لخدمة السياسة من خلال الأهداف والأحداث فوجدناهم يتمسكون بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تخدم (لحظاتهم المعنية والمعينة ) ثم ينتقلون إلى آيات وأحاديث ربما شكلها الخارجي أنها تنسخ ماكانوا متمسكين عليه قبل فترة لتخدم غايات لحظية في تلك اللحظة متعللين بعبارات وأفكار تعكس فكرة خاطئة للعامة ومنها (الحرب خدعة ) و (قوموني بالسيف ) وغير ذلك ثم نجدهم فجأة تخف عندهم حدة التفاعل والنهج في هذا الأمر ليغيروا مسارهم 180درجة مما أصاب أتباعهم ومؤيدوهم حالات من الترنح والتخبط والتشكيك ,,, والنهاية رموز دينية كانت إحدى النجوم التي تهدي الضالين إلى أوراق سياسية تندرج ضمن الوصف الذي أطلقها ذات يوم عالم من علمائهم (الشيخ الزنداني يمني الجنسية ) بأنها لعبة قذرة ,,, ومع قذارتها فقد خاضوا بحارها بنفس الفكر الذي وصفه ,,, فأهتزت الثقة في القلوب إهتزازا وعملت ثقب كبير في منهاج أهل السنة والجامعة تسمح لمناصريهم أن يخرجوا ويدخلوا متى أرادوا وكيفما أرادوا إسوة ببعض مساجدهم التي تظن ذات لحظة وأنت تدخلها أنها أشبة ما تكون بالحضانة بعد أن تشاهد عشرات الأطفال ما تحت السن الشرعية يهرجون ويمرحون في باحتها في ظل نظرية تحبيب الأطفال بهم ليحبوا نهجهم ويكون سلاحا مستقبلي لهم .
2. النهج الدعوي:- {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل125,,, فعلى الرغم أنهم يدركون هذه الآية تمام الإدراك ويعونها إلا أن نهجهم السياسي الدعوي مغاير تماما لهذه الأمور فلديهم علماء أقرب ما يكونون إلى قادات جيوش (في الأسلوب التوجيهي ) فلو أخذنا في الإعتبار علماء الأخوان في اليمن الحبيب كصعترة والحزمي ونسمع كل خطبة يقولونها ستجد في كلامهم وكأنهم خريجي نفس المدرسة التي درس فيها هتلر وموسوليني وشارون وبوش الإبن غير أن الفرق بين هؤلاء وهؤلاء أن الآخرين يهددون من مصدر قوة وفقا لنهج دنيوي أما أصحابنا فتهديداتهم وهم مازالوا يلتحفون الشوارع ويعيشون فيه ووفق منظور ديني إسلامي سمح واسع (ولعلكم في كلام صعترة وتهديده لأكثر من 20 مليون يمني بالمحاكمات بعد أن لعنهم لعنا كثيرا ) فعكسوا صورة سيئة على علماء أهل السنة كونهم يدعون أنهم ينتمون إليه ويمثلونه خاصة عند العامة الذين لم ينالوا من العلوم الشرعية الكثيرة .
3. النهج التربوي :- ظهرت لنا في هذه الأزمة أفكار تربوية مضطربة ومتفاوتة ومتلونة وملوثة عكس ماكان يُشاع عنها ويُدعى إليها من ذي قبل ,,, فبعد أن أخرج لنا الحاج القرضاوي (فقه ثوري جديد) ينسخ الفقة الإسلامي النبوي ,,, خرجت جموع علماء الإخوان في الشارع اليمني برؤيات متفاوتة وغير منطقية خاصة في موضوع المرأة والتضارب بين ما كان يدعون إليه وبين ما يؤمنون به وفقا لنظرية المنظِّر الصهيوني (الغاية تبرر الوسيلة ) وغير ذلك من أفكار تربوية وتهذيبية الكل عرفها خلال هذه الأزمة وليس هناك مجال للخوض فيها أكثر ,,, فكانت النتيجة عدد من العلامات التعجبية والإستفهامية عند معارضيهم وبعض من مؤيديهم حتى .
4. نهج الإفتاء :- ولعل أكثر ما زاد ترنحهم الفتاوى التي كانت ومازالت تتناثر من معاملهم وفق نزواتهم الدنيوية والهوى والحزبية والسياسية الإنتقائية ,,, فأصبحت الفتوى عندهم مثل الصواريخ الذكية التي تصيب بها شخص دون آخر رغم إتفاق هؤلاء في إستحقاقهم لنفس الفتوى (حتى وإن كانت الفتوى في أصلها صادقة ) ولكنها إنتقائية وفق أغراض في أنفسهم وأهدافهم فشكلوا الدين حسب رغبتهم مما أفقد الجمهور الكثير من الثقة فيهم أيما فقدان وفتح المجال للعامة والدهماء والرعاع والجهلاء في الخوض في بحور الدين بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير ,,, فلم يضروا بهذا العمل أنفسهم وذاتهم ومناصريهم فحسب بل هزوا الدين الإسلامي هزا وأفقده الكثير من مصداقيته عند أعداءة رغم أن الدين الإسلامي لا يُسأل عن نهج السفهاء فيه ولكنهم من يُسألوا عن التمايل والتراقص فيه منهاجه قفزا من فقرة إلى أخرى .
- كل هذه الأحداث جعلت من مفهوم (سني) رغم أنه يحتوي على عدة إتجاهات ومشارب مفهوم مشكوك فيه عند الأنصار قبل الأعداء بعد أن أنحشر علمائه في السياسة وبأسلوب غبي ومتطرف ومتزمت ومتشدد ومتراخي وشكلوا وغيروا الدين وفقا لما تقتضية أفكارهم وأهدافهم حتى صار العالم السني وجبة للنقد والتمادي عليه والتطاول بما أقترفته ايديهم فصار النهج والمنهج السني أكثر ضعفا مما قد كان في أي لحظات من الزمن على مر التاريخ الإسلامي والسبب " حملة النهج السني من العلماء المتسيسون ".
- وعندما نأتي للحديث عن الشيعة وعلمائهم (فبغض النظر عن الإتفاق والإختلاف في الأصول والفروع ) فالحديث هنا عن تأثيرهم ونهجهم وسلوكهم العام والخاص والتعامل مع مجريات الأحداث قبل وخلال وبعد أزمة 2011م في العالم العربي خاصة ,,, وسأتطرق للأمر بإختصار وفقا للنهج الذي نهجوه من قبل الأحداث من خلال الفكر التربوي لأتباعهم وانصارهم وأيضا ثقافة الولاء والبراء التي هي عماد منهاجهم وأيضا نهجهم السياسي فلم يتغير أيٌ منها على الأطلاق مع إختلاف الدول والأحداث التي خاضوها أو خاضتها بلدانهم فالحوثيين في اليمن رغم ءإتلافهم مع أحزاب أخرى ومنه الإخوان ضد الرئيس الصالح إلا أن نهجهم وهدفهم وأفكارهم السابقة ظلت صامدة في أزمة 2011م ولم تتغير بعد ذلك حتى أن مؤيديهم وأنصارهم في إزدياد كبير وكثير حتى أن معظم الشباب اللامتحزب أو متحيز عندما نسألهم عن أيهما تفضل أن يحكمك إن فُرِضَ عليك إحداهما (الإخوان أو الحوثيين ) يرد وبلا تفكير أو حيرة بالتأكيد النهج الحوثي كونه نهج ثابت ولديهم مبدأ لا يتغير (مهما كنا متفقين أو مختلفين معه ) ,,, وأيضا الوقار والإحترام والتقدير لعلماء هذه الطائفة في قلوب منتهجي المذهب الشيعي مما زاد هذه الفئة ثبات وتماسك في زمن الفتن والمحن ,,, فعلماء السنة في تذبذب وترنح وعلماء الشيعة في توسع وثبات وإستقرار ,,, والسبب نهج إعلامي وسياسي إرتبطت المصلحة الشخصية ورضاء العامة بالمصلحة العامة ورضاء رب العامة ,,, فهل يا ترى فطن أو سيفطن علماء السنة لما وصلوا إليه ويبدأوا من جديد في تعديل نهجهم وتوجيهه توجيه سليم يرضوا به الله عز وجل على حساب أرباب نعمتهم الدنيوية من الحكام والساسة ورجال وكلٌ في بحره يخوض.
- إضاءة :- الملاحظ لهذه الفئتين في العام بأن علماء السنة أكثر تواجدا في البلاط السياسي ورجال المال والأعمال والإعلام أكثر من علماء الشيعة ,,, فهل يا ترى لهذا التواجد تأثير سلبي أو إيجابي على نهج أهل السنة والجماعة؟