هناك بلد تعد فيه عمليات الاختطاف وسيلة شبه شائعة ومقبولة من أجل الحصول على «الحقوق». وهذا البلد هو اليمن: واحد من البلدان العربية الأشد فقرا والأكثر عرضة لعدم الاستقرار. إن صناعة الاختطاف في اليمن قديمة جداً، وفي معظم الأحيان تنتهي هذه العمليات على خير. ولكن في شهر يونيو، تم اختطاف تسعة من الأجانب وتعرض ثلاثة منهم للقتل بصورة وحشية في منطقة صعدة في شمالي البلاد. ومنذ ذلك الحين لا توجد أنباء عن الستة الآخرين، ويبدو أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. وبالنظر إلى ما نعتبر أنه بلاء ومصدر للإزعاج فإن السلطات في صنعاء لا تفعل كل ما يمكن بذله فهي لا تفعل الكثير من أجل القضاء على هذا البلاء. وكيف يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك؟ فالحكومة المركزية اليمنية لم تعد تسيطر إلا على العاصمة وعدة مدن في المناطق الداخلية، حيث القبائل والقاعدة يبسطون هيمنتهم في كثير من الأحيان. ناهيك عن الجنوب، الذي يطالب من جديد بأن يتمتع بالحكم الذاتي.
ومع ذلك فلقد أعلنت وزارة الداخلية، وفقا لما ذكرته الصحف المحلية، أنه تم القبض على 104 أشخاص بتهمة خطف يمنيين وأجانب في العام الماضي، في جميع أنحاء البلاد. ولا يزال هناك ستة وخمسون آخرون مطلقي السراح. ويتم نشر صورهم. ومن الناحية الرسمية، فإن البحث عن الخاطفين لا يزال مستمرا. إذن فهي مهمة صعبة وليست كما يرى البعض أنها عملية سهلة.
وعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وقعت 120 عملية اختطاف لرهائن في اليمن اختطف خلالها عدة مئات من الأجانب واليمنيين..
وفى كثير من الأحيان يستغل الخاطفون -الذين دائما ما يكونون منحدرين من القبائل- الرهائن لكي يحصلوا على وظيفة عامة، أو الاستثمارات في منطقتهم، أو الحصول على فدية في مقابل إطلاق سراحهم، أو ببساطة لتسوية نزاع مع قبيلة منافسة.
وفي 19 يوليو الماضي جرت عملية اختطاف عبدالملك محمد الخامري -واحد من أقوى رجال الأعمال نفوذا في
اليمن- في صنعاء على يد رجال مسلحين من قبيلة بني ضبيان. يذكر أنه منذ عام 2000 شب نزاع بين عائلة الخامري وعشيرة بني ضبيان - الذين فقدوا أحد أعضائها في شكاية- كما يحدث في كثير من الأحيان في اليمن، فأصدرت محكمة القبائل حكمها على شكل صرف تعويضات لبني ضبيان بمبلغ يساوي 10 ملايين يورو.
وكإشارة للتقدم، قدمت أسرة الخامري على الفور، خمسة دفعات للمدعين. ولكن بعد ذلك لم تقدم شيئا. وأثيرت القضية إلى أن وصلت للرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي عقد اجتماعا للوساطة في القصر، ولكن عبثا. وطفح الكيل بقبيلة بني ضبيان التي قررت اتخاذ الإجراءات اللازمة.
ولقد أظهر الشيخ أحمد علي مجدي، على رأس السجانين، التعهد الذي كتبته أسرة آل الخامري، التي كان ينبغي عليها دفع عشرة ملايين يورو كتعويض. وهو المبلغ المطلوب كفدية، في مقابل إطلاق سراح عبدالملك محمد الخامري.
ولقد تم الإفراج، يوم الأحد الماضي، عن صالح جلال، رئيس تحرير صحيفة «صنعاء». الذي كان قد اختطف يوم الرابع من مايو الماضي على أيدي أفراد من قبيلة الفجار، في حي الحدا بالعاصمة. لكن مشكلته لم تنته حتى الآن مع خاطفيه، الذين لا يزالون يطالبونه بدفع 700 ألف يورو. ولقد قامت عائلته ببيع كل ممتلكاتها، لكنها غير كافية لدفع الفدية. وقررت قبيلة الفجار، برحابة صدر، إطلاق سراح الأسير، الذي لا بد أن يدفع مبلغ 700 ألف يورو!
كل هذا يمكن أن يدفعنا للابتسامة والضحك، إذا كانت عمليات الخطف تنتهي على خير. ولكن للأسف هذا لا يحدث دائما. ففي 12 يونيو، تم العثور على ممرضتين ألمانيتين ومدرِّسة من كوريا الجنوبية، وقد قطعت رقابهم، قرب صعدة، وذلك بعد يومين من خطفهم مع ستة آخرين من الرهائن، مواطن بريطاني وخمسة أفراد من عائلة ألمانية، الذين لا نعرف عنهم شيئا حتى الآن.
* ترجمة: نسرين ضياء: