تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تولي مهمة الحرب على الإرهاب في شبه الجزيرة العربية، غير أن اليمن لا يزال بمثابة الحقل الجديد غير المستكشف لوكالة الاستخبارات الأميركية "سي أي إيه" الأمر الذي يجعل الإستراتيجية الأميركية محفوفة بالمخاطر.
ما اليمن ؟ إنه تلك الساحة العسكرية التي يستخدم فيها الرئيس باراك أوباما ما يعرف بتكتيك "المشرط": تنفيذ عمليات عسكرية خاصة سرية ضد جماعات إرهابية تابعة للقاعدة، بينما كان سلفه بوش يعتمد على تكتيك آخر يعرف "بالمطرقة".
لربما تشهد اليمن عما قريب تصاعد للصراع بين الولايات المتحدة والقاعدة، فقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية هذا الأسبوع بان محللين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية(سي أي إيه) يرون في "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" التهديد الأكبر، ويبدو حسب ما انتهت إليه واشنطن بوست بان القاعدة في باكستان وأفغانستان باتت تحت الضغط وأن غارات الطائرات بدون طيار تحديدا قد أضعفت البنية القيادية لتنظيم القاعدة في ذلكما البلدين، فيما تظل اليمن بمثابة الحقل الجديد غير المستكشف لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. يزيد ما تمتلكه السي أي إيه من عملاء ومصادر في باكستان على عشرة أضعاف ما تملكه في اليمن، وها هي واشنطن اليوم تدرس على ما يبدو فكرة توسيع الهجمات الجوية التي تنفذها طائرات بدون طيار في اليمن أيضا. في نوفمبر 2002 استخدمت وكالة الاستخبارات الأميركية طائرة بدون طيار لتصفية القيادي في قاعدة اليمن أبو علي الحارثي بينما كان مستقلا سيارته بصحراء مأرب في الجهة الشرقية من العاصمة صنعاء. ومؤخرا استخدمت صواريخ من نوع كروز في هجوم استهدف تجمع لمقاتلي القاعدة. لكن الإستراتيجية الأميركية هذه تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، وهذا ما اتضح من خلال الهجوم بصواريخ كروز في محافظة أبين والذي أسفر عنه سقوط نساء وأطفال. وقد تحدثت مجلة نيويورك تايمز الأميركية في الصيف المنصرم عن تلك الهجمات وكيف أنها دفعت أبناء تلك القبيلة إلى أحضان القاعدة. وقد حكى علي عشال ،العضو البرلماني المعارض في البرلمان اليمني، لمراسل نيويورك تايمز ما نصه: "في السابق لم يكن هناك تعاطف مع القاعدة، لكن الغارة الجوية منحت القاعدة دعما كبيرا". وقد باتت حكومة الرئيس علي عبد الله صالح تواجه ضغوطات كبيرة على المستوى الداخلي جراء عدد الضحايا المدنيين وذلك لأنها تفسح المجال للولايات المتحدة الأميركية تولي شأن القاعدة بدلا عنها.
أسامة بن لادن الإنترنت:
يشكل الداعية أنور العولقي الذي تطلق عليه القوات الأمنية أسامة بن لادن الانترنت والذي وجد في اليمن مأوى له مصدر قلق كبير للأميركيين: يمتلك العولقي صفحة على الفيسبوك ومدونة في الانترنت. وفي حين يرى غالبية زعماء القاعدة في شبه الجزيرة العربية بأن منطقة شبه الجزيرة العربية هي ساحة عملياتهم، يرى العولقي في الولايات المتحدة الأميركية أولوية كهدف إرهابي. ويقال بان العولقي هو الملهم الروحي للضابط الأميركي نضال حسان الذي أطلق النار على رفاقه في قاعدة فورت هود في نوفمبر 2009. وقد دعا في مارس 2010 إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة حيث طالب كافة المسلمين في القوات العسكرية الأميركية بقتل رفاقهم الذين يمكن أن يتجهوا إلى المشاركة في الحرب في العراق أو أفغانستان. استنكرت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان في تقرير لها الوضع الإنساني في اليمن واتهمت الحكومة اليمنية بأنها تعطل حقوق الإنسان بذريعة مكافحة الإرهاب. ويدور الحديث عن حملات اعتقالات غير مبررة واغتيالات غير قانونية. ويخشى مراقبون من استمرار انزلاق البلد في الفوضى، فالمكنونات النفطية تقل، ولم يعد في البلد ما يكفي من المياه الجوفية لتغذية 23 مليون نسمة يعيش غالبيته حياة الفقر. وقد أصبحت العمليات القتالية روتينا يوميا هناك الأمر الذي اضطر آلاف الناس في جنوب البلد إلى النزوح عن مناطقهم جراء الاشتباكات التي جرت الأربعاء بين الجيش والقاعدة.
*صحيفة: دي برسه النمساوية: