الثورة اليمنية «26 سبتمبر و14 أكتوبر» الخالدة التي غيّرت وجه التاريخ وحققت منجزات أقرب إلى المعجزات ماكان لهؤلاء القادمين من خلف التاريخ وهوامشه الحجرية والبدائية..
الحالمين بالإمامة والانفصال أن يعيدوا الحياة للأموات الذين فقدوا نبض الحيوية تحت ضربات الثوار البواسل الذين عشقوا الموت على درب الشهادة من أجل الحياة والحرية غير آبهين بالحياة الأسوأ من الموت التي فرضت على شعبنا بقوة الحديد والفولاذ تحت دياجير الجهل والظلام والتخلف والاستغلال والاستبداد.. لأن جماهير الشعب اليمني أصبحت اليوم غيرها بالأمس على استعداد لامتناهٍ لمقايضة الحرية بكل مالديها من الدماء الزكية والأرواح الطاهرة، تواصلاً مع مالديها من أمجاد ومفاخر تاريخية غير قابلة لمنطق العودة الرجعية إلى الخلف.. لأنها تستند إلى جملة من الحقائق الناصعة والواضحة، كالشمس في رابعة النهار ترفض بالمطلق أية محاولة عبثية لإيقاف الحركة الزمانية الصاعدة إلى الأعلى ناهيك عن قبولها للحركة الرجعية المستحيلة الهابطة إلى الأدنى.
أقول ذلك وأقصد به أن ثورة الـ26 من سبتمبر الأبية التي غيّرت وجه التاريخ قد وضعت المسمار الأخير في نعش الإمامة وجعلت عودة الحياة للإمامة البائدة عملية مستحيلة بكل المقاييس العلمية والعملية النابعة من حرص على ضبط الاتجاهات المتوازنة للحركة الجدلية المتدفقة بالرغبة للتغيير والتطور نحو الأفضل.
ومعنى ذلك أن الإماميين الجدد سوف يظلون ـ من وجهة نظر الجمهورية ـ هم أعداء الحياة وأعداء الحرية وأعداء الشعب الذين لايستطيعون استغفاله واستهباله بأي حال من الأحوال وتحت أي شعار من الشعارات الزائفة التي تتمترس خلف المبررات الواهية في العداء الزائف للأمريكان والاسرائيليين، لأن الشعب اليمني يعرف ماذا يقصد بقتل اليمنيين تحت شعار «الموت لأمريكا الموت لاسرائيل» الذي تتخذ من المزايدة على الحق ستاراً لتمرير الباطل الذي وصفه الله بأنه «كان زهوقاً».
إن الشعب اليمني الذي سجل ثورته بتضحيات دماء وأرواح الشهداء من أبنائه المناضلين سوف يكون على الدوام القوة والصخرة التي تتكسر على صروحها كل المؤامرات والتحديات الرجعية مهما تفننت في إنكار الأساليب والوسائل الزائفة التي تخفي في باطنها العداء لهذا الشعب خلف ماتتظاهر به من الظاهر الذي تجمع بين جمال البلابل وريحتها النتنة بحكم ماتكون وترسخ لديه من وعي حقيقي يقيس مصالحه بتطابق الظاهر والباطن، الشكل والمضمون على نحو لا مجال فيه لأي نوع من أنواع المناورة وفنون التكييك الزائفة.
لذلك لابد لكل القوى والأحزاب السياسية الجمهورية من وقفة مراجعة تقييمية جادة بهدف الحرص على التصويب ماقد تكون اقترفته من الأخطاء والسلبيات بحق الوطن والشعب حتى لاتجد نفسها كما قال فخامة الأخ رئيس الجمهورية نادمة على ماصدر عنها من مواقف معيبة ولكن بعد فوات الأوان، لأن المواقف السلبية مهما أمكن تصويبها اللاحق بعد تحويل الانكسارات إلى انتصارات تظل شاهداً سوداوياً على جبين هذه الأحزاب بمثابة نقاط سوداء غير قابلة للتصويب الذي يستبدل السالب بالموجب لأنها وليدة شعور بالهزيمة التي فرضتها عليها الحقائق الواقعية للممارسة والتجربة العملية أقرب إلى الكذب منها إلى حقائق الصدق الواضحة والقاطعة الدلالة واليقين العلمي.
أقول ذلك وأقصد به أن الوقت مازال يسمح لكل القوى والأحزاب والتنظيمات السياسية وقفات مراجعة جادة من أجل اصطفاف وطني فاعل ومؤثر في معركة الدفاع عن الجمهورية ينسجم مع الإيمان بالثورة اليمنية التي صنعها الإنسان بالدم وصنعت بدورها الإنسان بالوعي.. ومن مصلحة كل الأحزاب والتنظيمات السياسية أن تكون جزءاً من هذا الاصطفاف الجمهوري الوحدوي الديمقراطي حتى لاتجد نفسها في الهوامش الظلامية للمزابل التاريخية التي لاتليق بالمواقف النضالية للشرفاء والأحرار، لأن المعارضة هي البديل الموضوعي للسلطة في أية محطة من المحطات التنافسية الانتخابية عبر مالديها من الامتدادات الزمانية والمستقبلية الواعدة.. وماكان للمعارضة الوطنية أن تقف في حاضرها مواقف شبهة تؤثر عليها في المستقبل لأنها مطالبة أن تحرص دائماً وباستمرار على أن تكون صاحبة صفحة جديدة ومشرقة وغير ملوثة.. طالما كانت تعلم سلفاً أن الهيئة الناخبة هي صاحبة القول الفصل في منح الثقة وحجب الثقة للمرشحين المتنافسين على بوابة التداول السلمي للسلطة، لأن عدم الحرص على تجنب المواقف المثيرة للشبهات الجدلية يدل على جهل في الأساليب السياسية الموجبة للوضوح والاستقامة في مجمل مواقفها وعلاقاتها السياسية.. لأنها أحزاب وطنية تؤمن فقط في الأساليب والوسائل التنافسية السلمية وترفض أية أساليب فوضوية وإرهابية ومروجة للعنف نظراً لما تنطوي عليه من عدوان على الحياة والحرية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أقول ذلك وأنا على يقين أن أحزاب المعارضة المؤمنة بالتداول السلمي للسلطة تدرك سلفاً أن المتمردين الحوثيين لايمتلكون أي نوع من أنواع المبررات المعقولة والمقبولة لتبرير مايقومون به من إقلاق للأمن والاستقرار وانتهاك للسكينة العامة وقطع للطرقات وسلب ونهب للممتلكات العامة والخاصة وإراقة للدماء وإزهاق للأرواح مهما حاولت اللجوء إلى تبرير مواقفها الرمادية عن طريق المطالبة المبهمة في إيقاف الحرب دون إدانة للمعتدين الذين يحاولون إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف وبعث الحياة للإمامة التي لايتذكر عنها الشعب اليمني سوى الفقر والجهل والمرض والظلم والعزلة الدولية وغير ذلك من أنواع التخلف الذي يجعل الحياة أقرب إلى ماقبل التاريخ من البدائية المتوحشة منها إلى الحياة العقلانية التاريخية المستبدة التي تجعل المحاولة عبثية وفاشلة وغير معقولة وغير مقبولة.