- حين سجّل أبشع جريمة له بحق الممرضات والمرضى في مستشفى العرضي عكس الإرهاب وجهه الحقيقي في لحظةٍ كاد أن يتسع التعاطف – المستعيد ذاكرة المنبت لهذا التنظيم في جبال تورا بورا والجهاد ضد الشيوعية ردحاً من الزمن- مع صوته وشعاره المرتدي للمحمــد محمــد إبراهيـــــم -
حين سجّل أبشع جريمة له بحق الممرضات والمرضى في مستشفى العرضي عكس الإرهاب وجهه الحقيقي في لحظةٍ كاد أن يتسع التعاطف – المستعيد ذاكرة المنبت لهذا التنظيم في جبال تورا بورا والجهاد ضد الشيوعية ردحاً من الزمن- مع صوته وشعاره المرتدي للدين والشريعة والعدالة، لكن هوليود جرمه الواقعي، قَلَبَ السحر على الساحر، وأبى إلا أن يؤكد أن الأديان كلها لا تبيح ما حصل في العرضي من قتل وتنكيل للأبرياء، فالعقل الإنساني- الذي كان ولم يزل وجهة خطاب الرسالات السماوية وخلاصتها الخالدة المتمثلة في القرآن الكريم- أدرك حينها أن ما جرى في العرضي في يوم مشؤوم من تاريخ اليمن، هو صادر عن فطرة غير سوية وأنىَّ لها أن تقنع أحد بمنطقية فكرها الإجرامي..
لم تكن تلك الحادثة الإجرامية-التي قلبت موازين الشك إلى اتزان اليقين- مجرد محاولة لبث الرعب في كيان المجتمع اليمني ومؤسسات دولته القائمة، وبالتالي التسليم بأمر واقع الإرهاب كقوة يمكن لها أن تسود، بقدر ما كانت محاولة لإيقاف المساعي المحمودة على طريق بناء دولة الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية، التي تبذلها القيادة السياسية ممثلة بالمشير عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية – الذي كان وجوده هناك مبعثاً آخر للصمود والإصرار على الانتصار وإيصال الرسالة غير منقوصة لأعداء الإنسانية، بأن الدفاع عن حياض الوطن شرف يبتغيه الأبطال، وطلب الموت ثمرته الحياة الكريمة..
بنفس السيناريو واختلاف الأدوات والأهداف، تتعرض المنطقة الرابعة بعدن الباسلة لهجوم غادر وجبان، لكنه هذه المرة لم يكن يستهدف مسيرة القيادة السياسية وعمق الدفاع فحسب، بل كان أيضاً محاولة لجس نبض واقع القوات المسلحة ومؤسسات الدفاع الوطني، التي يخال للإرهاب أن ما جرى عبر العقود من شد وجذب واستهداف وإضعاف، قد أوهنها وأن خاصرة الضعف هي عدن ومنطقته الرابعة الهامة، لكن ما حدث قلب الصورة الذهنية رأساً على عقب، مؤكداً أن مؤسسة الجيش اليمنية – الحصينة ببسالة أبنائها الأشاوس وشهدائها الأبرار- قد تجاوزت مرحلة الخطر وأسقطت عنها أغلال جحيم الانقسام والتشرذم..
إن النموذج الذي قدمه جنود المنطقة الرابعة بعدن من صمود وتضحية بطولية قد أثبت بكل المقاييس أن القوات المسلحة وثَّابة على مسار بناء اليمن الحديث، وحراسة أمنه وسيادته من أي متربص أو غويٍّ مبين، وأن الركب ماضٍ في سبيل النصر للدولة القوية والعادلة الشاملة إن شاء الله، بفضل بسالة وتماسك جيش الوطن الواحد، وإصرار قيادته الحكيمة على مواصلة السير إلى الدولة اليمنية الحديثة..
لقد أثبت أبطال المنطقة الرابعة، الصمود معناه النصر، وأن التضحية معناها الحياة، وأن هلاك الركب في الأخطار المحدقة، لا يعني الموت، فالشهادة بحد ذاتها طلائع ركب جديد، لأن الحق هو المنتصر ولو بعد حين..: " لن تطفئوا مهما نفختم في الدُّجى هذي المشاعل / الشعب أوقدها وسار بها قوافل في قوافل"..
خلاصة القول: إن الإرهاب ومن يموله لا يمكن له أن ينتصر بدماء الأبرياء تحت أي مبرر، فكلما ارتكب جرما، تمادى في قطع حبال الأمل في التواصل مع الحياة ومع أي مشروع يمكن له في المستقبل أن يكسب ثقة الناس.. والأغرب أن الدروس التي تلقاها لم تفده في شيء، سوى كشف سوء ما يقترفه على خارطة تتسع يوماً بعد آخر، وعليه أن يسأل نفسه: من هو الشهيد ؟.. أهو المُعْتَدِي الذي خالف قول الله تعالى:" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق.."، وحَكَم على نفسه بما أوجبته العدالة الإلهية:" وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ". أم هو المُعْتدي عليه الذي تمثَّل قول الله تعالى : " وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ... ".. صدق الله العظيم.. فإن كان هذا هو شرع الله، فتحت أي شريعة تقتلون أبناء الوطن من الجيش والمدنيين والأطفال والنساء ؟!!!!..