|
|
|
|
|
تبرعات تذهب للتعمير وأخرى تذهب للتدمير فهل ننتبه !
بقلم/ إستاذ/فريد باعباد
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 4 أيام الثلاثاء 23 فبراير-شباط 2010 06:10 م
الإسلام أوصانا بعمل الخير ونحن تعودنا على ذلك منذ الصغر وتربينا على ذلك منذ نعومة أظافرنا، وشواهد أعمال الخير كثيرة في بلادنا ، وفي كل قرية ومدينة ، ولو عرجنا على أعمال الخير فمنها المستوصفات والمستشفيات والمدارس وأجهزة التعليم في المراحل العامة أوالجامعية وأكثر من ذلك بكثير.
ومسألة التبرعات العينية التي يقوم بتجميعها المحسنون كأجهزة المستشفيات والمختبرات واحتياجات المدارس والمستشفيات كثيرة جداً وقد يتسابق المحسنون في عمل الخير لبناء وطنهم وهذا من أقدس الأعمال الخيرية التي يستفيد منها المجتمع حيث لاشك في ذلك .
والدولة بكل هيئاتها تشجع هذا المجال وما وجود الكم الهائل من أعداد الجمعيات الخيرية الرسمية إلا دليل على تشجيع الدولة اليمنية لهذا المجال مادام يسير في اتجاه فائدة المجتمع وفئاته المحتاجة. هذه الصورة هي عكس الصورة تماماً عما كانت عليه قبل الوحدة اليمنية في جنوب الوطن اليمني حيث كان من المحرمات تقديم دعم أو مساعدة لأي مرفق أيّاً كانت حاجته للدعم ماسة وأتذكر أن مغترباً من منطقتنا حمل معه مجموعة مصاحف تبرعاً للجامع فصودرت منه، لذلك شتان بين الحالتين .
والآن نرى الكثير من المواطنين والمغتربين والتجار وذوي الأصول اليمنية يساهمون في تطوير أوجه الحياة في بلادهم وبلادنا بل قفزت مساهماتهم إلى درجات أرقى في إنشاء مجمعات تعليمية وكليات جامعية ومستشفيات ومدارس بل وطرق وكهرباء، وهي مساهمات يشكرون عليها خاصة وأن تلك التبرعات أتت أكلها لصالح المجتمع اليمني.
لكن هناك فئات غير نظيفة يجب توخي الحذر منها وهي تهدف من جمع التبرعات صناعة القلاقل والفتن وديمومة وجود الاضطرابات والتخريب والتدمير للوطن ومقدراته ، والفرق هنا واضح بين من يسعى لجمع تبرعات لتأثيث مختبرات مدارس ثانوية ومستشفيات لعلاج المحتاجين من المواطنين وبين من يسعى لجمع تبرعات تحت دعوى مساعدة الناس وعلاجهم بينما في الحقيقة مساعدة من يقوم بالتمرد والتخريب والقتل وإشعال فتنة في شراء أسلحة قتل وتدمير وتوزيع أموال لشباب عاطل للاستمرار في التخريب .
الحقيقة أن المواطن والمغترب يجب أن يتنبه إلى أن هناك بين ظهرانيه أناساً يجمعون ويسعون لجمع تبرعات لتقديمها لمشعلي الفتنة دون أن يعلم مصير تبرعه وأين ذهب ؟ وهل ذهب لإنشاء مستوصف أو مسجد أو مدرسة أم أن المبلغ الذي دفعه ذهب ليقتل مواطناً سيحاسب عليه عندما يقابل رب العالمين .
إنه لمن المخزي والمعيب أن يبذل الواحد منا جهوده طوال الساعات والليالي والأيام في جمع المال وفي النهاية يقدمه وهو يدري أو لا يدري إلى جامع لتلك الأموال ليقدمها بدوره إلى قاتل ومجرم ومخرب، ففي الوقت الذي تعاني فيه كمغترب معاناة شديدة في غربتك تجد أن من تصله دراهمك متكئ على وسادة يلعب بأوراق القات بعد أن لعب بأرواح الأبرياء من الناس وتجده مستلقياً يفكر من سيكونون ضحاياه يوم غد وأين سينفذ جريمته وأين سيفجر قنبلته التي اشتراها بمالك؟
هؤلاء الناس وإن كانت لهم قضايا فقد فقدوها وأصبحوا أمام الشرع والقانون مجرمين وأنت بتبرعك لهم أصبحت مجرماً مثلهم وإن لم تكن تعلم بذلك، وتلك مصيبة لا يمكن لعاقل راشد أن يقبل بأن يدفع من عرق جبينه مالاً يذهب إلى عصابة من القتلة والمجرمين بدلاً من أن تذهب إلى طلبة ومرضى ومحتاجين.
إن هؤلاء المجرمين الذين يوجهون أسلحتهم إلى المواطنين ويقطعون الطرقات ويسرقون ويحرقون كل شيء أمامهم هم قتلة ولا يجب مساعدتهم إطلاقاً مهما كانت القضايا التي يحملونها، وكذلك من يسلك طريق التطرف والتشدد ويتمنطق بسلاحه متذرعاً بالدين هو مشروع متطرف قاتل وعضو في القاعدة ستراه غداً يلف حول جسمه حزاماً ناسفاً ليقتل به أُناساً أبرياء بمال أنت قدمته متبرعاً دون أن تدري أنك تساهم في القتل ومصيرك الحساب عند رب العالمين وقد يكون أحد الضحايا قريباً أو عزيز عليك دون أن تدري .
يجب أن ندرك جميعاً أن هناك طريقين للتبرع إما طريق يؤدي إلى تطبيب الناس ومعالجتهم وتعليمهم ومساعدتهم وهذا هو طريق التعمير، تعمير فكر وعقل وجسم الإنسان ولا شك أن هذا الطريق واضح للعيان وملموس أمام الجميع ولا تشوبه شائبة ولا نستطيع أن نقول عنه غير ذلك، أو طريق مشبوه غير واضح فيه سلوك من يسعون لجمع تلك التبرعات الكاذبة وما فيها من الخداع الكثير وهو عكس طريق التعمير وهدفه التخريب والتدمير .
البلد بلادنا جميعاً والأهل أهلنا جميعاً من واجبنا أن نساعد كل محتاج ونتبرع لمساعدته بما نستطيع ، لكن يجب أن نكون حذرين جداً من الذين يجمعون التبرعات فكثيراً منها ذهبت إلى غير مقصدها بل وسجلت سيئات على أصحابها بينما كان يريدها حسنات ..فهل ننتبه ممن يطلبون التبرع حتى لا نندم يوم الحساب ؟! .
baabbadf@hotmail.com |
|
|
|
|
|
|
|