بقلم/ المحرر السياسي
ثمة أشخاص تتيح لهم الظروف دخول التاريخ من أوسع أبوابه .. فإذا ما كانوا غير جديرين ولا مؤهلين يخرجون سراعاً مصحوبين بسخط الجماهير , ولعناتهم.
< < <
وفي التاريخ اليمني الحديث ؛ اندسّ عملاء ومرتزقة بين فصائل العمل الوطني بدعم من المستعمر البريطاني، أو من الدول التي لطالما حاكت المؤامرات ضد الثورة اليمنية بشقيها السبتمبري والأكتوبري .. وبعد انتصار الثورة على الإمامة والمستعمر تسلّق أولئك العملاء على ظهور الشرفاء .. وفوق أكتاف الثوار .. وبرزوا في قيادات الصف الأول باعتبار أن لهم إسهامات في القضية الوطنية.
< < <
إنَّ دخائل النفوس تتجلّى واضحة بمرور الزمن , ومعادن الرجال تنصهر في بوتقة العمل الوطني ؛ فيستبيّن الطيب من الخبيث .. والمخلص من المتـآمر.. والغيور من المرتزق.. والعميل من الزعيم..
< < <
وللدلالة على ذلك ؛ فثمة فرق بين المناضل قحطان الشعبي ـ أول وزير للوحدة في حكومة سبتمبر 1962م , وأول رئيس لحكومة ما بعد طرد الغاصب البريطاني ـ وبين المدعو علي سالم البيض؛ الذي انتهى به الأمر زبوناً دائماً لحانات بيروت، يرمي بأمواله المدنسة تحت أقدام الراقصات .. برفقة صهره المطرب ملحم زين !!.
< < <
والمسافة بين المناضل محمد علي هيثم والعميل محمد علي أحمد كالمسافة بين السماء والأرض .. فهيثم قضى حياته مناضلاً لا تلين له قناة .. وله مواقف لا ينساها الشعب اليمني تجاه الثورة وإعادة تحقيق الوحدة والحفاظ عليها.. ولا يزال مذكوراً بالمحبة والعرفان من كل يمني غيور.. وأما الثاني فقد عاش مندسّاً في صفوف الوطنيين .. وبانت خبيئة نفسه مع أول موقف يستدعي النبل والرجولة والتضحية.. وهاهو يتسكع في شوارع لندن.. خالياً من الحياء والكرامة، بعدما بانت سوأته، التي طفق يخصف عليها من أوراق الارتزاق .. فالمال المدنس قد يجلب لصاحبه المتعة إلا أنه يفقده احترام النفس وتقدير الذات... ويمنحه ازدراء من حوله .. ومقت واحتقار من دفعوه ودفعوا له .. فهو لا يزيد عندهم عن عميل وضيع باع شرفه وكرامته، وتخلى عن مبادئه وقيمه... وقس على هذا "الوضيع" أشباهه : عبدا لله الأصنج وحيدر العطاس والحسني والباسندوة .. فهم ـ على قلتهم ـ صاروا أشهر من نارٍ على علم, في العمالة والارتزاق.
< < <
إن حقائق التاريخ تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن العملاء لا يمكن أن يتحولوا إلى زعماء .. ومهما حاولوا ارتداء أردية المناضلين إلا أن أفعالهم تكشف سرائرهم.. ومن يتصدى لقيادة الجماهير لن يقبل على نفسه البتة المتاجرة بقضايا شعبه .. والسير في ركاب المتآمرين على وطنه.. فالزعامة تتجلّى من خلال الكفاح والإيثار والصبر على الأزمات ومواجهة التحديات والتضحية بالنفس والنفيس.. ليظل الوطن شامخاً موحداً.