ـ أمر الحجاج بن يوسف بقتل سعيد بن جبير وهو مسلم ويشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. وبمجرد أن تمت عملية القتل بدأ سعيد بن جبير يلاحق الحجاج في صحوه وفي منامه إلى أن مات الحجاج بعد أقل من أربعين يوماً كما تشير بعض الروايات التاريخية.. انتصر الضحية على الجلاد ولم تكن عملية القتل نهاية المعركة.
اليوم ثمة قضية ساخنة تفوح منها رائحة الدماء شبيهة بقصة الحجاج وسعيد بن جبير ولا فرق بينهما سوى السيف والسكين..
ومثلما كان سعيد بن جبير يردد الشهادة، كان ضحايا المذبحة التي ارتكبها عناصر الإجرام في حضرموت بحق جنود مسلمين لم تشفع لهم شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله أمام المجرمين ولكنها بلا شك ستنفعهم أمام الله القوي الجبار.
قتل المجرمون الجنود الذين لا ذنب لهم سوى أنهم جنود وظنوا بأنهم انتصروا عليهم وعلى البلد بشكل عام، وظنوا أنهم قد أنهوا معركتهم مع الجنود بقتلهم بطريقة بشعة، والحقيقة التي لا مفر منها أن معركة الشهداء مع القتلة المجرمين ستبدأ من الآن كما بدأت معركة سعيد بن جبير مع الحجاج بعد أن قتله وهو يشهد شهادة التوحيد.
ـ كل المبررات التي سيقودها القتلة لمواجهة الرأي العام لن تغني عنهم شيئاً.. ولا يمكن للفطرة السوية أن تنقاد خلف مبررات القتل العبثي الوحشي، أو يصدق الناس أن القتل بهذه الطريقة هو دفاع عن الله..
الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة لمن يدافع عنه بالإفساد في الأرض وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
الله ليس بحاجة لمن يدافع عن دينه بهذه الطريقة البشعة التي لم يسبق مثلها بهذا العدد والأسلوب.. لا يمكن أن يكون الدفاع عن الدين بهذه البشاعة.. ولا يمكن لهذا الأسلوب الموغل في الإجرام أن يتناسب أو يتفق مع من قال لمن أخرجوه من مكة “ أذهبوا فأنتم الطلقاء” فصلوات الله وسلامه عليه..
جريمة سوف يلاحق وزرها أصحابها وسوف تلاحق أرواح الضحايا أولئك القتلة حتى ينالوا ذات المصير، ولله جنود السموات والأرض.
إلى أين يريدون أن يصلوا بهذه الجرائم؟ ولماذا لم تستوقفهم شهادة الضحايا بالتوحيد لله سبحانه وتعالى.
ألم يقرأوا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تبرأ من أحدهم بعد ما قتل إنساناً نطق بالشهادة في المعركة وكان كافراً فأسلم ونطق بالشهادة رغم أن المبرر كان عند من قتل بأن المقتول ما نطق بالشهادة إلا هروباً من السيف والموت ومع هذا لم يقبل هذا المبرر عند النبي صلى الله عليه وسلم لو كان القتلة يعرفون الله ورسوله لا ستوقفتهم الشهادة ولتذكروا هذه القصة التي يعرفها أغلب المسلمين، ولو كان هؤلاء القتلة يعرفون الله ورسوله لما تجرأوا على قتل أناس عزل وقد أمسكوا بهم وقيدوهم.
كان حري بهم معاملتهم كأسرى وبأخلاق المسلمين وسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي ما أمر يوماً بإعدام أسير أو بالإجهاز على جريح في معركة وكان يحارب الكفار.
لا شك بأن جملة «لا تذبحوني أنا مسلم» وجملة الشهادة التي رددها الجنود وهم يرون المجرمين يشحذون سكاكينهم لذبحهم دون رحمة ودون وازع من دين يحرم قتل الناس بهذه الطريقة ولو كانوا محاربين ولو كانوا كفاراً ولو كانوا أعداء لمن قتلهم.
رغم شدة المصاب وبشاعة المشهد وكثرة عدد القتلى الذين نحسبهم عند الله شهداء إلا أن بشائر الخير ستأتي من دمائهم ولسوف تسقط هذه البشاعة ويهزم هؤلاء الذين استباحوا دماء المسلمين قبل غيرهم ووجهوا إمكانياتهم نحو أبناء جلدتهم دون وعي بما يفعلون.