* بعد صلاة الفجر، يحمل الكاتب الصحفي الرحال عبدالرحمن بجاش، كامرته الثاقبة، يطوف القرى والأزقة.. والمقاهي.. والحارات.
* ينبش بحرص وأناقة مود. حسين العواضي -
* بعد صلاة الفجر، يحمل الكاتب الصحفي الرحال عبدالرحمن بجاش، كامرته الثاقبة، يطوف القرى والأزقة.. والمقاهي.. والحارات.
* ينبش بحرص وأناقة مواقع الذكريات، يتفحص الوجوه، يلمع الأسماء, يلتقط التفاصيل الصغيرة كما لم يفعل أحد من قبل.
* ثم يحمض.. ويلون.. ويبروز لقطاته المدهشة للأمكنه.. والأشخاص.. والمدن.. والشوارع, ويسكبها لغة سلسة بسيطة.. ومفردات أليفة لا غرور فيها ولا نفور.
* يتذكر ويصف.. ويكتب فينصف، كم من الأسماء ـ المطمورة ـ أزاح عنها عبدالرحمن غبار النسيان والنكران فأعاد لها البريق الذي تستحق.. والإنصاف الذي شاب وغاب.
* أسماء مرت في حياتنا متواضعة.. مخلصة.. نقية أثرت في أجيال متعاقبة، وكانت قدوة صالحة وعلامة بشرية وزمنية فارقة في تاريخ الوطن.
* من بين هؤلاء يذكرنا الزميل الأثير والكاتب القدير بالمربي الفاضل الأستاذ الراحل محمد علي ناجي الكميم أحد أعلام الإدارة المدرسية.. ومؤسسيها وروادها.
* الأستاذ المدير، اسم تطرب له الأسماع وتأنس له النفوس، مهابة.. وفخامة رؤوف.. حازم.. مثقف حصيف.. شحيح الكلام والخطابة.. شعلة متألقة من العمل والنشاط والتفاني.. والالتزام.
* وهي صفات كانت ثم بادت يتبارى عليها مدراء المدارس.. كل منهم يبحث عن أفضل المدرسين وأنجح طرق التعليم.. يريد لتلاميذه أن ينجحوا.. ويتفوقوا.. وكان الأستاذ الكميم في الطليعة.. له السبق والريادة.. والتفوق والقيادة.
* وأنظروا إلى مدراء ومدارس اليوم، ارتفعت أسوارها وقلت بركتها.. ما عدت تنجب غير الكسلا المتقاعسين ومدراء يجيئون ويرحلون.. فلا يتذكرهم أحد.
* حين أفتتحت ثانوية الكويت بحي البليلي أختير لإدارتها الأستاذ الجليل.. حوّلها إلى مؤسسة تربوية وتعليمية مرموقة.. وكان طلاب الدفعات الأولى يفاخرون بها.. أمام طلاب المدارس الثانوية وكأنهم في جامعة السوربون.
* يومها كان وزراء التربية رجال كبار يختارون لإدارة المدارس، أقدر الكفاءات، ولا يبحثون عن موظف ضعيف.. كسول.. وجاهل.. يتقافز فوقه الطلاب.. لا هيبة له.. ولا احترام.
* سقوط التربية.. وتعثر التعليم.. بدأ حين تسلق الجهلة.. والضعفاء.. والمتحزبين إدارات المدارس.. وحين تنهار الإدارة ينهار كل شيء.
* في عهد الأستاذ الكميم، كانت ثانوية الكويت.. أكبر من مدرسة.. وأقرب إلى جامعة.
* إذاعتها المدرسية التي تفتح بثها من الساعة السابعة.. بصوت الثنائي النشيط غازي الأغبري.. وأحمد حسن جحاف.. يصغي له طلاب المدارس المجاورة.. وسكان الحارة الذين صاروا يفتخرون بهذا المعلم الكبير.
* فرقتها المسرحية قدمت عروضاً ممتعة.. وفرقها الرياضية التي كان يقودها الكابتن الراحل سمير العقر خطفت الأضواء.. والكؤوس.. والبطولات.
* وفيما بعد فإن الطلاب الذين لم يتفوقوا في درجات التخرج، صقلتهم هذه الأنشطة احتلوا مواقع مرموقة.. سفراء.. ووزراء ومحافظين.
* أما طلابها الأوائل المتميزين، فإنهم الآن من أشهر.. وأنجح الأطباء.. والمهندسين د. توفيق البعداني.. د. عبدالقار المنصور د. أحمد المترب د. جمال بعثر د. عبدالكريم الخولاني د. محمد الشهاري.. وآخرين من الزملاء النجباء المتفوقين.
* كان الأستاذ الكميم مدير بدرجة رئيس جمهورية مبجل ومحبوب، لا يستخدم العصا.. غير أن في عباراته الحريصة الساخرة حرقة منبهة حكمة، وحرص.. ومحبة.. أكتشفنا أثرها وقيمتها بعد سنوات طوال.
* آخر أيامه شغل وظائف مكتبية حكومية لم تعجبه.. ولم ترضه.. كان شارداً حزيناً.
* رغبته أن يظل مديراً لمدرسة ابتدائية هذه مهنته وحرفته.. وذاك شغفه وعشقه.. رحمه الله.. وجزاه عن تلاميذه وافر الخير.. الراحل الأثير.. الأستاذ المدير محمد علي ناجي.
أضف تعليقاً على هذا الخبر